التربية الانفعالية نمط من التربية يقوم على المبالغة في التّعامل مع الطفل؛ فهناك مبالغةٌ في حمايته والاهتمامِ الزائد به حتّى يشعُر بالعَجْز عن القيام بأيّ أمرٍ، كمَا أنّ هناك مبالغة في تخويفه وتهديده على أبسط الأمور، وَكلا الأسلوبين لا يُعدّان مِن الحلول التربوية السليمة؛ لأنّهما يخلقان بيئةً غير آمنة نفسيّاً وعاطفياً، وقد يؤديان إلى اضطرابات في شخصية الطفل، أو خوف دائم لديه، أو اتكاله على الآخرين.
ومن الملاحظ أن البعض يبالغ في تأديب الطفل بدافع «تربيته على الرجولة»، فيصدُر عنه ردّ فعل غير متزن تجاه خطأ الطفل، يصل أحيانا إلى الانفعالية وفقدان السيطرة على الغضب، فيُجرّح ولا يُصحح، ويُخرّب ولا يثمر؛ ويهدم ولا يبني، بينما المربّي القادر على التّحكم في انفعالاته والتعبير عن مشاعره بلطفٍ وهدوءٍ هو المربّي الأقدر على تربية طفلٍ متوازن، لأنّه يعلّمه مِنْ خلال أفعاله معنى التّحمل والمرونة والصبر والصمود أمام الضغوط.
وقد أشارت الدراسات إلى أن التربية الانفعالية تسبّب القلق والخوف لدى الأطفال، وأن أثرها قد لا يظهر فوراً، لكنه يظهر لاحقاً على شكل تردّدٍ أو تلعثمٍ أو رهاب أو سرعةِ انفعال، ويرى بعض الخبراء أن أسوأ أنواع التربية هي القائمة على «التاءات السامّة»: التوبيخ، الترهيب، التهميش، التهويل، التلوين، التأنيب وأخواتها، التي ترسّخ لدى الطفل الاعتقاد بأنّه غير محبوب مِنْ والديه! أو أنّ أحدهما يكرهانه، أو ينبذانه، وهذا مكمن الخطر!
ومن هنا يجب على المربي أن ينظر إلى الطفل كمشروع استثماري مستقبلي، وأن يصبر عليه ويوجهه التوجيه السليم عند الخطأ؛ لأن التربية بناء شخصية، وليست طاعة عمياء، ودور المربي تصحيح المسار، لا تحطيم الذات.
كما يجب عليه أن ينتقي كلماته في التعامل مع الأطفال كما ينتقي ملابسه وأصدقاءه، فالكلمات تُغرس في القلب وتُظهر آثارها في التعامل، والأطفال لا يتعلمون بالقسوة، بل بالحب والحماس والتشجيع والتقدير والحفاوة.
شمعة أخيرة:الأطفال بذور المستقبل، وغرس الغد، وما نزرعه فيهم من حب ورعاية سيزهر في حياتهم كلها.
* كاتب وتربويد. سعد الله المحمدي