كنت في زيارة خاطفة وسريعة جداً للبحرين، ذلك البلد الصغير بحجمه والكبير جداً بقلوب شعبه، وأزور البحرين بانتظام منذ بدايات الثمانينات. وأسرني أسلوب الحياة السهل فيها وطيبة أهلها وكرم شعبها ومثالية التعايش الحقيقي بين الطوائف والأديان.
كنت أرى البحرين واجهة حضارية ومدنية واقعية في الخليج العربي، كيف لا، وهي نتاج تاريخ عريق يتجاوز الثلاثة آلاف وخمسمائة عام، أنتجت خلال ذلك التجار والمعلمين والأطباء والمهندسين والمصرفيين والفنانين والشعراء والأدباء والرياضيين، وكانوا نماذج يرفع بها الرأس، وأوجدت في التاريخ أهم قاعدة مصرفية في العالم العربي، وكانت نقطة جذب سياحية ناجحة ومميزة. ثم أطل عليها رأس الأفعى الطائفية منذ قيام الثورة الخمينية في إيران ووصول الطائفية إلى الحكم هناك، وبدأ اللعب على نغمة المطالبة بضم البحرين إلى إيران عبر تصريحات العشرات من المسؤولين والعسكريين والإعلاميين والبرلمانيين وغيرهم، وهي جميعاً لا يمكن أن تكون «زلات لسان» غير مقصودة، بل هي رسائل قلق وتوتير تستغلها أطياف المعارضة الطائفية المحسوبة على إيران في البحرين، التي تريد منها أن تكون جزءاً من ولاية الفقيه، بحسب اعترافاتهم.
بدأ لسان المعارضة يأخذ خطاً طائفياً صريحاً وتلا ذلك عنف دموي مستمر يلقى تأييد مجرمي إيران من أمثال حسن نصر الله في لبنان وبوق إيران العربي في المنطقة، وكذلك المرتزق قاسم سليماني قائد الميليشيات الإيرانية. وكان لهذا الحراك المتطرف في البحرين وجه «الشيخ» علي سلمان، وهو طائفي بامتياز أخذ الخط المتشدد المؤيد لولاية الفقيه ويبرر لأعمال العنف التي يقوم بها مؤيدوه، بينما في الوقت ذاته، كان هناك وجه آخر يمثل وجه البحرين السلمي الحضاري المدني، وهو ما تقوم به وزارة الثقافة من مجهودات لتكريس حضور الفن والثقافة والحضارة والجمال والفكر بأجمل صورة من كل أصقاع الأرض بأقل الإمكانيات، ولكن بروح جبارة وعزيمة الجبال.
لقد تحولت البحرين بالتدريج إلى إحدى أهم الوجهات الثقافية فيما يخص المهرجانات الفنية، متفوقة فيها على قرطاج وجرش وبعلبك وجبيل وأصيلة، وهي كلها مهرجانات لها تاريخ غني وكبير.
البحرين بين وجهين اليوم، وجه «الشيخ» علي سلمان الطائفي البغيض والمدين للولاء المطلق للخارج ووجهها الآخر الحضاري المتسامح المنفتح الوسطي المدني. شتان الفارق الهائل بين الاثنين، الأول وجه يدعو للفتنة والثاني يدعو للحياة والجمال والأمل. تذكرت ذلك كله وأنا أقرأ وأشاهد بعض ما يكتب عن «المعارضة السلمية في البحرين» «وهي أهم أكاذيب أبواق إيران في المنطقة» التي تصور علي سلمان على أنه نيلسون مانديلا أو غاندي مثلاً، وتحكي عن «قمع» و»اضطهاد»، وهذا غير موجود على أرض الواقع.
البحرين لؤلؤة الخليج العربي ودرة العقد فيه... هي بلد أجمع على محبته كل أهل الخليج ويكن له العرب كل المودة. فيروس الطائفية يخترقها ليتحول إلى سرطان ينهش جسدها الطاهر تحت اسم المعارضة السلمية. الجميع مطالب بأن يقف مع البحرين لكشف الزيف الإيراني بحقها، وأن يرعى مشروع الشيخة مي آل خليفة الحضاري والجمالي لطمس القبح المقدم من الطرف الآخر.
* نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية
{{ article.visit_count }}
كنت أرى البحرين واجهة حضارية ومدنية واقعية في الخليج العربي، كيف لا، وهي نتاج تاريخ عريق يتجاوز الثلاثة آلاف وخمسمائة عام، أنتجت خلال ذلك التجار والمعلمين والأطباء والمهندسين والمصرفيين والفنانين والشعراء والأدباء والرياضيين، وكانوا نماذج يرفع بها الرأس، وأوجدت في التاريخ أهم قاعدة مصرفية في العالم العربي، وكانت نقطة جذب سياحية ناجحة ومميزة. ثم أطل عليها رأس الأفعى الطائفية منذ قيام الثورة الخمينية في إيران ووصول الطائفية إلى الحكم هناك، وبدأ اللعب على نغمة المطالبة بضم البحرين إلى إيران عبر تصريحات العشرات من المسؤولين والعسكريين والإعلاميين والبرلمانيين وغيرهم، وهي جميعاً لا يمكن أن تكون «زلات لسان» غير مقصودة، بل هي رسائل قلق وتوتير تستغلها أطياف المعارضة الطائفية المحسوبة على إيران في البحرين، التي تريد منها أن تكون جزءاً من ولاية الفقيه، بحسب اعترافاتهم.
بدأ لسان المعارضة يأخذ خطاً طائفياً صريحاً وتلا ذلك عنف دموي مستمر يلقى تأييد مجرمي إيران من أمثال حسن نصر الله في لبنان وبوق إيران العربي في المنطقة، وكذلك المرتزق قاسم سليماني قائد الميليشيات الإيرانية. وكان لهذا الحراك المتطرف في البحرين وجه «الشيخ» علي سلمان، وهو طائفي بامتياز أخذ الخط المتشدد المؤيد لولاية الفقيه ويبرر لأعمال العنف التي يقوم بها مؤيدوه، بينما في الوقت ذاته، كان هناك وجه آخر يمثل وجه البحرين السلمي الحضاري المدني، وهو ما تقوم به وزارة الثقافة من مجهودات لتكريس حضور الفن والثقافة والحضارة والجمال والفكر بأجمل صورة من كل أصقاع الأرض بأقل الإمكانيات، ولكن بروح جبارة وعزيمة الجبال.
لقد تحولت البحرين بالتدريج إلى إحدى أهم الوجهات الثقافية فيما يخص المهرجانات الفنية، متفوقة فيها على قرطاج وجرش وبعلبك وجبيل وأصيلة، وهي كلها مهرجانات لها تاريخ غني وكبير.
البحرين بين وجهين اليوم، وجه «الشيخ» علي سلمان الطائفي البغيض والمدين للولاء المطلق للخارج ووجهها الآخر الحضاري المتسامح المنفتح الوسطي المدني. شتان الفارق الهائل بين الاثنين، الأول وجه يدعو للفتنة والثاني يدعو للحياة والجمال والأمل. تذكرت ذلك كله وأنا أقرأ وأشاهد بعض ما يكتب عن «المعارضة السلمية في البحرين» «وهي أهم أكاذيب أبواق إيران في المنطقة» التي تصور علي سلمان على أنه نيلسون مانديلا أو غاندي مثلاً، وتحكي عن «قمع» و»اضطهاد»، وهذا غير موجود على أرض الواقع.
البحرين لؤلؤة الخليج العربي ودرة العقد فيه... هي بلد أجمع على محبته كل أهل الخليج ويكن له العرب كل المودة. فيروس الطائفية يخترقها ليتحول إلى سرطان ينهش جسدها الطاهر تحت اسم المعارضة السلمية. الجميع مطالب بأن يقف مع البحرين لكشف الزيف الإيراني بحقها، وأن يرعى مشروع الشيخة مي آل خليفة الحضاري والجمالي لطمس القبح المقدم من الطرف الآخر.
* نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية