كثيرة هي علامات الاستفهام والشبهات التي تحوم حول تلك المعركة المصيرية التي ربما ستقرر المستقبل السياسي في العراق وقد يتعدى تأثيرها للدول المجاورة وهي من ستقرر مصير الطبقة السياسية الجاثمة على شعب العراق، والدور الإيراني إما بتمدده أو انكماشه.توقفت كثيراً وبحثت عن السر الكامن بتعمد أمريكا في تجزئة المعركة بساحليها الأيسر والأيمن ولماذا ذهبت بالتعامل مع ملف نينوى وكأنها دولتان أو مقاطعتان ولم تشن عملياتها العسكرية في آن واحد وهي بأساطيلها ما يمكنها من إزاحة دول كبرى خلال أيام!!فهل أن الإدارة الأمريكية حقاً تريد أن تدار معركة الموصل بمهنية وبأقل الخسائر بين صفوف المدنيين؟ وهي المعروفة بتاريخها الأسود وهي أبعد ما تكون عن الإنسانية في التعامل مع مناوئيها ولم تزل عالقة في أذهاننا ضحاياها من مواطنيها الهنود الحمر وشعب فيتنام وجريمة ملجاء العامرية وفضائح معتقلي غوانتنامو وأبوغريب؟إن توقيت انطلاق العمليات في ساحلها الأيسر قبل الانتخابات الأمريكية بقليل هدفه انتخابي عله يسجل أوباما نصراً زائفاً لحزبه الديمقراطي يضاف إلى رصيد العجوز كلينتون ليؤهلها إلى البيت الأبيض وسبقها ترويج إعلامي وزخم عسكري كالبالونة التي ما لبثت أن انكمشت بعد فشلهم حيث تباطأت تلك المعركة وتبعها تباطؤ في الدعم والغطاء الجوي خصوصاً عند الفترة الانتقالية بين الإدارتين مما أوقع القطعات العسكرية العراقية في كماشة «داعش» كالذي حصل عند محيط مستشفى السلام والذي أوقع خسائر فادحة كذلك تمكن التنظيم من الضغط بتركيز هجماته بقذائف الهاون والطائرات المسيرة التي يشنها من الساحل الأيمن والتي كانت تحت مراقبة أمريكية دون تدخل لإسكات المصدر رغم النصر الذي حققته القطعات العراقية ضد ذلك التنظيم وانحساره كلياً من الساحل الأيسر!!لكن ذلك السيناريو سرعان ما تغير كلياً بعد تسلم الجمهوريين والرئيس دونالد ترامب السلطة وأخذ الأمر على محمل الجد ولم يجارِ لأوباما في مسرحيته الهزيلة.القتال الدائر اليوم في الساحل الأيمن من الموصل القديمة هو قتال صعب وسيأخذ وقتاً طويلاً وتديره أطراف متباينة الأطماع والتوجهات: فهو خليط من قوات التحالف والقوات النظامية العراقية وميليشيات تدار من إيران وجنرالاتها واسايش كردية ومخابرات إقليمية وقوى عالمية وللأسف ستقع نتيجة حتمية لهذا الخليط مجازر مروعة لأسباب عدة منها أن الصراع هو صراع مصالح وأغلبها متقاطعة.والجميع حجته وشماعته القضاء على «داعش» علماً بأن أغلبهم يمارس الإرهاب بأبشع صوره!! وأكثر ما يخشى وقوعه هو الانتهاكات وربما قد يتطور الأمر إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً!!وستمحى بسبب ذلك الصراع تلك المدينة التاريخية فضلاً عن الكوارث الإنسانية التي ستحل بأهلها الذين سيقضون إما جوعاً أومرضاً لنفاد مخزونهم الغذائي والدوائي وتعطل كل مقومات الحياة إلى الحد الذي اضطر بعض أهلها وكما نقل شهود عيان بأن يستعين بسد جوعه وعياله بتناول لحوم القطط والكلاب ويلتهمون الحشائش وأوراق الشجر!! والشيء الوحيد المتاح لهم هو الحمم والصواريخ والقاذفات وطلقات القناص التي لا تخطئ أحدهم!كذلك تعمد تنظيم «داعش» استخدامهم كدروع بشرية، وما سيعقد الموقف أيضاً هو إصرار أمريكا هذه المرة على عدم ترك منفذ لهم للهروب بل جعل الموصل آخر قلاعهم ولتكون مقبرتهم.كذلك تأهب الآلاف من أفراد ميليشيا الحشد الشعبي لاقتحام المدينة بساحليها علماً بأن دفعات أخرى قد اخترقوها فعلياً وأخذوا مواقعهم لانتظار ساعة الصفر للانقضاض على أهلها لإيقاع أكبر مجزرة «بأتباع يزيد» كما صرحوا بذلك مراراً وجميع الأجواء أصبحت مهيأة لهم للثأر من موروث دموي قديم ضاربين عرض الحائط بكل التحذيرات من قوات التحالف ووعود العبادي الزئبقية!!إن كل ما أسلفناه هو عبارة عن ألغام وقنابل موقوتة يتطلب وعلى جناح السرعة تفكيكها والتحرك الدولي لتدارك تداعياتها أثناء وبعد المعركة التي تذكرنا بمذابح سربرنيتشا وسراييفو والضغط بتسهيل عبور وعمل منظمات الإغاثة والتحرك الأممي باستحداث ممرات آمنة للمدنيين وفرض منطقة عازلة وإنزال قوات دولية لحفظ السلام وإلا فإن آلافاً من الأبرياء ممن وقعوا هدفاً بين النيران فحتى إن كتب لهم النجاة من حمم المعارك فهم في عداد الموتى إما جوعاً أو تصفية بعد الانفلات الأمني المتوقع حدوثه، والله المستعان!!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90