البحرين لا تستطيع تقديم خدماتها للمواطن البحريني إلا بالاقتراض.
فوائد الدَين العام سنوياً مليار دولار.. الفوائد فقط.
عجز الصناديق التقاعدية سنوياً 300 مليون دينار.
والحل؟
يقول النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو لن يكون إلا بحوار داخل البحرين من متخصصين نظرتهم للوطن إيجابية لإيجاد حلول لمشاكلنا الاقتصادية.
ما قاله الأستاذ جمال فخرو من أرقام وإحصائيات ليس بالجديد، إنما كرره ونكرره حتى لا ندفن رأسنا في الرمال، أما ما قاله عن ضرورة وجود حوار داخل البحرين من متخصصين ونظرتهم إيجابية فهذه هي المعضلة صدق أو لا تصدق، ليست المعضلة بحجم الفائدة و كيف ندفعها سنوياً بل المعضلة بالقبول بحوار داخلي بحريني مع متخصصين.
أولاً هل الحكومة مستعدة لقبول فكرة الحوار الداخلي مع المتخصصين على طاولة واحدة يستمعون لبعضهم البعض؟ سواء كانت خارج إطار الإملاءات أو هذا هو الموجود؟
هل مستعدون للجلوس مع دائرة أوسع من اللجنة المالية للشورى واللجنة المالية للنواب؟
هل يقبلون بتداول الاقتراحات والاستماع بل الإصغاء لما يمكن أن يفتح نافذة أمل لهذه الأزمة المزمنة؟
والله نأمل ذلك وصدقوني ذلك لن يكون انتقاصاً من أداء الحكومة أبداً، فما خاب من استشار، أما الاكتفاء بطرح البرامج من جهة بطريقة الإملاءات دون إعطاء بدائل آلية مستمرة منذ سنوات، على اعتبار أننا فكرنا ولم نجد غير هذه الحلول، وذلك حين تطرح الميزانية أو برامج الحكومة، فهذا الذي جعلنا ندور في ذات المكان.
وحتى لو قلنا إن هناك مناقشات وتداولات في تلك الاجتماعات إلا أنه وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة لم تخرجنا من عنق الزجاجة، هل بسبب عدم الاستماع؟
هل بسبب عدم وجود اقتراحات قابلة للتنفيذ من قبل اللجنتين أو المجلسين؟ هل بسبب تكرار السير على ذات النهج والحصول على ذات النتائج؟
وقد يكون السبب كل هذه الأسباب مجتمعة، المهم أن النتيجة والمحصلة النهائية أننا مازلنا في عنق الزجاجة.
السؤال الثاني وهي نقطة جوهرية طرحها الأستاذ جمال فخرو وقد تكون هي التعجيزية.
هل لدينا متخصصون إيجابيون؟
هذه والله هي كالبحث عن إبرة وسط كومة قش، ليس لأنه هناك انسداد في عنق الزجاجة ولا إيجابية في حالنا، أبداً.. ليس هذا هو الحال، بل أن الإيجابية موجودة دائماً حتى في أسوأ من حالاتنا، لكننا لا نجد مثل هذه الروح في البحرين إلا نادراً مع الأسف.
دول عايشت أزمات أسوأ من أزماتنا والأمثلة كثيرة لكن كان لديها متخصصون يملكون روحاً إيجابية ينظرون لنصف الكأس المليان ولديهم دائماً مخارج ومنافذ ونظرة تفاؤلية واقعية لاوهمية وساذجة، يعرفون مصادر القوة ويفكرون خارج الصندوق ولديهم نظرة واسعة شمولية لا تقف عند التحديات فقط بل تعرف كيف تتجاوزها وتفكك العقدة واحدة تلو الأخرى، مؤمنة بمقدراتنا وكفاءات أبنائها وأخرجت البلاد من أزمات تفوق أزمتنا.
هذه الشخصيات إن وجدت أي متخصصون أو خبراء بحرينيون أو رجال أعمال لديهم بُعد نظر متفائلون إيجابيون فليتقدموا الصفوف ويعلنوا استعدادهم للجلوس.
نطالب فعلاً بالبدء بالحوار الداخلي البحريني الوطني الاقتصادي الإيجابي. فليس من الطبيعي أن يظل الدَين متراكماً ويتصاعد ولا نفعل شيئاً غير مزيد من الاقتراض وزيادة في الفائدة.. إلى متى؟
وليس طبيعياً أن نكرر أنفسنا ونصر على أن هذا هو الموجود «خذوه» أو «اتركوه».
والله سنرفع القبعة للحكومة إن هي دعت لاجتماع حوار وطني اقتصادي متخصص مغلق بعيداً عن الإعلام و الصحافة.
حتى لا نتبادل فيه الاتهامات فقط، وحتى لا نستعرض فيه العضلات الصوتية فقط، وحتى لا نكتفي بعرض الأزمات والمشاكل فقط، ولا تضغطنا الاستحقاقات الشعبوية ونبحث عن مصفقين ومهللين فقط.
سنرفع القبعة للحكومة إن هي فعلت ذلك وإن وجدنا متخصصين إيجابيين وطنيين مؤمنين بقدرتنا على تخطي عنق الزجاجة ولديهم مخارج منطقية وعقلانية في الطرح ولديهم من محبة للوطن ما يجعلهم يقبلون الإيثار والتضحية بعدم الاستعراضات الإعلامية فربما ربما ينجحون في إدارة العجلة من جديد.
نأمل أن نسرع بعقد هذه الجلسات وتقديم مقترحاتها وتوصياتها لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وسيكون التقدير و«الكرديت» للحكومة لأنها قامت بمثل هذه الخطوة الشجاعة.. فما خاب من استشار.