منعت الدولة استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة بشكل مباشر «دون لف أو دوران»، والسبب بكل بساطة هو المحافظة على سلامة السائق ومن يستخدم الطريق من الحوادث المميتة. إن الإصرار على استعمال جوالك وأنت تسوق سيارتك يعتبر انتهاكاً لحياة الآخرين، ولأن الطريق ليس ملكك بل هو ملك للجميع وبما أن المحافظة على أرواح الناس مهمة للغاية كان المنع واجباً.

من المخزي والمعيب أن يستخدم الفرد هاتفه الجوال أثناء السياقة، كذلك من المعيب أن يستخدم الإنسان هاتفه الجوال في الأماكن والأوقات التي ليست ملكاً له كأماكن العمل. إن انتشار ظاهرة استعمال الهاتف الجوال في الدوائر الرسمية وحتى غير الرسمية بات أمراً غير حضاري وليس بالأمر المقبول على الإطلاق. فالموظف الذي يستخدم هاتفه النقال -لأي سبب كان- أثناء الدوام الرسمي وأمام أعين المراجعين أو حتى على باب الوزارة أثناء الاستراحة يعتبر سلوكاً مشيناً للغاية، فلك أن تتخيل كم يؤذيك منظر الموظف المشغول بهاتفه النقال عنك وعن المراجعين في الوقت الذي تحسب فيه الدقائق والثواني المهمة من حياتك لإجراء أمور أخرى لا تقل أهمية عن معاملتك الرسمية، لكنك تضطر لإضاعة وقتك في مؤسسة حكومية بالساعات بسبب بعض الموظفين الذين يصرون على استخدام جوالاتهم بشكل بشع أثناء الدوام وأمام أعين المراجعين وتحت أعين المسؤول الذي يشاهد هذا السلوك القبيح ولا يمنعهم لأنه ربما يقوم بذات السلوك المشين!

الحل لهذه المشكلة لا يكمن في مقال صحافي أو في إرشاد عابر، بل يحتاج إلى قانون واضح وصارم تصدره الدولة عبر ديوان الخدمة المدنية يحرم بشكل فوري ونهائي استخدام الموظف للهاتف الجوال أثناء الدوام الرسمي والسلام، خصوصاً للموظفين الذين يعملون في واجهات المكاتب ممن يقومون بتخليص وإجراء المعاملات اليومية للمراجعين من المواطنين والمقيمين والمستثمرين.

ما أقبح أن تنتظر إجراء معاملتك البسيطة في مؤسسة حكومية والتي من المحتمل جداً ألا تستغرق سوى دقيقة واحدة لإنهائها لكنك تشاهد الموظف الذي يجب أن يكون أميناً في عمله يقوم باللعب خلال هاتفه النقال، أو أن يقوم مع بقية زملائه بمشاهدة مقاطع فيديو مضحكة من جواله، في قاعة تعج بعشرات المراجعين دون حياء أو خجل، وحين تذهب لتنبيهه على أهمية تخليص معاملتك أو إنهاء هذا المشهد غير الحضاري يرد عليك بكل وقاحة «روح اجلس وانتظر دورك»!

يجب على ديوان الخدمة المدنية أن ينهي هذه الفوضى المتعلقة باستخدام الهاتف الجوال أو حتى الهاتف الثابت أثناء الدوام الرسمي كما هو الحاصل في بعض الشركات الوطنية الكبرى التي تطبق قانون المنع منذ أعوام، حتى يتعلم الموظف أن الوقت مقدس والمراجع محترم وأن المؤسسة التي يعمل فيها ليست ملكاً لأبيه بل هي ملك للدولة، وأنه تم توظيفه فيها ليقوم بمساعدة الناس وليس لأجل التسلية وإهانتهم بطريقة بدائية عبر إصراره على استخدام هاتفه الجوال، والذي يعتبر من خصوصياته وليس جزءاً من عمله. إصدار القانون في هذا الشأن هو الحل وليس أي أمر آخر.