شكراً صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر، لأنك تثبت لنا دائماً أن ما نقوله بشأنك هو «الصح»، كونك أول مسؤول يستمع للمواطن ويتفاعل معه.

أمس الأول قال رئيس الوزراء إنه من غير المقبول أن يتضرر المواطن جراء أي سياسات تتخذ أو إجراءات، وهو أمر عهدناه عليه، هو نصير الناس وسامع أصواتهم.

وبالأمس في جلسة مجلس الوزراء تفاعل بنفسه مع حدث الساعة الذي فرض نفسه بقوة، ونعني به إجراءات المرور الأخيرة وما نتج عنها من ردود فعل مستاءة من قبل الناس، لا بشأن ضرورة وجود قانون ينظم العملية، بل بسبب طريقة التنفيذ و«القسوة» في منح المخالفات.

الأمير خليفة وجه إلى إعادة النظر في سرعات الشوارع الرئيسية والفرعية، بما يجعلها متناسبة مع الحركة المرورية وإيقاعها، مشدداً على أن الهدف هو تجنب السلوكات المرورية الخاطئة وليس فرض الغرامات والمخالفات، مكلفاً اللجنة الوزارية للإعمار والبنية التحتية للتعاون مع المجلس الأعلى للمرور في هذا الخصوص.

في هذا الكلام توجيه صريح وواضح للجهات المعنية بأن تتفاعل مع الناس، خاصة في ظل تزايد الانتقادات والاستياء الذي ضج به الشارع، ونتفهم مسوغ التوجيه، إذ بحسب ما بينه سموه أمس الأول، فإن أي سياسة يقرر تطبيقها وتتسبب بمثل هذا اللغط الكبير، والذي بعضه مبرر من قبل الناس، لا بد وأن يتم إعادة النظر فيها، أو أقلها بحث الخلل الذي حصل وأدى بالأمر لهذا المستوى من ردة الفعل القوية.

شخصياً أنا مع القانون وتطبيقه، بل وتطبيقه الصارم، لكنني قبل قبولي بذلك، علي أن أوضح أهم مسألة في شأن إقرار أي سياسة، وفي اتخاذ أي إجراء.

حتى أقبل بالواجبات التي علي، يجب أولاً أن أعرف هذه الواجبات بشكل واضح، لأن تقديمها لي بصورة منقوصة أمر سيخل بالضرورة بمسألة «الحقوق» في المقابل، وبالتالي لا يعتبر الإخلال بالواجبات تجاوزاً وقفزاً على القانون، أو رفضاً له.

دعوني أبسط هنا، إذ حينما تقول لي إنه بإمكانك القيادة على الشوارع بسرعة تفوق السرعة المحددة، لكن شريطة ألا يتعدى ذلك 30 ٪ من نسبة الزيادة في سرعة الشارع، وبعدها تقوم بمخالفتي لأنني تجاوزت بنسبة 10 ٪ أو حتى 2 ٪، فأنت بالتالي أخللت بتعريفي بواجباتي بالتالي تداخلت في مسألة الحفاظ على حقوقي، وأوقعت غرامات علي بطريقة غير متوقعة.

أكرر القول إننا مع القانون والنظام، لكن ما نتحدث به هنا، يأتي في سياق المثل المصري الشهير الذي يقول «إللي أوله شرط.. آخره نور»، بالتالي مازلنا نتذكر بشأن الحملة الترويجية الجميلة «أعد النظر» التي ساهمت في توعية الكثيرين بشأن قانون المرور، أن نسبة السرعة التي ستخالف عليها حددت وأعلنت وتم تداول الحديث بشأنها، واليوم حينما تقر المخالفات بنسب أقل، بل ويصدر تصريح من الجهة المعنية بأن النسبة أقل، رغم طول مدة الحديث سابقاً عن النسبة السابقة، فإن العملية تكون بالتالي خالية من الوضوح، وهو ما يعطي الحق للناس في الحديث والاعتراض.

لنحدد أمرين مهمين هنا، الأول أنه قبل إقرار أي قانون أو سياسة، يجب أن يتم شرح كافة جوانبه بوضوح للناس والمستفيدين منه، والأهم يجب الالتزام حرفياً بكل ما تم الإعلان عنه، لا مفاجأة الناس بالإعلان عن شيء وتطبيق شيء آخر، مثلما حصل، مع التأكيد للمرة الثالثة والعاشرة حتى على أنه لا أحد ضد القانون، بل ضد أن يطبق بطريقة فجائية وبمخالفة ما تم الإعلان عنه، دون أي تمهيد أو سابق إنذار. أكتب ذلك وأنا شخصياً لم تسجل علي مخالفة واحدة بعد إعلان تطبيق القانون الجديد حتى بنسبة تجاوز السرعة القليلة التي أعلنت قبل أيام، لكن هذا لا يمنع من الكتابة عن استياء الناس، فالقياس يتمثل بالمصلحة العامة لا الشخصية.

الأمر الآخر، أن توجيه سمو رئيس الوزراء بإعادة النظر في السرعات وجعلها متناسبة مع الحركة المرورية وإيقاعها، يؤكد أن هناك خللاً ما قد حصل، تسبب ذلك بإثارة استياء الناس، بالتالي على الحكومة الاستماع لهم والاهتمام بما يقولونه والعمل على وضع حلول لتعديل الأمور.

الهدف في النهاية تعديل السلوك، وليس فرض الغرامات، كما قال الأمير خليفة بن سلمان.