يمر العالم العربي بإعصار مقيت، بات يعصف بجميع دولنا لتحويلها إلى دويلات متناحرة ومتنافرة، وفي ظل الانفتاح الإعلامي الذي «تورطنا» به أصبح كم المعلومات الواردة إلينا أكبر من قدرتنا على فهم جميع الأمور وتحليلها التحليل الصائب واستشفاف المستقبل. كما ساهم هذا الإعلام المفتوح في خلق نجوم بأشكال جديدة، كما أنه ساهم «سلبياً» في نشر المعلومة، حتى بات أكثرنا يسمع معلومات متضاربة، ويسمع تصريحات متناقضة، وبات أكثرنا يعتقد بأنه يعرف «الكثير» من المعلومات التي لا نعرف مدى صحتها، وباتت الشبكة العنكبوتية والتطبيقات التي تضمنتها مصدراً هاماً لاستقاء المعلومات، وأصبح لدينا نجوم لامعين في سماء الإعلام الحر كما أصبح لدينا «محللون سياسيون» لهم رأي وتحليل في ما كل شاردة وواردة بما يختص بعالمنا الخليجي والعربي.
منذ زمن بعيد هناك أشخاص متخصصون بالتحليل واستشفاف المستقبل مهمتهم تختص بالقيام بذلك بين الفينة والأخرى وحينما «يطلب منهم» تحليل بعض الوقائع فإنهم يفعلون ذلك «بحذر» لإيمانهم الراسخ بأنهم أحد قادة الرأي الذين من الممكن أن يتبنى «معتقداتهم وتحليلاتهم» الآلاف من البشر، وكأن هؤلاء المحللين والمستشفين ذوو صفات معينة أهمها أنهم قارئين نهمين للتاريخ وعندهم القدرة على الربط بين سائر الأحداث، كما أنهم مطلعون على آخر الأحداث في سائر بلدان العالم، وعندهم القدرة على إثبات أن ما يجري في أقصى الأرض له علاقة مباشرة بما يحدث في دولنا، ويتميز المحللون كذلك بافتراضاتهم العميقة وسعيهم الدؤوب إلى إثبات هذه الفرضيات عبر دراسات وقراءات معمقة خالية من الجزم المطلق والوعود المؤكدة. كما أنها يمتازون بالمرونة التي تخلق عندهم الشجاعة في مراجعة مواقفهم والرجوع عنها في حالة استدراك الخطأ. ناهيكم عن أسلوبهم «الراقي» في الطرح واختيار كلماتهم بعناية فائقة والبعد عن الشخصنة والتجريح والقذف، لإيمانهم الراسخ بأن دورهم هو تحليل وتبسيط المعلومات للجمهور وإيمانهم الراسخ أيضاً بأنهم «مسؤولين» عما يقولونه أمام الله والمجتمع.
ما يجعلني أتحدث عن هذا الموضوع هو الكم الهائل من المحللين «السياسيين» الذين باتوا يتكلمون «في الفاضي والمليان»، والذين باتوا يطلون علينا عبر مختلف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، ففجأة – سبحان الله – أصبح معظم الشعب العربي والخليجي على وجه الخصوص «سياسيون» يهضمون السياسة ويتحدثون بها في كل حين، معتقدين أن الظروف السياسية من حولنا لقنتنا درساً قاسياً في السياسة حتى أصبح معظمنا سياسيين ومحللين بارعين في السياسة.
التعبير عن الرأي الشخصي شيء، والتحليل السياسي شيء آخر، وبعيد كل البعد عن الآراء الشخصية، فهو علم قائم بذاته، لهذا الشيء أوجدت الجامعات تخصص العلوم السياسية لتخلق لنا قادة لديهم القدرة على الربط بين الأحداث واستشراف المستقبل وتحليل بعض الأمور بمعزل عن الآراء الشخصية، ولا أعني من كلامي أن المحلل السياسي يجب أن يكون دارساً لعلم السياسة ولكن القصد بأنه يكون «ابن السياسة» ويعرف منهجياتها وأصولها، أو على أقل تقدير أن يكون «مطلعا ومهتما بالسياسة»، فلا يعقل أن يكون هناك محلل رياضي يجهل أبجديات الألعاب الرياضية مثلاً ويقوم بدور المحلل لها؟!
منذ زمن بعيد هناك أشخاص متخصصون بالتحليل واستشفاف المستقبل مهمتهم تختص بالقيام بذلك بين الفينة والأخرى وحينما «يطلب منهم» تحليل بعض الوقائع فإنهم يفعلون ذلك «بحذر» لإيمانهم الراسخ بأنهم أحد قادة الرأي الذين من الممكن أن يتبنى «معتقداتهم وتحليلاتهم» الآلاف من البشر، وكأن هؤلاء المحللين والمستشفين ذوو صفات معينة أهمها أنهم قارئين نهمين للتاريخ وعندهم القدرة على الربط بين سائر الأحداث، كما أنهم مطلعون على آخر الأحداث في سائر بلدان العالم، وعندهم القدرة على إثبات أن ما يجري في أقصى الأرض له علاقة مباشرة بما يحدث في دولنا، ويتميز المحللون كذلك بافتراضاتهم العميقة وسعيهم الدؤوب إلى إثبات هذه الفرضيات عبر دراسات وقراءات معمقة خالية من الجزم المطلق والوعود المؤكدة. كما أنها يمتازون بالمرونة التي تخلق عندهم الشجاعة في مراجعة مواقفهم والرجوع عنها في حالة استدراك الخطأ. ناهيكم عن أسلوبهم «الراقي» في الطرح واختيار كلماتهم بعناية فائقة والبعد عن الشخصنة والتجريح والقذف، لإيمانهم الراسخ بأن دورهم هو تحليل وتبسيط المعلومات للجمهور وإيمانهم الراسخ أيضاً بأنهم «مسؤولين» عما يقولونه أمام الله والمجتمع.
ما يجعلني أتحدث عن هذا الموضوع هو الكم الهائل من المحللين «السياسيين» الذين باتوا يتكلمون «في الفاضي والمليان»، والذين باتوا يطلون علينا عبر مختلف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، ففجأة – سبحان الله – أصبح معظم الشعب العربي والخليجي على وجه الخصوص «سياسيون» يهضمون السياسة ويتحدثون بها في كل حين، معتقدين أن الظروف السياسية من حولنا لقنتنا درساً قاسياً في السياسة حتى أصبح معظمنا سياسيين ومحللين بارعين في السياسة.
التعبير عن الرأي الشخصي شيء، والتحليل السياسي شيء آخر، وبعيد كل البعد عن الآراء الشخصية، فهو علم قائم بذاته، لهذا الشيء أوجدت الجامعات تخصص العلوم السياسية لتخلق لنا قادة لديهم القدرة على الربط بين الأحداث واستشراف المستقبل وتحليل بعض الأمور بمعزل عن الآراء الشخصية، ولا أعني من كلامي أن المحلل السياسي يجب أن يكون دارساً لعلم السياسة ولكن القصد بأنه يكون «ابن السياسة» ويعرف منهجياتها وأصولها، أو على أقل تقدير أن يكون «مطلعا ومهتما بالسياسة»، فلا يعقل أن يكون هناك محلل رياضي يجهل أبجديات الألعاب الرياضية مثلاً ويقوم بدور المحلل لها؟!