«هاجوا وما جوا» وقالوا محاكمة «مدني» في القضاء العسكري البحريني، فتحركت «امنستي» وجماعتها، ومعهم على نفس الخط قناة العالم والميادين وبقية الجوقة المتوافقة على ذات الأجندة، قالوا إن ذلك يعد تراجعاً وقمعاً وظلماً وإلى آخره من مصطلحات عهدناها في قائمتهم يخصون بها البحرين، وقضية هذا «المدني» الذي تحركوا فجأة!! وتذكروه فجأة!! محالة منذ أكثر من شهر للقضاء العسكري أي من بعد صدور التعديل، لكن هم صمتوا وتركوه يحاكم إلى أن جاء توقيت يخدم أغراضاً سياسية خاصة بالمشروع، وهذا دليل على أن مجنديهم لا يزيدون عن أوراق ضغط يستخدمونها أو يهملونها وفقاً لمصالحهم.

أما هذا الذي يزعمون أنه «مدني» فقد تلقى تدريباً عسكرياً كتدريب أفراد الجيوش، وهو عضو في ميليشيا نظامية لها قائد، تضم تحت قياداتها المركزية مجموعات عنقودية التراتيب، عضو في خلية ضمن ميليشيات تستخدم مواد تفجير غاية في الخطورة كالتي تستخدم في تفجير التحصينات العسكرية والمصفحات، بمواد لا تتداولها غير جيوش وأنظمة عسكرية، وجريمته التي يحاكم من أجلها هي استهداف منشآت عسكرية ورجال من الجيش! سؤالنا ما الذي بقي له من «المدنية»؟ ملابسه مثلاً؟ أو أن بطاقته الشخصية غير مكتوب فيها أنه عسكري؟

لو تم إنزال على سواحلنا لهذا «المدني» مع مجموعة «مدنيين» آخرين من أمثاله من المدربين على تلك النوعيات من العمليات القتالية، وفي قاربهم كمية المتفجرات التي عثر عليها مخزنة في أوكارهم فمن سيتعامل معهم؟ القوات الأمنية؟ أم الجيش؟

سؤال آخر ما هو وضع «ميليشيات الحشد الشعبي» هل هم عسكريون أم مدنيون؟ والإرهابيون الذين تدربهم مخيمات التدريب التابعة لميليشيات الحشد هم من تلفظهم عندنا كي يشنوا حرباً على قواتنا المسلحة، أين هم المدنيون؟

باختصار نحن أمام «عسكري» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نحن أمام خلايا تماثل الكتائب العسكرية أعداداً وعدة، نحن نتعامل مع «جيوش» غير نظامية، وعسكريين مسجلين على كشف الرواتب وقائمة الحرس الثوري الإيراني، هؤلاء عسكريون بكل ما تحمله الكلمة من معنى تدريباً وتأهيلاً وتسليحاً، إنما بملابس مدنية!! هذه هي الحروب العصرية الجديدة، هذه هي الحروب غير التقليدية التي تخوضها البحرين وتخوضها دول المنطقة بأسرها، تحايلت إيران على أشكال الحروب التقليدية فجنبت جيوشها وقواتها الإيرانية الاحتكاك بقواتنا العسكرية، وقامت بتجنيد مجموعات من الخونة العرب ليخونوا أوطانهم، وأوهمتهم بأنهم في مهمة دينية وحرب مقدسة، دربتهم وسلحتهم ومولتهم ونظمتهم كأي جيش نظامي، وأطلقتهم كالكلاب المسعورة ليدمروا أوطانهم بأيديهم، وغرست فيهم «عقيدة عسكرية» صرفة كأي جيش يهيأ للقتال، فهؤلاء يعتبرون الجيوش الوطنية والقوات الأمنية في دولهم «محتلين ومرتزقين» ويجوز من منطلق تلك العقيدة محاربتهم وقتالهم وقتلهم، أما الحرس الثوري الإيراني فهو جيشهم وهم جنوده!! انظروا الخطاب الحافل ببغض القوات المسلحة العربية الوطنية الخليجية، خطاب من غسلت دماغه وصدق أنه يعيش احتلالاً وجيوشنا قوات احتلال، تلك عقيدة عسكرية هيأت الأفراد للقتال والقتل.

ثم استعدت للدفاع عنهم بمنظومة من القوى الناعمة، كي تشاركهم جريمة حضانتهم ورعايتهم والدفاع عنهم، بتحوير وتزوير الوقائع وبإخفاء الحقائق، وبتقديم باقة من الدعم اللوجستي لهم، بوسائل إعلام، ومنظمات دولية حقوقية، تتحرك للدفاع عنهم إنما بما يخدم المشروع لا بما يخدم مصالح هؤلاء «المجندين»، فما هؤلاء سوى أوراق تستخدمها وتتخلى عنها حسب مصالحها، فتستغل قضيتهم لأغراض بعيدة كل البعد عن طبيعة التهمة التي سيحاكم بها هؤلاء من سمتهم «المدنيين»، فلا أحد من الجوقة يتطرق إلى الأدلة والبراهين التي ضبطت، وخطورتها على أمن الوطن، كما أنهم غير معنيين بالاستفسار عن توافر الضمانات في القضاء العسكري كدرجات التقاضي وإجراءاته وسرعة البت فيه وهي موجودة إنما لا أحد من تلك الجوقة معني بها، فتلك أمور لا تعنيهم لأن «المدنيين» المجندين في نهاية الأمر بالنسبة للجوقة المحرضة لا يزيدون عن وقود، قرابين، أكباش فداء، مجموعة ساذجة يتم استغفالها واستغلالها لأجندتهم.

الخلاصة، مملكة البحرين أعزها الله لن تنتظر أن تتوقف تلك الجوقة عن تخرصاتها كي تتحرك وتؤمن أمن وسلامة قواتها المسلحة أو منشآتها العسكرية، بل ستعمل على توفير جميع استحقاقات الأمن دون التفات لتلك الأصوات.

وختاماً، هذا وطن لا يستحق أن يعيش فيه من لا يقدره حق قدره ويعرف أن قواته المسلحة هي حصنه وقلعته وفخره واعتزازه، وسيظل التاريخ حاملاً ومتناقلاً جيلاً بعد جيل حكاية رجال حموا الوطن وحكاية خونة حاولوا طعنه في ظهره، جيلاً وراء جيل سننقل ما جرى عن عار لن يمحى مادامت هذه الأرض ومادام هذا الشعب حياً.