العمل بمشروع مارشال الذي طرحته أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن أمراً سهلاً، فقد فرض ستالين حصاراً قاسياً على كامل ألمانيا وقطع جميع الإمدادات وطرق النقل إلى برلين الغربية، كما قطع الكهرباء وتوقفت المصانع وعزلت برلين عن العالم بشكل كامل، ولم تشأ أمريكا التصادم مع الاتحاد السوفيتي ففتحت جسراً جوياً مع حلفائها، كانت تنزل من خلاله آلاف الأطنان يومياً من الإمدادات، أنزلوا على برلين كل شيء حتى السيارات وألواح الشوكولاتة للأطفال، سكان برلين كانوا متفهمين للواقع ويعرفون ما يريدون فقد احتشد أكثر من 300 ألف منهم أمام رايخ ستاغ وتحدث عمدة المدينة بصوت عالٍ عما كان يفكر به أبناء برلين فطالب أمريكا وفرنسا وبريطانيا بعدم التخلي عنهم، مع أنهم قبل ثلاث سنوات دمروا ألمانيا، ولم يروا خطراً غيرها، بعد هذه المطالبات تغيرت الظروف ولم تعد أمريكا وباقي الحلفاء يعتبرون الألمان نازيين يجب القضاء عليهم وألغى الأمر القاضي بعدم التآخي مع الألمان الذي صدر في عام 1945، وأصبحت ألمانيا جزءاً من الحلفاء، فأصبح مقاوم الأمس حليف اليوم، حصار ألمانيا دفع أوروبا إلى الدخول في حلف دفاعي مع أمريكا لكن هذه المرة ضد السوفيت وأصبح 12 بلداً أعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي ووضع جزء من أوروبا تحت مظلة الحماية الأمريكية، لقد عمل ستالين على دفع أوروبا إلى حضن العم سام.
مرت سنوات على احتلال العراق واكتمل مسلسل تدميره، وأنهك شعبه بشكل تام، وتحقق الهدف من احتلاله، في مقابل استفحال الخطر الإيراني وتمدده وكما أعلن ترومان عن الخطر السوفيتي، يتحدث ترامب اليوم عن الخطر الإيراني التوسعي الداعم للإرهاب في المنطقة، فالدور الإيراني يجب أن ينتهي، وكما تحرك ترومان في السابق وجمع الحلفاء يتحرك ترامب اليوم ليطلق تحالفاً كبيراً يوقف مد «ولاية الفقيه»، وكما أن ترومان لم يشأ مواجهة الاتحاد السوفيتي بجنود وقوة عسكرية أمريكية، كذلك ترامب يريد الحد من نفوذ إيران بدون مواجهة عسكرية أمريكية معها، وإيران من جانبها لا تتجرأ على أن تواجه أمريكا والعالم عسكرياً، خصوصاً أنها لديها من أبناء المنطقة من يقاتل نيابة عنها حتى آخر رجل. نحن اليوم أمام مرحلة تاريخية مفصلية لا تختلف عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وإعادة تشكيل التحالفات في عام 1947، وإذا كان قادة الدول العربية ودول العالم الإسلامي يدركون هذه الحقيقة ويجيدون استثمارها فهناك طرف آخر ليس له حكومة أو قيادة واحدة تتصرف نيابة عنه، مع أن ملعب التحالف القادم على ساحته، ألا وهو الطرف المنهك «العرب السنة» في العراق، فهؤلاء على أرضهم القواعد والقوات الأمريكية، وهؤلاء وضعهم يشابه وضع الألمان بعد الحرب العالمية وحتى عام 1947، فالكل يقف ضدهم، محيطهم، إيران وميليشياتها، الحكومة التي كانت نتاج العملية السياسية التي فرضتها أمريكا، «داعش»، وفوق كل ذاك تشرذمهم، جزء من أرضهم تسيطر عليها إيران وميليشياتها، وجزء آخر وضعت فيه أمريكا قواعدها، وهم أمام واقع يؤكد أن أمريكا جاءت لتبقى في العراق عشرات السنين، كما أن أمريكا لن تسمح لإيران أن تكون شريكتها في هذا الوجود، لذا فهم أمام خيارات.. وللحديث بقية.
مرت سنوات على احتلال العراق واكتمل مسلسل تدميره، وأنهك شعبه بشكل تام، وتحقق الهدف من احتلاله، في مقابل استفحال الخطر الإيراني وتمدده وكما أعلن ترومان عن الخطر السوفيتي، يتحدث ترامب اليوم عن الخطر الإيراني التوسعي الداعم للإرهاب في المنطقة، فالدور الإيراني يجب أن ينتهي، وكما تحرك ترومان في السابق وجمع الحلفاء يتحرك ترامب اليوم ليطلق تحالفاً كبيراً يوقف مد «ولاية الفقيه»، وكما أن ترومان لم يشأ مواجهة الاتحاد السوفيتي بجنود وقوة عسكرية أمريكية، كذلك ترامب يريد الحد من نفوذ إيران بدون مواجهة عسكرية أمريكية معها، وإيران من جانبها لا تتجرأ على أن تواجه أمريكا والعالم عسكرياً، خصوصاً أنها لديها من أبناء المنطقة من يقاتل نيابة عنها حتى آخر رجل. نحن اليوم أمام مرحلة تاريخية مفصلية لا تختلف عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وإعادة تشكيل التحالفات في عام 1947، وإذا كان قادة الدول العربية ودول العالم الإسلامي يدركون هذه الحقيقة ويجيدون استثمارها فهناك طرف آخر ليس له حكومة أو قيادة واحدة تتصرف نيابة عنه، مع أن ملعب التحالف القادم على ساحته، ألا وهو الطرف المنهك «العرب السنة» في العراق، فهؤلاء على أرضهم القواعد والقوات الأمريكية، وهؤلاء وضعهم يشابه وضع الألمان بعد الحرب العالمية وحتى عام 1947، فالكل يقف ضدهم، محيطهم، إيران وميليشياتها، الحكومة التي كانت نتاج العملية السياسية التي فرضتها أمريكا، «داعش»، وفوق كل ذاك تشرذمهم، جزء من أرضهم تسيطر عليها إيران وميليشياتها، وجزء آخر وضعت فيه أمريكا قواعدها، وهم أمام واقع يؤكد أن أمريكا جاءت لتبقى في العراق عشرات السنين، كما أن أمريكا لن تسمح لإيران أن تكون شريكتها في هذا الوجود، لذا فهم أمام خيارات.. وللحديث بقية.