تشير الدراسات الإنثروبولوجية والسيسيولوجية أن البشرية بدأت نظامها الاجتماعي بالنظام «المتريركي» أي النظام الأمومي الذي كانت فيه الأم هي المسيطرة والقائدة والراعية. وهذا ما يفسر عبادة الربة الأنثى في الديانات الوثنية القديمة متمثلة في الآلهة المؤنثة في عشتار وأوروبا وغيرهن. أو في صورة الأم المقدسة التي تحمل في يدها الابن الإله.
تلك المعتقدات لم تعرف صورة المرأة المدنسة بالإثم والخطيئة والتكفير والازدراء فقد رفعت قدر المرأة عن الرجل بمراحل حتى صارت في الميثيولوجيات القديمة آلهته ومنقذه والمتحكم بمصيره.
ثم تحولت البشرية إلى النظام «البطريركي» الأبوي الذي سيطر فيه الرجل على النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وصارت الهيمنة الذكورية تنظر للرجل باعتباره نصف إله وتتعامل مع المرأة باعتبارها نصف إنسان. وتوارث المجتمع الفكر «الأبوي» حيث صار الابن يرث سلوك والده في السيطرة على إناث البيت من أم وأخت وزوجه، وصارت النساء ترث سلوك الأم من الخنوع والخضوع والطاعة لذكور العائلة.
وفي القرن السابع عشر كان النظام البطريركي يحمل المعاني الإيجابية لدلالته على القيم الرجولية الحميدة. ثم بدأت الثورات عليه في القرن التاسع عشر بسبب تسلط رجال الدين في الكنيسة على المجتمع وتحكمهم في مصائر الناس. واتخذت الحركات النسوية الحديثة من النظام البطريركي الأبوي عدواً يستدعي الانقلاب عليه لما خلفه من تعامل تمييزي ضد المرأة.
ومشكلة المادة «353» من قانون العقوبات البحريني التي تثار حولها ضجة تطالب بإسقاطها أنها مادة تصب في الاتجاه البطريركي للمجتمع. فالمادة تنص على إسقاط العقوبة عن الرجل «المغتصِب» في حال تزوج من ضحيته. وهي تعبر بذلك عن نظرة انتقاصية للمرأة تحشرها في زاوية «العار» وتحمي من أساء لها من العقوبة والقصاص. والمادة «353» من قانون العقوبات هي استمرار للوصاية الذكورية على المرأة وتحديد مصيرها استناداً إلى التصورات الذكورية للأحوال النسائية.
فليست المشكلة بهذا المنظور هو وجود وحوش بشرية تنتهك الأعراض ويجب إسقاط أقصى العقوبات عليها لحماية المجتمع كاملاً. بل المشكلة هي «افتضاح» فتاة ووجوب «الستر» عليها وعلى أسرتها، وجزا الله القانون خير الجزاء فمن سيقبل بالزواج من مغتَصبة؟!. وهذا التفسير الذكوري «للستر» لن ينشئ مؤسسة زواج ناجحة يظللها رجل سوي يتحمل مسؤولياتها. بل سيسلم فتاة مظلومة لرجل اعتدى عليها في صيغة جارية يتعين عليها طاعته والالتزام بواجباته دون انتظار حقوق لها والتزامات من قبل الرجل.
لذلك فإن التضامن مع النخب القانونية والحركات النسوية في البحرين وفي المنطقة العربية المطالبين بإسقاط محتوى هذه المادة من قوانين العقوبات العربية هو دعم لكرامة المرأة، وانحياز لسلامة المجتمع من استشراء الذئاب البشرية التي ستجد في هذه النوعية من المواد مخرجاً لأي جريمة تخطط في ارتكابها. والتضامن ضد المادة «353» هو نضال شعبي لتحرير مجتمعاتنا من المعتقدات البطريركية غير السوية.
تلك المعتقدات لم تعرف صورة المرأة المدنسة بالإثم والخطيئة والتكفير والازدراء فقد رفعت قدر المرأة عن الرجل بمراحل حتى صارت في الميثيولوجيات القديمة آلهته ومنقذه والمتحكم بمصيره.
ثم تحولت البشرية إلى النظام «البطريركي» الأبوي الذي سيطر فيه الرجل على النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وصارت الهيمنة الذكورية تنظر للرجل باعتباره نصف إله وتتعامل مع المرأة باعتبارها نصف إنسان. وتوارث المجتمع الفكر «الأبوي» حيث صار الابن يرث سلوك والده في السيطرة على إناث البيت من أم وأخت وزوجه، وصارت النساء ترث سلوك الأم من الخنوع والخضوع والطاعة لذكور العائلة.
وفي القرن السابع عشر كان النظام البطريركي يحمل المعاني الإيجابية لدلالته على القيم الرجولية الحميدة. ثم بدأت الثورات عليه في القرن التاسع عشر بسبب تسلط رجال الدين في الكنيسة على المجتمع وتحكمهم في مصائر الناس. واتخذت الحركات النسوية الحديثة من النظام البطريركي الأبوي عدواً يستدعي الانقلاب عليه لما خلفه من تعامل تمييزي ضد المرأة.
ومشكلة المادة «353» من قانون العقوبات البحريني التي تثار حولها ضجة تطالب بإسقاطها أنها مادة تصب في الاتجاه البطريركي للمجتمع. فالمادة تنص على إسقاط العقوبة عن الرجل «المغتصِب» في حال تزوج من ضحيته. وهي تعبر بذلك عن نظرة انتقاصية للمرأة تحشرها في زاوية «العار» وتحمي من أساء لها من العقوبة والقصاص. والمادة «353» من قانون العقوبات هي استمرار للوصاية الذكورية على المرأة وتحديد مصيرها استناداً إلى التصورات الذكورية للأحوال النسائية.
فليست المشكلة بهذا المنظور هو وجود وحوش بشرية تنتهك الأعراض ويجب إسقاط أقصى العقوبات عليها لحماية المجتمع كاملاً. بل المشكلة هي «افتضاح» فتاة ووجوب «الستر» عليها وعلى أسرتها، وجزا الله القانون خير الجزاء فمن سيقبل بالزواج من مغتَصبة؟!. وهذا التفسير الذكوري «للستر» لن ينشئ مؤسسة زواج ناجحة يظللها رجل سوي يتحمل مسؤولياتها. بل سيسلم فتاة مظلومة لرجل اعتدى عليها في صيغة جارية يتعين عليها طاعته والالتزام بواجباته دون انتظار حقوق لها والتزامات من قبل الرجل.
لذلك فإن التضامن مع النخب القانونية والحركات النسوية في البحرين وفي المنطقة العربية المطالبين بإسقاط محتوى هذه المادة من قوانين العقوبات العربية هو دعم لكرامة المرأة، وانحياز لسلامة المجتمع من استشراء الذئاب البشرية التي ستجد في هذه النوعية من المواد مخرجاً لأي جريمة تخطط في ارتكابها. والتضامن ضد المادة «353» هو نضال شعبي لتحرير مجتمعاتنا من المعتقدات البطريركية غير السوية.