فتح بريده الإلكتروني باكراً كعادته ليجد بين الرسائل رسالة من الموارد البشرية تقول: «شكراً لخدماتك، يمكنك بدء إجراءات التقاعد»، ظن أن الرسالة أرسلت خطأ، ألقى برأسه على ظهر المقعد ليعد سنوات خدمته، فإذا به قد وصل لخط النهاية، فقد مرت السنوات كلمح البصر، وهو يدور فيها وسط روتين حياتي حتى وصل لخط النهاية دون أن يشعر، موج عارم من الأسئلة هاج في رأسه، كم عدد الأصدقاء الذين سأخسرهم بعد التقاعد، وما هي الامتيازات الاجتماعية التي سأخسرها. وهل سينتقل لوسط جديد، بيئة جديدة، رفاق جدد، ومن سيكونون؟ هل سيكون زبوناً للمقاهي، مرتادوها هم أصدقاؤه.. هؤلاء الذين كلما استمع لأحاديثهم التي لا تتجاوز ذكريات العطاء والتنظير يبتسم ابتسامة شفقة. وهل سأحمل لقب متقاعد؟ تذكر ما يدور من أحاديث ساخرة حول المتقاعدين إذ يكون همهم الأكبر إشعال المصابيح أو إغلاقها، فتح الأبواب أو إغلاقها، ويراقبون كل صغيرة وكبيرة في المنزل وكأنهم محقق بوليسي.
لعمري شغلته زحمة العمل عن وضع خطة لمستقبله وهو الذي كان ينصح ابنه أن يضع خطة لمستقبله، فإذا به يقع في نفس الخطأ، هو لا يدري كيف سيقضي أيامه الباقية، وما هدفه في الحياة؟ هل سيقضي باقي حياته في برامج ترفيهية، والسفر والسياحة، وممارسة هواياته التي حرمه منها انشغاله بالعمل، وسجادته التي يصلي عليها والتي طالما غادرها مسرعاً لضغوط الحياة وهو لا زال بحاجة لمناجاة ربه، ومسجد الحي الذي كثيراً ما يتمنى أن يرتاده بانتظام وحال بينه بسبب مواعيد العمل، نعم هي فرصة أن يفعل ما كان يتمنى، ولكنه مازال قادراً على العطاء، قادراً على تحمل المسؤولية، ولعله اليوم أفضل من الأمس في قدرته على إدارة الأمور، فهو اليوم ذو خبرة وأكثر نضجاً، ولعل التقاعد فرصته حيث يتوفر الوقت لاستثمار أحلام مؤجلة. نعم هي لحظة سيعيشها الجميع، لحظة استلام رسالة التقاعد ولكننا ننسى أن نخطط لها، فالتقاعد سنة من سنن الحياة إلا أن العطاء واجب لا ينتهي بالتقاعد، ولكن قد تتغير أشكاله من فترة لأخرى، فيجب أن نكافح الصورة الخاطئة التي علقت في أذهاننا عن حياة التقاعد التي توصم من يصل إلى هذه المرحلة بأنه الموظف الذي انتهى عطاؤه بانتهاء وظيفته فيتسلل إلى نفسه الشعور بضمور حضوره العملي والاجتماعي.
إن التخطيط السليم هو مفتاح النجاح سواء في عملك أو عندما تصل إلى هذه المرحلة حيث توجد قاعدة ذهبية وهي تنظيم العمل أهم من العمل نفسه، لأن الترتيب والتنظيم يوفر الجهد ويؤتي ثماراً من توفير الوقت وإتقان العمل. فكيف ننسى هذه القاعدة الذهبية وتأتي مرحلة التقاعد دون ترتيب مسبق يتناسب مع إمكانات وطموح كل فرد.
إن من يدركون قيمة الحياة أطلقوا تعبيراً شهيراً أضاء الطريق للبعض وهو ان «الحياة تبدأ بعد الستين»، وكأنما للإنسان وقفة مع النفس يقيم ما جال بها من محطات في رحلة العمر لكي يشبع شغفه لما تطوق له نفسه من تجارب لم تتسن له الفرصة من أجلها. فمنهم من يتجه لممارسة هواية يحبها وآخرون يلجؤون للعمل التطوعي والبعض يبحث عن صداقات العمر التي حالت المشاغل دون التواصل معها.
كما يجب على المتقاعد أن يجهز نفسه لهذه المرحلة فيجب أن يتعلم المجتمع كيف يتعامل معه وعليه تصحيح الصورة عن هذه المرحلة حتى لا تؤلمه أفعالنا.. فلم ينته دوره في الحياة التي أثقلته ببحر من التجارب وأصبح لديه الكم الهائل للحصيلة العلمية والثقافية بالإضافة إلى قدرته على تأدية العديد من الأدوار الاجتماعية فهو جسر للقيم والأعراف والثقافة التي تنتقل من جيل إلى جيل.
وليس هناك أعظم من دور الأسرة التي يجب أن يكون وعيها واستيعابها لهذه المرحلة العمرية، وكيف تكون مهيأة نفسياً ومعنوياً في احتواء المتقاعد والأخذ بيده ومراعاته، وجعله يشعر أنه مازال ذلك القائد لسفينة الحياة وتكن له التقدير والاحترام، كل ذلك يساعده على أن يستشعر وجوده وأنه مازال قادرا على العطاء.
إن طبيعة هذه المرحلة تتوقف على كيف ينظر المتقاعد إلى نفسه ووضعه الجديد، إن شاهده بإيجابية فستكون حياته جيدة ومليئة بالانجازات، ويشعر أن له دوراً وبذلك يساعد نفسه ويساندها.
ختاماً، لابد أن يوفر المجتمع برامج تهيئة للأشخاص المقبلين على التقاعد للتأكيد على ضرورة استمرارهم في العطاء والبذل، وكم نتمنى أن تكون لهم امتيازات خاصة بهم مثل تخفيضات في بعض البرادات، أو شركات السياحة، أو الصالونات، وأرى أن الاستفادة من الخبرات المتراكمة للمتقاعدين أمر ضروري، وذلك من خلال وضع إستراتيجية لتفعيل دورهم، تتولى تنفيذها لجنة وطنية تضم جميع الجهات المعنية، والعمل على توفير قاعدة بيانات عن المتقاعدين على مستوى الدولة، تتضمن تحليلاً تفصيلياً وكاملاً عن هذه الفئة المجتمعية بمجال خبراتها للاستفادة منها، وتشجيعهم على الانخراط في العمل التطوعي، ولعل تشجيعهم على تأسيس المشروعات التجارية الصغيرة والمتوسطة والدخول لمجال ريادة الأعمال من الأمور التي لها جدواها الاقتصادية والاجتماعية، فعطاء الإنسان وقدرته على الإنتاج لا تنتهي بالوصول لخط التقاعد، فالثروة الحقيقية للوطن هي الثروة البشرية، فلابد من استثمارها، ودعونا نخطط لتغيير نوع العطاء لنحافظ على الفوائد الاقتصادية التي تعود بالنفع على المجتمع.. وللمتقاعدين التحية.
لعمري شغلته زحمة العمل عن وضع خطة لمستقبله وهو الذي كان ينصح ابنه أن يضع خطة لمستقبله، فإذا به يقع في نفس الخطأ، هو لا يدري كيف سيقضي أيامه الباقية، وما هدفه في الحياة؟ هل سيقضي باقي حياته في برامج ترفيهية، والسفر والسياحة، وممارسة هواياته التي حرمه منها انشغاله بالعمل، وسجادته التي يصلي عليها والتي طالما غادرها مسرعاً لضغوط الحياة وهو لا زال بحاجة لمناجاة ربه، ومسجد الحي الذي كثيراً ما يتمنى أن يرتاده بانتظام وحال بينه بسبب مواعيد العمل، نعم هي فرصة أن يفعل ما كان يتمنى، ولكنه مازال قادراً على العطاء، قادراً على تحمل المسؤولية، ولعله اليوم أفضل من الأمس في قدرته على إدارة الأمور، فهو اليوم ذو خبرة وأكثر نضجاً، ولعل التقاعد فرصته حيث يتوفر الوقت لاستثمار أحلام مؤجلة. نعم هي لحظة سيعيشها الجميع، لحظة استلام رسالة التقاعد ولكننا ننسى أن نخطط لها، فالتقاعد سنة من سنن الحياة إلا أن العطاء واجب لا ينتهي بالتقاعد، ولكن قد تتغير أشكاله من فترة لأخرى، فيجب أن نكافح الصورة الخاطئة التي علقت في أذهاننا عن حياة التقاعد التي توصم من يصل إلى هذه المرحلة بأنه الموظف الذي انتهى عطاؤه بانتهاء وظيفته فيتسلل إلى نفسه الشعور بضمور حضوره العملي والاجتماعي.
إن التخطيط السليم هو مفتاح النجاح سواء في عملك أو عندما تصل إلى هذه المرحلة حيث توجد قاعدة ذهبية وهي تنظيم العمل أهم من العمل نفسه، لأن الترتيب والتنظيم يوفر الجهد ويؤتي ثماراً من توفير الوقت وإتقان العمل. فكيف ننسى هذه القاعدة الذهبية وتأتي مرحلة التقاعد دون ترتيب مسبق يتناسب مع إمكانات وطموح كل فرد.
إن من يدركون قيمة الحياة أطلقوا تعبيراً شهيراً أضاء الطريق للبعض وهو ان «الحياة تبدأ بعد الستين»، وكأنما للإنسان وقفة مع النفس يقيم ما جال بها من محطات في رحلة العمر لكي يشبع شغفه لما تطوق له نفسه من تجارب لم تتسن له الفرصة من أجلها. فمنهم من يتجه لممارسة هواية يحبها وآخرون يلجؤون للعمل التطوعي والبعض يبحث عن صداقات العمر التي حالت المشاغل دون التواصل معها.
كما يجب على المتقاعد أن يجهز نفسه لهذه المرحلة فيجب أن يتعلم المجتمع كيف يتعامل معه وعليه تصحيح الصورة عن هذه المرحلة حتى لا تؤلمه أفعالنا.. فلم ينته دوره في الحياة التي أثقلته ببحر من التجارب وأصبح لديه الكم الهائل للحصيلة العلمية والثقافية بالإضافة إلى قدرته على تأدية العديد من الأدوار الاجتماعية فهو جسر للقيم والأعراف والثقافة التي تنتقل من جيل إلى جيل.
وليس هناك أعظم من دور الأسرة التي يجب أن يكون وعيها واستيعابها لهذه المرحلة العمرية، وكيف تكون مهيأة نفسياً ومعنوياً في احتواء المتقاعد والأخذ بيده ومراعاته، وجعله يشعر أنه مازال ذلك القائد لسفينة الحياة وتكن له التقدير والاحترام، كل ذلك يساعده على أن يستشعر وجوده وأنه مازال قادرا على العطاء.
إن طبيعة هذه المرحلة تتوقف على كيف ينظر المتقاعد إلى نفسه ووضعه الجديد، إن شاهده بإيجابية فستكون حياته جيدة ومليئة بالانجازات، ويشعر أن له دوراً وبذلك يساعد نفسه ويساندها.
ختاماً، لابد أن يوفر المجتمع برامج تهيئة للأشخاص المقبلين على التقاعد للتأكيد على ضرورة استمرارهم في العطاء والبذل، وكم نتمنى أن تكون لهم امتيازات خاصة بهم مثل تخفيضات في بعض البرادات، أو شركات السياحة، أو الصالونات، وأرى أن الاستفادة من الخبرات المتراكمة للمتقاعدين أمر ضروري، وذلك من خلال وضع إستراتيجية لتفعيل دورهم، تتولى تنفيذها لجنة وطنية تضم جميع الجهات المعنية، والعمل على توفير قاعدة بيانات عن المتقاعدين على مستوى الدولة، تتضمن تحليلاً تفصيلياً وكاملاً عن هذه الفئة المجتمعية بمجال خبراتها للاستفادة منها، وتشجيعهم على الانخراط في العمل التطوعي، ولعل تشجيعهم على تأسيس المشروعات التجارية الصغيرة والمتوسطة والدخول لمجال ريادة الأعمال من الأمور التي لها جدواها الاقتصادية والاجتماعية، فعطاء الإنسان وقدرته على الإنتاج لا تنتهي بالوصول لخط التقاعد، فالثروة الحقيقية للوطن هي الثروة البشرية، فلابد من استثمارها، ودعونا نخطط لتغيير نوع العطاء لنحافظ على الفوائد الاقتصادية التي تعود بالنفع على المجتمع.. وللمتقاعدين التحية.