اكتشفت أن ماكينة الإرهاب الفكري تعمل بكل طاقتها على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل إجبارنا على غلق ملف «إلى متى؟».

فهناك حملة ترهيب وتخويف تجري من أجل منع بقية الكتاب ومنع آخرين من الاشتراك في النقاش، لأن فتح هذا الملف وانتشاره هو مهدد خطير لاحتكارهم على مدى 14 عاماً «سلعة» تمثيل الشيعة والمتحدث الرسمي باسمهم، فإن تشجع آخرون وطرحوا في سوق النقاش بضاعة غير بضاعتهم وتحدثوا باسم شيعة لا يتفقون معهم، حينها ينكسر الاحتكار، وتلك منافسة قد تجبرهم على غلق دكاكينهم والكف عن بيع دجاجهم الفاسد، هم يحولون بين الشيعة وبين التواصل مع الآخرين، يرهبون أي إنسان شيعياً كان أم سنياً يحاول أن يكون مختلفاً ويكسر طوق الحمامة، انظر كيف يتعاملون مع أي شيعي يرتقي في عمله أو يحظى على منصب أو يضع علم البحرين في المحافل الوطنية، بمعنى أن الشيعي الذي يرغب في الانخراط في دولته هو عميل وخائن ومرفوض إلا إن دفع الضريبة، وتتمثل في مشاركتهم في حملة المظلومية بأي شكل من الأشكال.

اليوم نحن نفتح ملف «إلى متى» هذا العداء للدولة لحث روادهم ومثقفيهم وأكاديمييهم ورجال دينهم ونسائهم ورجالهم على فتح هذا الملف الذي يتحدثون به سراً أحياناً وهمساً، على أن يتحدثوا به جهراً، ويتحدث به شركاؤهم في الوطن سراً وجهراً، السؤال مشروع لأن له أسبابه فهو يفتح ملف الأزمة من جذورها ولا يداوي الأزمة من أعراضها.

إنه سؤال خطير لذلك تم تجنيد كل الأسماء التي برزت في السنوات الـ14 الماضية بما فيها كتاب الصحيفة وأبناء عمومتهم وأنسباؤهم، فخلعوا قناعهم الرسمي أي الغلاف الذي يضعونه على دجاجهم الفاسد في الصحيفة ويتجملون فيه أمام الناس، وبرز وجههم الحقيقي ولسانهم الذي ربتهم عليه أمهاتهم وآباؤهم، لسان تعود الخطاب بألفاظ بذيئة في حساباتهم الخاصة، وذلك ما يسعدني حقاً وطربت له، وأتمنى أن يستمر، ليس بالضرورة أن أراه إذ إن ذلك لا يعنيني ومعظم تلك الأسماء محجوبة في حسابي، إنما أتمنى أن يراه الآخرون، فعدم ظهور هذا الوجه يعني أننا لم نحرك المياه الراكدة ولم نلفت نظر زبائنهم ولم نهدد بضائعهم الفاسدة في عقر دارهم.

ونعود لموضوعنا الأساسي الذي يستحق أن نصمد من أجله، وسؤالنا الذي داس على الجرح، فعلاً إلى متى تمتنعون عن فتح «الذاكرة الجماعية»؟ لم يكون فتحها ورطة؟ لم نبش التاريخ المعاصر يعد ابتلاء وعبئاً؟ لم تحجب المكابرة ويحول الجدل السياسي بين المواجهة الذاتية ليحررها من استعمال الذاكرة استعمالاً أيديولوجياً؟ لم لا يستمر الحفر ويتوقف كلما بدأ؟ لم يحجب الخوف والرعب أي محاولة لإعادة توجيه الذاكرة من أجل خدمة التوافق العام داخل الدولة والتعايش السمح بين الشركاء في الوطن؟ (أسئلة طرحت على الغلاف الخارجي لكتاب استعمالات الذاكرة لمجتمع تعددي مبتلى بالتاريخ للدكتور نادر كاظم نقلتها بتصرف)..

ثم لم تكون الدراسات والبحوث لأكاديميين نالوا الجوائز والأوسمة على بحوثهم المتخصصة في بنية وتاريخية الجماعات الإسلامية، حصراً على «الجماعات السنية» فقط؟ وهم شيعة؟!! لم التجنب والابتعاد المتعمد عن ملامسة «الجماعات الشيعية» والحفر في بنيتهم الفكرية والعقائدية وأثرهم على الصراعات والاضطرابات في منطقتنا؟ إلى متى هذا الخوف؟

لا ندعو إلى شتم أو سب أو قذف، لا نقف في الطرقات نصرخ على الناس ونقذفهم بالبيض كالصعاليك، لا نعمم التهم ولا نسوقها اعتباطاً، بل ندعو إلى جدل رصين يحرص على أدب الحوار من أجل الاستفادة، البحرين بلد تعددي ولن يغير ذلك شيء، فلا السنة يستطيعون إخراج الشيعة ولا الشيعة يستطيعون إخراج السنة، وهناك دولة بها عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الجماعات بعضهم بعضاً، وينظم العلاقة بين الجماعات والأفراد والدولة، ضمن هذا الإطار ندعو لفتح باب الجدل والنقاش والحفر الذاتي أولاً ولا ندعو لمواجهة أو مناظرة أو تحدٍّ بين اثنين، بل ندعو لحفر ذاتي يضع حداً لحالة العداء الدائمة مع «الدولة» ككيان في البنية العقلية والثقافية وفي ذاكرة الشيعة، ندعو إلى مواجهة ذاتية تقر بأن تلك الخصومة بين الفرد الشيعي والدولة أصبحت تتحرك في معظم الأحيان تحركاً تلقائياً بفعل الاستخدام الخاطئ للذاكرة، حتى قبل أن يحدث بين الفرد والدولة خصومة أو صدام، ثم تبنى على خصومة الذاكرة مواقف صدام وتحرش من الاثنين تفاقم البسيط وتكبر الصغير منها، فما بالك حين تغذيها أجندات لمشروعات سياسية لا تعير اهتماماً لضحايا تلك المشاريع، فيتحرق على قرابينها جيل من الشباب تلو الآخر وهكذا تستمر الحلقة في الانغلاق، مصلحة تغذي الأخرى، والخسارة للبحرين أولاً وللطائفة الشيعية ثانياً.. فإلى متى نبحث عن شجعان يكسرون تلك الحلقة ويبدؤون الحفر؟