«استحقاق الدولة» عند «جماعة الإخوان» في دول الخليج جاء مباغتاً لهم فأربكهم، إذ لم يظن أي من «الإخوان» في الخليج أنه سيأتي عليه يوم يوضع فيه على المحك بين خيارين، إما دولته الخليجية وإما جماعته المشتتة والواسعة الانتشار.
فلطالما كان موقف «الإخوان» الخليجيين مع الدولة في كل تقاطعاتها حين كان الخصم غريباً، إيران مثلاً، لم يجد «الإخوان الخليجيون» حينها صعوبة في الاصطفاف مع الدولة والعمل بأريحية تامة معها وأثبتوا وطنيتهم وجديتهم في الدفاع عنها، إنما هم اليوم في موقف لا يحسدون عليه حين تصادمت الجماعة الأم مع أوطانهم الخليجية، فبحثوا عن أعذار الدنيا كي يؤجل موعد الاستحقاق، قالوا هي فتنة فاعتزلوها، فطال اعتزالهم والاستحقاق يدق على الأبواب ملحاً والحرج يزيد ضراوة، بل ذهب البعض إلى القول إن الحكام الذين وضعونا في هذا الموقف غير حكماء وإن الشعوب أكثر حكمة منهم!! فلم ينفع ذلك العذر وموقف الحكام يقوى بالأدلة والبراهين أنهم لم يتخذوا تلك القرارات إلا عن رأي صائب وحجة بليغة، ثم جاءت تركيا لتزيد الطين بلة وتصطف مع إحدى الدول الخليجية المقاطعة، ومهما قالت تركيا إنه ليس اصطفافاً ضد أحد، فإن الدولة المضيفة تحسبه اصطفافاً وتوظفه علناً لصالحها دون أن تتراجع تركيا أو تتدخل عن هذا التوظيف، آملة أن تتمكن من مسك الرمانتين معاً إلى حد ما إنما وفشلت، وسقطت تركيا سقطة مريعة فكان دويها كبيراً كشف عنها غطاء تسترت به لسنوات.
وقد يكون لهذه المحنة منفعة على الشعوب الخليجية، أولها أن تعي فيها وتصحو أجيال من أبناء تلك الجماعة من مواطني دول مجلس التعاون بما فيهم الإخوان القطريين الذين غاب عن تكوينهم العقائدي مفهوم «الدولة»، مقابل حضور مفهوم «الأمة» أو مفهوم «الجماعة»، أن تصحو تعرف قيمة «الدولة» ومنافعها لهم، والثمن الذي يدفعونه في ظل غياب المفهوم زمناً كانوا لا يشعرون بأهميته أو خطورته حتى تصادم الاثنان «الدولة والجماعة» فوقعت الكارثة بالنسبة لهم.
قد تكون فرصة لتصحو تلك الفئة وتعرف أي وهم وسراب عاشت فيه لسنوات طويلة، وأن «للدولة» و«المواطنة» استحقاقاً والتزاماً يعلوا على أي التزام آخر، وأن ذلك الامتحان لن يؤجل إلى الأبد، بل سيأتي حتماً وستتقاطع المصالح، حينها وسيعرفون معنى «الدولة» ومعنى خسرانها.
والمنفعة الأخرى لهذه المحنة هي انكشاف الموقف التركي وما كنا نود خسرانها كحليف، كم كنا نتمنى أن تكون تركيا سنداً لنا في محورنا ضد التغول الإيراني فعلاً لا قولاً، موقفاً حازماً لا متذبذباً، وقطر تساعدهم في هذا التغول دون إدراك بخطورته عليها، لذلك اليوم نحن بحاجة لمواقف واضحة فما عادت التصريحات تعنينا بل المواقف هي ما نحتكم لها، وربما كنا بحاجة لأن نحسم أمرنا من تركيا عاجلاً أم آجلاً فجاءت تلك المحنة لتضع قرار الحسم فوق الطاولة رغماً عنا وعنها، مما وضع «الإخوان الخليجيين» في موقف لا يحسدون عليه إذ إن الاستحقاقات تطرق أبوابهم بشدة بين تركيا الحاضنة الكبرى وقطر الحاضنة الصغرى للجماعة، وبين دولهم.
إلى أن جاءت التسجيلات التي عرضت على الملأ، لتفضح دور الحاضنة الصغرى وتآمرها على أوطاننا بعلم وبدراية أقطاب الإخوان القابعين في أحضان الحاضنة الصغرى والكبرى، ولتنزع بتلك الفضيحة آخر الذرائع التي تمسكوا بها لتجعلهم في مواجهة الاستحقاق الوطني حتماً.
الأمر إذاً لم يعد يحتمل التسويف والتردد والتلعثم والهروب للأمام والسكوت واللجوء للإسقاطات التاريخية للتمويه وغيرها مما أصبح مكشوفاً وواضحاً، والوقت لم يفت بعد لتصحيح المسار دون تلعثم فالتلعثم يفقدكم الفصاحة، وتقديم الولاء «للدولة» على الولاء للحاضنة الصغرى أو الكبرى دون خجل أو حرج، فما بعد الاستماع لذلك التسجيل حجة، والقادم أكثر فضيحة!!
أتمنى أن يقفوا مع الحق حين يحصحص دون أن تأخذهم العزة بالإثم، وأن يقروا بأخطاء بل بجرائم الجماعة في حق أوطانهم، فتلك الجماعة لا تنظر إلى دولنا إلا كحاضنة لهم، هم معها بقدر استفادتهم منها وعليها حين لا يستفيدون، أما مصلحة الشعب القطري أو البحريني أو السعودي أو الإماراتي، أو وحدة هذه الشعوب وعدم تشتتها فليست في واردهم وإلا لشهدنا الإيثار يتبدى في مواقفهم ليرفعوا الحرج عن قطر كي تنضم لأشقائها.
أتمنى أن يعوا أن اصطفافهم لدولهم لا يمس إيمانهم ولا درجة ورعهم ولا تقواهم، كما أنه لا يعني اصطفافاً مع تلك التوصيفات التي ليس لها أساس من واقع والحافلة بها خطاباتهم «اصطفاف مع السلطان، اصطفاف مع الصهيونية، اصطفاف مع الشيطان الأمريكي... إلخ» فتلك حواجز حرصت الجماعة على بنائها بينكم وبين أوطانكم حتى تضمن انفصالكم عنها.
ختاماً؛ صححوا مساركم دون تلعثم فالحق أحق أن يتبع، ودولكم إن ضاعت -لا قدر الله- فلن تنفعكم جماعتكم المشتتة في كل بقاع الدنيا، فموقعكم في تلك الجماعة سيظل كخليجيين عضو من الدرجة الثانية، أنتم سادة في أوطانكم فلا تبيعوها مقابل تبعية في جماعتكم!!
{{ article.visit_count }}
فلطالما كان موقف «الإخوان» الخليجيين مع الدولة في كل تقاطعاتها حين كان الخصم غريباً، إيران مثلاً، لم يجد «الإخوان الخليجيون» حينها صعوبة في الاصطفاف مع الدولة والعمل بأريحية تامة معها وأثبتوا وطنيتهم وجديتهم في الدفاع عنها، إنما هم اليوم في موقف لا يحسدون عليه حين تصادمت الجماعة الأم مع أوطانهم الخليجية، فبحثوا عن أعذار الدنيا كي يؤجل موعد الاستحقاق، قالوا هي فتنة فاعتزلوها، فطال اعتزالهم والاستحقاق يدق على الأبواب ملحاً والحرج يزيد ضراوة، بل ذهب البعض إلى القول إن الحكام الذين وضعونا في هذا الموقف غير حكماء وإن الشعوب أكثر حكمة منهم!! فلم ينفع ذلك العذر وموقف الحكام يقوى بالأدلة والبراهين أنهم لم يتخذوا تلك القرارات إلا عن رأي صائب وحجة بليغة، ثم جاءت تركيا لتزيد الطين بلة وتصطف مع إحدى الدول الخليجية المقاطعة، ومهما قالت تركيا إنه ليس اصطفافاً ضد أحد، فإن الدولة المضيفة تحسبه اصطفافاً وتوظفه علناً لصالحها دون أن تتراجع تركيا أو تتدخل عن هذا التوظيف، آملة أن تتمكن من مسك الرمانتين معاً إلى حد ما إنما وفشلت، وسقطت تركيا سقطة مريعة فكان دويها كبيراً كشف عنها غطاء تسترت به لسنوات.
وقد يكون لهذه المحنة منفعة على الشعوب الخليجية، أولها أن تعي فيها وتصحو أجيال من أبناء تلك الجماعة من مواطني دول مجلس التعاون بما فيهم الإخوان القطريين الذين غاب عن تكوينهم العقائدي مفهوم «الدولة»، مقابل حضور مفهوم «الأمة» أو مفهوم «الجماعة»، أن تصحو تعرف قيمة «الدولة» ومنافعها لهم، والثمن الذي يدفعونه في ظل غياب المفهوم زمناً كانوا لا يشعرون بأهميته أو خطورته حتى تصادم الاثنان «الدولة والجماعة» فوقعت الكارثة بالنسبة لهم.
قد تكون فرصة لتصحو تلك الفئة وتعرف أي وهم وسراب عاشت فيه لسنوات طويلة، وأن «للدولة» و«المواطنة» استحقاقاً والتزاماً يعلوا على أي التزام آخر، وأن ذلك الامتحان لن يؤجل إلى الأبد، بل سيأتي حتماً وستتقاطع المصالح، حينها وسيعرفون معنى «الدولة» ومعنى خسرانها.
والمنفعة الأخرى لهذه المحنة هي انكشاف الموقف التركي وما كنا نود خسرانها كحليف، كم كنا نتمنى أن تكون تركيا سنداً لنا في محورنا ضد التغول الإيراني فعلاً لا قولاً، موقفاً حازماً لا متذبذباً، وقطر تساعدهم في هذا التغول دون إدراك بخطورته عليها، لذلك اليوم نحن بحاجة لمواقف واضحة فما عادت التصريحات تعنينا بل المواقف هي ما نحتكم لها، وربما كنا بحاجة لأن نحسم أمرنا من تركيا عاجلاً أم آجلاً فجاءت تلك المحنة لتضع قرار الحسم فوق الطاولة رغماً عنا وعنها، مما وضع «الإخوان الخليجيين» في موقف لا يحسدون عليه إذ إن الاستحقاقات تطرق أبوابهم بشدة بين تركيا الحاضنة الكبرى وقطر الحاضنة الصغرى للجماعة، وبين دولهم.
إلى أن جاءت التسجيلات التي عرضت على الملأ، لتفضح دور الحاضنة الصغرى وتآمرها على أوطاننا بعلم وبدراية أقطاب الإخوان القابعين في أحضان الحاضنة الصغرى والكبرى، ولتنزع بتلك الفضيحة آخر الذرائع التي تمسكوا بها لتجعلهم في مواجهة الاستحقاق الوطني حتماً.
الأمر إذاً لم يعد يحتمل التسويف والتردد والتلعثم والهروب للأمام والسكوت واللجوء للإسقاطات التاريخية للتمويه وغيرها مما أصبح مكشوفاً وواضحاً، والوقت لم يفت بعد لتصحيح المسار دون تلعثم فالتلعثم يفقدكم الفصاحة، وتقديم الولاء «للدولة» على الولاء للحاضنة الصغرى أو الكبرى دون خجل أو حرج، فما بعد الاستماع لذلك التسجيل حجة، والقادم أكثر فضيحة!!
أتمنى أن يقفوا مع الحق حين يحصحص دون أن تأخذهم العزة بالإثم، وأن يقروا بأخطاء بل بجرائم الجماعة في حق أوطانهم، فتلك الجماعة لا تنظر إلى دولنا إلا كحاضنة لهم، هم معها بقدر استفادتهم منها وعليها حين لا يستفيدون، أما مصلحة الشعب القطري أو البحريني أو السعودي أو الإماراتي، أو وحدة هذه الشعوب وعدم تشتتها فليست في واردهم وإلا لشهدنا الإيثار يتبدى في مواقفهم ليرفعوا الحرج عن قطر كي تنضم لأشقائها.
أتمنى أن يعوا أن اصطفافهم لدولهم لا يمس إيمانهم ولا درجة ورعهم ولا تقواهم، كما أنه لا يعني اصطفافاً مع تلك التوصيفات التي ليس لها أساس من واقع والحافلة بها خطاباتهم «اصطفاف مع السلطان، اصطفاف مع الصهيونية، اصطفاف مع الشيطان الأمريكي... إلخ» فتلك حواجز حرصت الجماعة على بنائها بينكم وبين أوطانكم حتى تضمن انفصالكم عنها.
ختاماً؛ صححوا مساركم دون تلعثم فالحق أحق أن يتبع، ودولكم إن ضاعت -لا قدر الله- فلن تنفعكم جماعتكم المشتتة في كل بقاع الدنيا، فموقعكم في تلك الجماعة سيظل كخليجيين عضو من الدرجة الثانية، أنتم سادة في أوطانكم فلا تبيعوها مقابل تبعية في جماعتكم!!