أذكر أنني أول من كتب عن عيسى قاسم دون كلمة «شيخ» فقامت قيامة مريديه حينها، وأجرت صحيفة الوقت معي لقاء مطولاً حول هذا الموضوع. وسألني عنه تركي الدخيل في برنامجه إضاءات، وأجبت حينها أنني أتحدث عن رجل سياسة لا عن رجل دين، ومن شاء العمل بالسياسة عليه أن يتواضع أمام القانون، ويتساوى مع بقية الناس في المراكز القانونية، كتصنيف سياسي عليه أن ينزع العمامة وينزل من على منبره حتى يكون العمل السياسي على أصوله.
ليس هناك درس أبلغ لكيفية تضييع الفرص وإهدارها في العمل السياسي الاحترافي المهني من الدرس الذي نقتديه من مآل عيسى قاسم اليوم كمثال!
حين نقارن بين موقعه في الصدارة في الدولة منذ عودته 2001، ثم حين كان له مكتب لجمع الأموال وإصدار الفتاوى وتوكيل رسمي من رئيس الدولة الإيرانية يحرك به الجموع فيحدد من يترشح من الحزب ومن لا يترشح، ومن يصوت ومن لا يصوت، ومن ينتخب ومن لا ينتخب، وامتد بسلطاته إلى تحكمه في منع التشريعات إن أراد حين رفض قانون أحكام الأسرة، وقبول التشريعات وتمريرها حين يريد كقانون التعطل!! حتى زاره جلالة الملك حمد في المستشفى العسكري عام 2009 وقبله حباً وكرامة.
إلى هذا الحد دانت له الدنيا سياسياً، وعزز وكرم اجتماعياً، وسمح له أن يفعل ما يشاء قولاً وفعلاً دينياً وسياسياً واجتماعياً، فتعالى على الحق والقانون وعلى الدولة بأسرها، فكانت القاضية.
شتان بين ذاك الموقع وتلك المكانة وبين حيثيات محاكمته أمس التي صاغت فيها النيابة العامة التهم وطالبت بإيقاع أقصى العقوبات عليه. فقالت في بيانها «كان الأمل والرجاء أن يثوب المتهم الأول إلى رشده فيعلم أنه يعيش في دولة استنت قانوناً يلتزم الكافة باتباعه، فيطيعه ولا يخرج على أحكامه. ولكن أنى لمن طغى وتكبر وادعى أنه خط أحمر أن يحترم القانون مثل باقي البشر؟» تلك صورة فاقعة التناقض صارخة الاختلاف بين المكانتين، حددت النيابة العامة في بيانها أسس وأسباب هذا التناقض، وأسباب بقاء ذلك العز وتلك المكانة، من ذهابها وضياعها، والأرضية التي يجب أن نقف جميعنا سواسية عليها دون تمييز، وهي «دولة استنت قانوناً يلتزم الكافة باتباعه» عند هذا الخط يتبين لنا الحق من الباطل في العمل السياسي والمدني، المسموح من الممنوع، المشروع من المحرم، وعند هذا الخط يتحدد استمرار العمل السياسي وازدهاره ونموه المطرد وانتشار قواعده ومبادئه وقيمه، أو توقيفه قسراً ومنعه وإحالته للقضاء كي يقول كلمته فيه.
سكوت الدولة وامتناعها عن تحمل مسؤوليتها منذ 2009 إلى 2016، قبولها بسبع سنوات يخرق فيها القانون أمام ناظريها فلا تتحرك ولا تتحمل مسؤوليتها، هو ما أوصلنا إلى ما حدث في 2011، وهو ما أطمع أمثال قاسم فينا وفي الدولة التي ترى الجريمة تقع أمام أعينها وتغمضها.
وغرور قاسم وكبره وتصديقه أنه فوق القانون وفوق الدولة وأن تكليفه رباني، هو مقتل أي عمل سياسي محترف.
خطأ الاثنين «قاسم والدولة» أصاب فكرة الدولة المدنية في مقتل، واليوم يجري تصحيح الخطأ وإعادة الأمور لنصابها، بالاحتكام للقانون وعلى الدولة أن تثبت إلى النهاية بأن الجميع دون استثناء من شيخ دين أو شيخ عائلة يجب أن يخضع للقانون حتى ندافع عن هذه الدولة ونتمسك بها جميعاً.
اليوم نحن في امتحان أمام الدولة المدنية ولمصداقية الدعاوى لها والتشبث بتلابيبها، صمودنا في تلك المحاكمة والالتزام بأحكامها هو الحد الفاصل بين مرحلة العبث بها وبين مرحلة إقرارها وحماية مبادئها وتطوير أسسها والبناء عليها.
دولة مدنية بها دستور وقانون وقضاء وفضاء سياسي واسع يسمح بممارسة العمل السياسي ضمن إطار الدولة ودستورها فقط، دون أن يكون هناك أحد فوق القانون أو يضع لنفسه خطاً أحمر.
التواضع أمام القانون أساس للعمل السياسي، والتزام الدولة بتطبيق القانون أساس للدولة المدنية، ومآل عيسى قاسم هو الدرس الحي الماثل أمامنا الآن.
ليس هناك درس أبلغ لكيفية تضييع الفرص وإهدارها في العمل السياسي الاحترافي المهني من الدرس الذي نقتديه من مآل عيسى قاسم اليوم كمثال!
حين نقارن بين موقعه في الصدارة في الدولة منذ عودته 2001، ثم حين كان له مكتب لجمع الأموال وإصدار الفتاوى وتوكيل رسمي من رئيس الدولة الإيرانية يحرك به الجموع فيحدد من يترشح من الحزب ومن لا يترشح، ومن يصوت ومن لا يصوت، ومن ينتخب ومن لا ينتخب، وامتد بسلطاته إلى تحكمه في منع التشريعات إن أراد حين رفض قانون أحكام الأسرة، وقبول التشريعات وتمريرها حين يريد كقانون التعطل!! حتى زاره جلالة الملك حمد في المستشفى العسكري عام 2009 وقبله حباً وكرامة.
إلى هذا الحد دانت له الدنيا سياسياً، وعزز وكرم اجتماعياً، وسمح له أن يفعل ما يشاء قولاً وفعلاً دينياً وسياسياً واجتماعياً، فتعالى على الحق والقانون وعلى الدولة بأسرها، فكانت القاضية.
شتان بين ذاك الموقع وتلك المكانة وبين حيثيات محاكمته أمس التي صاغت فيها النيابة العامة التهم وطالبت بإيقاع أقصى العقوبات عليه. فقالت في بيانها «كان الأمل والرجاء أن يثوب المتهم الأول إلى رشده فيعلم أنه يعيش في دولة استنت قانوناً يلتزم الكافة باتباعه، فيطيعه ولا يخرج على أحكامه. ولكن أنى لمن طغى وتكبر وادعى أنه خط أحمر أن يحترم القانون مثل باقي البشر؟» تلك صورة فاقعة التناقض صارخة الاختلاف بين المكانتين، حددت النيابة العامة في بيانها أسس وأسباب هذا التناقض، وأسباب بقاء ذلك العز وتلك المكانة، من ذهابها وضياعها، والأرضية التي يجب أن نقف جميعنا سواسية عليها دون تمييز، وهي «دولة استنت قانوناً يلتزم الكافة باتباعه» عند هذا الخط يتبين لنا الحق من الباطل في العمل السياسي والمدني، المسموح من الممنوع، المشروع من المحرم، وعند هذا الخط يتحدد استمرار العمل السياسي وازدهاره ونموه المطرد وانتشار قواعده ومبادئه وقيمه، أو توقيفه قسراً ومنعه وإحالته للقضاء كي يقول كلمته فيه.
سكوت الدولة وامتناعها عن تحمل مسؤوليتها منذ 2009 إلى 2016، قبولها بسبع سنوات يخرق فيها القانون أمام ناظريها فلا تتحرك ولا تتحمل مسؤوليتها، هو ما أوصلنا إلى ما حدث في 2011، وهو ما أطمع أمثال قاسم فينا وفي الدولة التي ترى الجريمة تقع أمام أعينها وتغمضها.
وغرور قاسم وكبره وتصديقه أنه فوق القانون وفوق الدولة وأن تكليفه رباني، هو مقتل أي عمل سياسي محترف.
خطأ الاثنين «قاسم والدولة» أصاب فكرة الدولة المدنية في مقتل، واليوم يجري تصحيح الخطأ وإعادة الأمور لنصابها، بالاحتكام للقانون وعلى الدولة أن تثبت إلى النهاية بأن الجميع دون استثناء من شيخ دين أو شيخ عائلة يجب أن يخضع للقانون حتى ندافع عن هذه الدولة ونتمسك بها جميعاً.
اليوم نحن في امتحان أمام الدولة المدنية ولمصداقية الدعاوى لها والتشبث بتلابيبها، صمودنا في تلك المحاكمة والالتزام بأحكامها هو الحد الفاصل بين مرحلة العبث بها وبين مرحلة إقرارها وحماية مبادئها وتطوير أسسها والبناء عليها.
دولة مدنية بها دستور وقانون وقضاء وفضاء سياسي واسع يسمح بممارسة العمل السياسي ضمن إطار الدولة ودستورها فقط، دون أن يكون هناك أحد فوق القانون أو يضع لنفسه خطاً أحمر.
التواضع أمام القانون أساس للعمل السياسي، والتزام الدولة بتطبيق القانون أساس للدولة المدنية، ومآل عيسى قاسم هو الدرس الحي الماثل أمامنا الآن.