اسألوا أي طبيب عن أكثر العوامل التي تؤخر الشفاء والعلاج سيقول لكم «الإنكار» فإن تأخر إقرار المريض بأن لديه مشكلة تفاقم المرض، ولقد وصلنا في البحرين إلى مرحلة متأخرة منه بخسارة هذا العدد الكبير من أعضاء الجسم البحريني الذين بترتهم إيران من وطنهم بتراً، إنهم ينسلخون أمام أعين آبائهم وأمهاتهم عاطفياً أولاً، قبل أن ينسلخوا عن هويتهم، فلا يجدون جرساً أولياً من داخل الأسرة للتنبيه، ولا يجدون رادعاً تربوياً، بل بالعكس يجدون تشجيعاً وتصفيقاً اعتقاداً منهم أن ذلك مؤشر وعلامات لتديّن الأبناء وشدة الإيمان والورع.
لذا من السهولة أن تتحول الممارسات العقائدية إلى فرص للتجنيد ولتفخيخ عقول الأبناء وغرس فكرة «الدولة البديلة»، فتم تفخيخ عقول متفوقة أكاديمياً ومستواها المعيشي ممتاز ولديها وظائف لكن من باب التدين والولاء للعقيدة ينخرطون في حلم الدولة التي يحكمها مرجع ديني.
فمن جندتهم إيران ارتبطوا بها عاطفياً بحكم ارتباطهم عاطفياً بالمرجع الديني الذي «صادف» أن يكون رئيساً لدولة أخرى وقائداً أعلى لقواتهم المسلحة!!
وقبل أن يقبلوا أن تدربهم وتمولهم وتجندهم إيران ليحاربوا بالوكالة عنها، كان الارتباط العاطفي مفتاحاً سبق قبول خيانة أوطانهم لأنه تحت غطاء شرعي وديني، وسبقه انسلاخ من الدولة برضا البيت وقبوله، فلا المدرسة ولا أي مؤسسة حضانية بدأت بإحداث ذلك الارتباط العاطفي، إنه البيت أولاً.
الطفل يدخل المدرسة رافضاً العلم البحريني، ممزقاً الصور وهو مازال في مرحلته الابتدائية غضاً لا يعرف الحق من الباطل، فأين تشرب تلك العقيدة وذلك الإحساس وهذا الشعور؟ البيت لا يربي الطفل على غرس وطني، بل على غرس «ثوري» و«ثارات» وعلى من؟ وعلى ماذا؟ على الدولة بكل رموزها ومؤسساتها وقوانينها، بإحداث الإسقاط التاريخي الذي يمثل لهم هذه الدولة أنها عدوهم التاريخي منذ ثارات الحسين إلى اليوم.
هنا تبدأ أولى خطوات القبول بالتجنيد أنه مهيأ الآن جاهز لتفخيخ العقل، تكفيه زيارة واحدة لقم أو لإحدى المزارات الدينية في العراق الآن ليتم استقطابه، فهناك ينتظرونه على أحر من الجمر بعد أن هيأه المنزل، أو يكفيه أن يفتح أياً من المواقع الإلكترونية التي تجند عن بعد كي يستقطب وتأخذه منابع الإرهاب بعيداً عن أسرته وعن وطنه وعن أي انتماء إلى حلم «الدولة الدينية» «الدولة العدلية» «الدولة المهدوية».
أما الدولة التي نال فيها تعليمه وعلاجه وسكنه ووظيفته وهيأت له البيئة لممارسة حياته ونشاطه التجاري فهذه الدولة ليست له ولا هو جزء منها، ومهما تعلم في مدارسها ونال أعلى شهاداتها وابتعث على حسابها وتوظف في مؤسساتها ونال حقاً سكنياً وعلاجياً وتعليماً وتوظيفاً وكوّن أسرة إلا أن تلك الدولة ليست هي التي تعنيه أو ينتمي لها، لا علمها الذي يرفف في سمائها علمه، ولا نظامها نظامه ولا جذوره مغروسة فيه، يظل الحاجز مغروساً في الصغر حتى الكبر، فلا يحتاج الأمر لجهد كبير من أجل تجنيده وانخراطه في خلايا تسعى لتقويض الدولة التي لا تعنيه ولا يشعر بانتمائه لها. الجناية على الأجيال والشباب بدأت هنا في الصغر، اعتقاداً أن ذلك الغرس سيربي شباباً «ثائراً» لا مواطناً يبني ويعمر.
نستطيع أن نعدد ما شئتم من أخطاء الدولة وتقصيرها لكن ذلك لن يحل المشكلة، ولن يعالج الأساس ولا الخلل الحقيقي، وستبقى الأزمة عالقة تتوالد وتتكاثر ويذهب ضحاياها العشرات بل المئات من الأبناء سنوياً.
الأبناء يتربون على فكر «الثورة» على الدولة يرضعون رفضها ومن ثم تبكي الأمهات خسارتهم ويندب الآباء ضياعهم إما في سجون أو في منافٍ أو «معزولين» داخل أوطانهم، وتعمل ماكنة الإنكار على تعزيز فكرة المظلومية وهكذا تبقى المشكلة بلا حل.
المحزن أن أسراً كثيرة تحاول أن تكسر الطوق وتفك العزلة وتحاول أن تنأى بنفسها عن هذه السلسلة التي تتوالد كرهاً وبغضاً للدولة، لكنهم يحاصرون ويقصون من جماعتهم بل يقصون من منابر دينية وإعلامية جاهزة للإنكار وللإقصاء، وعلى طرف آخر يؤخذون بجريرة الآخرين إذ يصعب التمييز بينهم.
لقد قضي على أكثر من جيلين خلال الـ37 عاماً الماضية فهل ستضحون بالجيل الثالث؟ من انخرط في خلايا الثمانينات اليوم له أبناء مراهقون ينخرطون في خلايا الألفية الثانية بعد أن انخرط إخوة له صغار وأبناء عمومة له في خلايا التسعينات، فإلى متى؟
إلى متى الإنكار والعالم كله يراكم الآن، حتى الدول العربية النائية الأفريقية من مصر إلى المغرب إلى تونس والتي كانت بعيدة كل البعد عن الصراعات الطائفية ولا تعرف من التشيع غير حب الحسين وآل البيت تماماً، كما كانت عليه الطائفة الشيعية في الخليج العربي، باتوا يعرفون الآن ويرون التأثير الفارسي الإيراني الصفوي عليكم والذي أفقد التشيع فطرته ونقاءه.
المجتمع الدولي بات يعرف ويملك الأدلة ويرى الوقائع والحقائق بالعين المجردة أن لإيران يداً في أحداث البحرين والعوامية والعراق واليمن ولبنان وسوريا وأنها جندت العديد من الميليشيات المسلحة وأنتم تنكرون وتنكرون، إلى متى؟
إلى متى وأنتم تعتبرون من يفتح هذا الملف مؤزماً وحسوداً وحقوداً ويعمم وطائفياً والدولة حين تعلن عن القبض على أعضاء لخلايا هي دولة كاذبة ونظامها طاغٍ والأجهزة الأمنية تفبرك وتختلق المسرحيات و.. و..و إلى متى؟
حتى على الجانب الآخر شركاؤكم في الوطن فقدوا الأمل بصحوة أو باستفاقة أو بإقراركم بأن هناك مشكلة، حتى شركاؤكم توقفوا عن سؤال «إلى متى؟» فقد يأسوا لقد أصبحت الحلول المطروحة تتجاوز فتح الملف والنقاش والجدل وطرح الأسئلة، بل هم يلومون من مازال مثلنا حاملاً شعلة الأمل بأن يوماً ما ستحدث الإفاقة والصدمة، يوماً ما سيرجع هؤلاء لحضن البحرين، يوما ما سينهض جيل يرفض أن يساق كالأغنام قرابين على مذابح إيران، ومازالنا نحلم وكلنا أمل ولن نفقده.
للعلم فقط طرحنا هذه الأسئلة قبل عشرين عاماً في 1996 وفي عام 1997 وفي عام 1998 وفي عام 1999 وموجودة وموثقة، وها نحن نعيد طرحها من جديد عام 2017 دون أن نيأس أو نقنط، وكلنا أمل بان هذه التربة وهذه الأرض قادرة على أن تتمسك بجذور أبنائها حتى وإن تخلوا عنها، إنما ذلك لن يتم والإنكار هو سيد الموقف.
{{ article.visit_count }}
لذا من السهولة أن تتحول الممارسات العقائدية إلى فرص للتجنيد ولتفخيخ عقول الأبناء وغرس فكرة «الدولة البديلة»، فتم تفخيخ عقول متفوقة أكاديمياً ومستواها المعيشي ممتاز ولديها وظائف لكن من باب التدين والولاء للعقيدة ينخرطون في حلم الدولة التي يحكمها مرجع ديني.
فمن جندتهم إيران ارتبطوا بها عاطفياً بحكم ارتباطهم عاطفياً بالمرجع الديني الذي «صادف» أن يكون رئيساً لدولة أخرى وقائداً أعلى لقواتهم المسلحة!!
وقبل أن يقبلوا أن تدربهم وتمولهم وتجندهم إيران ليحاربوا بالوكالة عنها، كان الارتباط العاطفي مفتاحاً سبق قبول خيانة أوطانهم لأنه تحت غطاء شرعي وديني، وسبقه انسلاخ من الدولة برضا البيت وقبوله، فلا المدرسة ولا أي مؤسسة حضانية بدأت بإحداث ذلك الارتباط العاطفي، إنه البيت أولاً.
الطفل يدخل المدرسة رافضاً العلم البحريني، ممزقاً الصور وهو مازال في مرحلته الابتدائية غضاً لا يعرف الحق من الباطل، فأين تشرب تلك العقيدة وذلك الإحساس وهذا الشعور؟ البيت لا يربي الطفل على غرس وطني، بل على غرس «ثوري» و«ثارات» وعلى من؟ وعلى ماذا؟ على الدولة بكل رموزها ومؤسساتها وقوانينها، بإحداث الإسقاط التاريخي الذي يمثل لهم هذه الدولة أنها عدوهم التاريخي منذ ثارات الحسين إلى اليوم.
هنا تبدأ أولى خطوات القبول بالتجنيد أنه مهيأ الآن جاهز لتفخيخ العقل، تكفيه زيارة واحدة لقم أو لإحدى المزارات الدينية في العراق الآن ليتم استقطابه، فهناك ينتظرونه على أحر من الجمر بعد أن هيأه المنزل، أو يكفيه أن يفتح أياً من المواقع الإلكترونية التي تجند عن بعد كي يستقطب وتأخذه منابع الإرهاب بعيداً عن أسرته وعن وطنه وعن أي انتماء إلى حلم «الدولة الدينية» «الدولة العدلية» «الدولة المهدوية».
أما الدولة التي نال فيها تعليمه وعلاجه وسكنه ووظيفته وهيأت له البيئة لممارسة حياته ونشاطه التجاري فهذه الدولة ليست له ولا هو جزء منها، ومهما تعلم في مدارسها ونال أعلى شهاداتها وابتعث على حسابها وتوظف في مؤسساتها ونال حقاً سكنياً وعلاجياً وتعليماً وتوظيفاً وكوّن أسرة إلا أن تلك الدولة ليست هي التي تعنيه أو ينتمي لها، لا علمها الذي يرفف في سمائها علمه، ولا نظامها نظامه ولا جذوره مغروسة فيه، يظل الحاجز مغروساً في الصغر حتى الكبر، فلا يحتاج الأمر لجهد كبير من أجل تجنيده وانخراطه في خلايا تسعى لتقويض الدولة التي لا تعنيه ولا يشعر بانتمائه لها. الجناية على الأجيال والشباب بدأت هنا في الصغر، اعتقاداً أن ذلك الغرس سيربي شباباً «ثائراً» لا مواطناً يبني ويعمر.
نستطيع أن نعدد ما شئتم من أخطاء الدولة وتقصيرها لكن ذلك لن يحل المشكلة، ولن يعالج الأساس ولا الخلل الحقيقي، وستبقى الأزمة عالقة تتوالد وتتكاثر ويذهب ضحاياها العشرات بل المئات من الأبناء سنوياً.
الأبناء يتربون على فكر «الثورة» على الدولة يرضعون رفضها ومن ثم تبكي الأمهات خسارتهم ويندب الآباء ضياعهم إما في سجون أو في منافٍ أو «معزولين» داخل أوطانهم، وتعمل ماكنة الإنكار على تعزيز فكرة المظلومية وهكذا تبقى المشكلة بلا حل.
المحزن أن أسراً كثيرة تحاول أن تكسر الطوق وتفك العزلة وتحاول أن تنأى بنفسها عن هذه السلسلة التي تتوالد كرهاً وبغضاً للدولة، لكنهم يحاصرون ويقصون من جماعتهم بل يقصون من منابر دينية وإعلامية جاهزة للإنكار وللإقصاء، وعلى طرف آخر يؤخذون بجريرة الآخرين إذ يصعب التمييز بينهم.
لقد قضي على أكثر من جيلين خلال الـ37 عاماً الماضية فهل ستضحون بالجيل الثالث؟ من انخرط في خلايا الثمانينات اليوم له أبناء مراهقون ينخرطون في خلايا الألفية الثانية بعد أن انخرط إخوة له صغار وأبناء عمومة له في خلايا التسعينات، فإلى متى؟
إلى متى الإنكار والعالم كله يراكم الآن، حتى الدول العربية النائية الأفريقية من مصر إلى المغرب إلى تونس والتي كانت بعيدة كل البعد عن الصراعات الطائفية ولا تعرف من التشيع غير حب الحسين وآل البيت تماماً، كما كانت عليه الطائفة الشيعية في الخليج العربي، باتوا يعرفون الآن ويرون التأثير الفارسي الإيراني الصفوي عليكم والذي أفقد التشيع فطرته ونقاءه.
المجتمع الدولي بات يعرف ويملك الأدلة ويرى الوقائع والحقائق بالعين المجردة أن لإيران يداً في أحداث البحرين والعوامية والعراق واليمن ولبنان وسوريا وأنها جندت العديد من الميليشيات المسلحة وأنتم تنكرون وتنكرون، إلى متى؟
إلى متى وأنتم تعتبرون من يفتح هذا الملف مؤزماً وحسوداً وحقوداً ويعمم وطائفياً والدولة حين تعلن عن القبض على أعضاء لخلايا هي دولة كاذبة ونظامها طاغٍ والأجهزة الأمنية تفبرك وتختلق المسرحيات و.. و..و إلى متى؟
حتى على الجانب الآخر شركاؤكم في الوطن فقدوا الأمل بصحوة أو باستفاقة أو بإقراركم بأن هناك مشكلة، حتى شركاؤكم توقفوا عن سؤال «إلى متى؟» فقد يأسوا لقد أصبحت الحلول المطروحة تتجاوز فتح الملف والنقاش والجدل وطرح الأسئلة، بل هم يلومون من مازال مثلنا حاملاً شعلة الأمل بأن يوماً ما ستحدث الإفاقة والصدمة، يوماً ما سيرجع هؤلاء لحضن البحرين، يوما ما سينهض جيل يرفض أن يساق كالأغنام قرابين على مذابح إيران، ومازالنا نحلم وكلنا أمل ولن نفقده.
للعلم فقط طرحنا هذه الأسئلة قبل عشرين عاماً في 1996 وفي عام 1997 وفي عام 1998 وفي عام 1999 وموجودة وموثقة، وها نحن نعيد طرحها من جديد عام 2017 دون أن نيأس أو نقنط، وكلنا أمل بان هذه التربة وهذه الأرض قادرة على أن تتمسك بجذور أبنائها حتى وإن تخلوا عنها، إنما ذلك لن يتم والإنكار هو سيد الموقف.