كما كان متوقعاً، لم تلتزم إسرائيل بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة، والتي تتضمن اتفاق وقف إطلاق النار، بل تمادت إسرائيل في استهداف الشعب الفلسطيني، متعذرةً بملاحقة أعضاء منظمة «حماس»، ولكن الحقيقة هي استمرار استهداف أهالي غزة لزيادة معاناتهم.
إسرائيل تدرك أن الشعب الفلسطيني في هذا الوقت هو أكثر ما يحتاج إلى الاستقرار والسلام، ليس لتفادي ويلات الحرب فقط، بل للصمود ومكافحة قسوة الشتاء، ولكن إسرائيل حرمت هذا الشعب الشقيق من هذه الحقوق البسيطة، وتستمر ترسانة الحرب الإسرائيلية في قصف أهالي غزة منذ دخول تلك الخطة حيز التنفيذ بداية أكتوبر الماضي، والتي وصفتها بعض التقارير الإعلامية لاحقاً بالخطة الهشة، بعد مرور عدة شهور على تنفيذها، نتيجة لاستمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وإصرارها على النيل من الشعب الفلسطيني الذي استشهد منه أكثر من 400 شخص، منذ بداية تنفيذ الخطة، كما صرحت السلطات المحلية في غزة مؤخراً.
ومع انتهاك إسرائيل لخطة ترامب للسلام في قطاع غزة، فسيبقى السؤال الأهم وهو كيف سيتم تنفيذ المرحلة الثانية من هذه الخطة، والمتعلقة بنشر قوات استقرار دولية، وتشكيل «مجلس سلام» وحكومة تكنوقراط محلية تدير القطاع، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي للقطاع؟، وأرى أن الحديث عن كل تلك التفاصيل ومع تمادي الإسرائيليين أمر في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً أصلاً.
إن غزة تشتكي من ازدياد معاناتها وكثرة الشهداء والمصابين من أبنائها، وتكوم الركام فيها، نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي، لذلك ليس من المنطق هنا الحديث عن مستقبل السلام الذي يترنح أصلاً في القطاع هذه الأيام، بسبب إسرائيل التي تُصعب من استمرار خطة ترامب، وتقضي على كل فرص السلام فيها، ولقد سبق وأن حذرنا في مقالات سابقة من عدم التزام إسرائيل بهذه الخطة، وبالفعل إسرائيل التزمت فقط عشرة أيام بهذه الخطة، ثم سرعان ما عادت لعادتها في ممارسة إرهابها على أهالي غزة.
أعتقد أن الولايات المتحدة مطالبة بالدرجة الأولى بوقف الانتهاكات الإسرائيلية لخطة رئيسها للسلام في غزة، خاصة وأن الرئيس ترامب سيلتقي رئيس وزراء إسرائيل في فلوريدا 29 الشهر الجاري، وهي فرصة للضغط الأمريكي على إسرائيل من أجل التزام الأخيرة بالخطة المذكورة، وبالتالي إمكانية المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من تلك الخطة بيسر ودون تعقيدات، فلا بد من تحمل جميع الأطراف المعنية للمسؤولية، والالتزام بالتنفيذ الكامل للاتفاق، لأن تضافر الجهود الإقليمية والدولية من شأنه الإسهام في تحقيق وقف شامل ودائم للحرب، وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية لأهالي غزة.