شاشة تلفزيون البحرين في رمضان لن تغني محبي متابعة البرامج، عن متابعة القنوات الأخرى، لكنها -من وجهة نظري- على الأقل، قدمت لنا بعض اللحظات الجميلة التي لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام.
هناك جهد جميل مبذول لا يمكن نكرانه، طبعاً تصعب المقارنة مع الفضائيات الأخرى التي تملك موازنات مضاعفة بالمقارنة مع ميزانية تلفزيوننا خاصة في ظل التقشف وشد الحزام، ولا حتى من ناحية العائد الإعلاني، رغم وجوده في شاشتنا، لكن يظل الفارق الذي تحدده مساحة الانتشار والجمهور المتابع.
أقول بأن هناك جهداً طيباً، وهو جهد رأيناه منذ اليوم الأول لانطلاقة التلفزيون بشكله الجديد، ومضمونه المتغير، جهد يبذله شباب لمسنا فيهم السعي للتميز، والرغبة في التعلم واكتساب الخبرة، والأهم «التعلم من الأخطاء»، وأقولها هنا وأنا مسؤول عنها، هناك من كوادر التلفزيون الشابة من بالفعل بدأ بالاستفادة من النقد الهادف، وعمل على تطوير نفسه، ولمسنا ذلك، وهي مسألة كنا نفتقدها في السابق، ليس على مستوى الجهاز الإعلامي فقط، بل على مستوى أجهزة عديدة في الدولة، حينما لا نتعلم من أخطائنا.
أعود لتلك اللحظة الجميلة التي تجعلني «أتسمر» وأنا أتابع تلفزيون البحرين، أو بالأصح، أترقبها لأرى ماذا قدمت بلادي الحبيبة البحرين اليوم من خير، عبر أصحاب الأيادي البيضاء.
برنامجنا البحريني الخالص «تم»، هو محور الحديث هنا، ولبيان البون هنا بشأن تلكم البرامج التي توضع بطريقة صحيحة بحيث تلامس شغاف القلوب، وتهز المشاعر، فقط لنضع برنامجنا في معيار المقارنة مع برنامج «الصدمة» الذي ظهر في رمضان الماضي، ويتواصل للعام الثاني حالياً.
في «الصدمة» تفاعل الناس، ردود الفعل الإيجابية هي الغالبة وهي الطاغية، وطبعاً لا نعدم مسألة وجود ردود فعل سلبية، بعضها يتضمن نقداً موضوعياً رصيناً، له أبعاده المنطقية، وله وجهات نظر يمكن أن تناقش وطبعاً تحترم، وأيضاً لا تعدم مسألة وجود ردود فعل قاسية، متشنجة، وحتى متطرفة لأبعد الحدود.
هذا البرنامج حقق النجاح وذاع صيته، فقط لأنه ركز على تحريك المشاعر الإنسانية، وهو رهانه الذي بني عليه، وبالفعل تفاعلنا وتفاعل مئات الآلاف مع المواقف الإنسانية، بغض النظر إن كان الموقف في العراق أو لبنان أو السعودية أو غيرهم من البلدان العربية، يكفينا كان الموقف الإنساني الذي يجعلنا نتوقف للحظات مع أنفسنا، وحوار داخلي يدور معني بمراجعتنا لشعورنا الإنساني.
أعود لبرنامج «تم»، وأتحدث عن الفارق هنا، وعلى رأسه أنه بحريني خالص حتى النخاع، لسنا نتحدث عن مجتمعات أخرى، بل مجتمعنا الذي عرف بأصالة أهله، وحبهم للخير، وفزعتهم لنصرة المعوز، والوقوف مع المحتاج، هذا هو المجتمع البحريني الذي ولدنا فيه، وتشربت أخلاقه فينا، نقلاً عن آبائنا وأجدادنا الذين صنعوا صورة الإنسان البحريني الطيب المعطاء الساعي للخير.
برنامج «تم»، أراه في البداية كمسعى طيب لإعادة إشعال جذوة الشعور الإنساني البحريني الحقيقي في قلوبنا، إلى إعادتنا لأصل عاداتنا وأخلاقنا، إلى تحريك إحساسنا تجاه أبناء وطننا، خصوصاً المحتاجين منهم، والأهم «المتعففين» الذين لا يعلم بحالهم إلا الله، هي محاولة لإعادة قلوبنا ومشاعرنا وإحساسنا لوضعهم ومكانهم الطبيعي.
طبعاً، والأهم هنا، هي تلك الابتسامات، ودموع الفرح، وإعادة إحياء شعور «الأخوة والمحبة» بين أبناء المجتمع، تلك التي تراجعت ووصلت لمرحلة الانقراض، وذلك من خلال تفريج الكرب على الناس، ومساعدتهم، وقيام المجتمع بدوره المسؤول تجاههم.
كم قلباً فرح، وكم عائلة لا أقول تغير حالها، لكن انصلح حالها بفضل من الله ثم بما قدمه برنامج «تم»، من خلال متابعة هذه الحالات وتوجيه ما توافر من أهل الخير والعطاء لإسعاد هؤلاء البشر الطيبين الذين رأينا تأثرهم وتأثرنا معهم؟!
أعرف تماماً ما ردده البعض من انتقادات للبرنامج، لكنني أقول بأنه أولاً، في مثل هذه البرامج لا يعرض أي تصوير إلا بموافقة أصحابه، حفاظاً على خصوصيتهم، وثانياً، العملية تدخل في نقاش وجدل طويل، بشأن إبراز أعمال الخير أو إخفائها، وهنا في رأيي، لسنا نبرز عمل خير لشخص ما، معلن اسمه، بل يؤسس البرنامج لثقافة التكافل الاجتماعي والهبة لمساعدة الناس، والتي لا تقوم إلا من خلال البحث عنهم ودراسة حالاتهم.
كونوا إيجابيين، إذ كانت الحالات التي رأيناها، هي تزرع فينا التفاؤل، حينما يتحدث أصحابها عن مشاكلهم ومعاناتهم، لكن بسمتهم موجودة، وقولهم بأن الله كريم، والله نتعلم ونحن الأصحاب من ذاك الشاب الجالس على الكرسي المتحرك، لكنه يبتسم أكثر منا، يتحدى إعاقته ويمارس الرياضة بطموح أكثر من الأصحاء، وقبله الذي احترق منزله وهو يكرر «قدر الله وما شاء فعل، وهذه حكمته».
والله أمام هؤلاء الناس الطيبين، والله «تصغر» النفس، وتلتفت فجأة لتقول لماذا «السلبية»، لا تحولوا الجميل إلى قبيح، افرحوا لفرح الناس، واحزنوا لحزنهم، بل بادروا لتزيلوا حزنهم وتبدلوه فرحاً. لتلفزيون البحرين، للشباب المبدعين، للداعمين لبرنامج «تم»، ولكل من أثروا فينا من شخصيات طيبة، ترفع لكم القبعة، وشكراً لكم.
{{ article.visit_count }}
هناك جهد جميل مبذول لا يمكن نكرانه، طبعاً تصعب المقارنة مع الفضائيات الأخرى التي تملك موازنات مضاعفة بالمقارنة مع ميزانية تلفزيوننا خاصة في ظل التقشف وشد الحزام، ولا حتى من ناحية العائد الإعلاني، رغم وجوده في شاشتنا، لكن يظل الفارق الذي تحدده مساحة الانتشار والجمهور المتابع.
أقول بأن هناك جهداً طيباً، وهو جهد رأيناه منذ اليوم الأول لانطلاقة التلفزيون بشكله الجديد، ومضمونه المتغير، جهد يبذله شباب لمسنا فيهم السعي للتميز، والرغبة في التعلم واكتساب الخبرة، والأهم «التعلم من الأخطاء»، وأقولها هنا وأنا مسؤول عنها، هناك من كوادر التلفزيون الشابة من بالفعل بدأ بالاستفادة من النقد الهادف، وعمل على تطوير نفسه، ولمسنا ذلك، وهي مسألة كنا نفتقدها في السابق، ليس على مستوى الجهاز الإعلامي فقط، بل على مستوى أجهزة عديدة في الدولة، حينما لا نتعلم من أخطائنا.
أعود لتلك اللحظة الجميلة التي تجعلني «أتسمر» وأنا أتابع تلفزيون البحرين، أو بالأصح، أترقبها لأرى ماذا قدمت بلادي الحبيبة البحرين اليوم من خير، عبر أصحاب الأيادي البيضاء.
برنامجنا البحريني الخالص «تم»، هو محور الحديث هنا، ولبيان البون هنا بشأن تلكم البرامج التي توضع بطريقة صحيحة بحيث تلامس شغاف القلوب، وتهز المشاعر، فقط لنضع برنامجنا في معيار المقارنة مع برنامج «الصدمة» الذي ظهر في رمضان الماضي، ويتواصل للعام الثاني حالياً.
في «الصدمة» تفاعل الناس، ردود الفعل الإيجابية هي الغالبة وهي الطاغية، وطبعاً لا نعدم مسألة وجود ردود فعل سلبية، بعضها يتضمن نقداً موضوعياً رصيناً، له أبعاده المنطقية، وله وجهات نظر يمكن أن تناقش وطبعاً تحترم، وأيضاً لا تعدم مسألة وجود ردود فعل قاسية، متشنجة، وحتى متطرفة لأبعد الحدود.
هذا البرنامج حقق النجاح وذاع صيته، فقط لأنه ركز على تحريك المشاعر الإنسانية، وهو رهانه الذي بني عليه، وبالفعل تفاعلنا وتفاعل مئات الآلاف مع المواقف الإنسانية، بغض النظر إن كان الموقف في العراق أو لبنان أو السعودية أو غيرهم من البلدان العربية، يكفينا كان الموقف الإنساني الذي يجعلنا نتوقف للحظات مع أنفسنا، وحوار داخلي يدور معني بمراجعتنا لشعورنا الإنساني.
أعود لبرنامج «تم»، وأتحدث عن الفارق هنا، وعلى رأسه أنه بحريني خالص حتى النخاع، لسنا نتحدث عن مجتمعات أخرى، بل مجتمعنا الذي عرف بأصالة أهله، وحبهم للخير، وفزعتهم لنصرة المعوز، والوقوف مع المحتاج، هذا هو المجتمع البحريني الذي ولدنا فيه، وتشربت أخلاقه فينا، نقلاً عن آبائنا وأجدادنا الذين صنعوا صورة الإنسان البحريني الطيب المعطاء الساعي للخير.
برنامج «تم»، أراه في البداية كمسعى طيب لإعادة إشعال جذوة الشعور الإنساني البحريني الحقيقي في قلوبنا، إلى إعادتنا لأصل عاداتنا وأخلاقنا، إلى تحريك إحساسنا تجاه أبناء وطننا، خصوصاً المحتاجين منهم، والأهم «المتعففين» الذين لا يعلم بحالهم إلا الله، هي محاولة لإعادة قلوبنا ومشاعرنا وإحساسنا لوضعهم ومكانهم الطبيعي.
طبعاً، والأهم هنا، هي تلك الابتسامات، ودموع الفرح، وإعادة إحياء شعور «الأخوة والمحبة» بين أبناء المجتمع، تلك التي تراجعت ووصلت لمرحلة الانقراض، وذلك من خلال تفريج الكرب على الناس، ومساعدتهم، وقيام المجتمع بدوره المسؤول تجاههم.
كم قلباً فرح، وكم عائلة لا أقول تغير حالها، لكن انصلح حالها بفضل من الله ثم بما قدمه برنامج «تم»، من خلال متابعة هذه الحالات وتوجيه ما توافر من أهل الخير والعطاء لإسعاد هؤلاء البشر الطيبين الذين رأينا تأثرهم وتأثرنا معهم؟!
أعرف تماماً ما ردده البعض من انتقادات للبرنامج، لكنني أقول بأنه أولاً، في مثل هذه البرامج لا يعرض أي تصوير إلا بموافقة أصحابه، حفاظاً على خصوصيتهم، وثانياً، العملية تدخل في نقاش وجدل طويل، بشأن إبراز أعمال الخير أو إخفائها، وهنا في رأيي، لسنا نبرز عمل خير لشخص ما، معلن اسمه، بل يؤسس البرنامج لثقافة التكافل الاجتماعي والهبة لمساعدة الناس، والتي لا تقوم إلا من خلال البحث عنهم ودراسة حالاتهم.
كونوا إيجابيين، إذ كانت الحالات التي رأيناها، هي تزرع فينا التفاؤل، حينما يتحدث أصحابها عن مشاكلهم ومعاناتهم، لكن بسمتهم موجودة، وقولهم بأن الله كريم، والله نتعلم ونحن الأصحاب من ذاك الشاب الجالس على الكرسي المتحرك، لكنه يبتسم أكثر منا، يتحدى إعاقته ويمارس الرياضة بطموح أكثر من الأصحاء، وقبله الذي احترق منزله وهو يكرر «قدر الله وما شاء فعل، وهذه حكمته».
والله أمام هؤلاء الناس الطيبين، والله «تصغر» النفس، وتلتفت فجأة لتقول لماذا «السلبية»، لا تحولوا الجميل إلى قبيح، افرحوا لفرح الناس، واحزنوا لحزنهم، بل بادروا لتزيلوا حزنهم وتبدلوه فرحاً. لتلفزيون البحرين، للشباب المبدعين، للداعمين لبرنامج «تم»، ولكل من أثروا فينا من شخصيات طيبة، ترفع لكم القبعة، وشكراً لكم.