البحرين كنظام - له دستور وقوانين واضحة نصوصها في شأن محاربة الإرهاب واستهداف الأمن الوطني - عليه مسؤولية اليوم في «تنظيف الداخل» من كل العناصر التي تمارس هذه الأنشطة المحظورة بوسائلها المتعددة.

لا يستقيم أبداً أن نحارب الإرهاب على جبهات مختلفة وفق تباين غير متكافئ، فالإرهاب واحد، وما يهدد البلد واحد، سواء أكان منبعه ومبعثه من الخارج، أو من الداخل.

على الصعيد الخارجي، البحرين ضالعة بقوة في تحالفات إقليمية ودولية وفاعلة في هذا الاتجاه، في حين الصعيد الداخلي وإن حمل خطوات مؤثرة وجادة في كسر شوكة الإرهاب الداخلي، إلا أن طموحنا أكبر بوصول مجتمعنا إلى مرحلة مطلقة من الاستقرار والهدوء.

هذا الهدوء الذي لن يتحقق إلا بمحاسبة كل انقلابي وخائن وعميل، ويضاف إليهم كل ساعٍ للتحريض بمختلف المستويات.

هنا لست أتحدث عن تنظيمات ظاهرة ومعلنة كالوفاق وأذيالها فقط، بل كل من ينهج سلوكهم، ويمارس التحريض على الدولة، إذ بحد ذاته التحريض اليوم يعتبر أساساً لاستنهاض كارهي الوطن لضربه في أمنه الداخلي.

وعليه فإن تهذيب الخطاب من الجميع أمر مطلوب، وأعني هنا البعض ممن يرون أن الاستمرار في انتقاد الدولة لدرجة التشنيع ولدرجة تأليب قلوب المواطنين عليها، ولو كان الأمر معنياً بملفات هامة معيشية، مسألة تدخل في هذا الإطار، هو السلوك الصحيح، فهدف النقد لابد وأن يكون البناء، وليس التكسير والتحطيم وإيغال الصدور على البلد والنظام.

انتقدنا كثيراً من السياسات، بل وطال النقد الحكومة بأجهزتها، وتشعبت مطالباتنا بأمور تصحيحة لكثير من الجوانب، لكن هذا كله يتم من منطلق الحس الوطني الحريص على بلده، لا بأسلوب يجعل الناس تصل لمستوى «الكفر» بالدولة.

هذه ممارسة يقع فيها كثيرون للأسف، وبعضهم لديهم انتماءات وميول لجمعيات وأحزاب، الأمر الذي يجعل الناس تضع علامات استفهام واستغراب، إذ أهذا هو التوجه الحقيقي غير المعلن لهذه الكيانات؟!

البعض يقولها بغضب إن تم اتهامه بأنه يعمل ضد الدولة، أو لأنه أقرب للتنظيم الذي ينتمي إليه، مدللاً على مواقف سابقة فيها وقفات ودفاع عن البلد، وهذا طرح منقوص، إذ جميع المخلصين وقفوا مع بلادهم ونظامهم ودافعوا، كل بما أوتي من قدرات وما منح من مساحات. لكن عملية «التمنن» على الدولة خاطئة، فوقفة الدفاع قبل أن تكون عن بلد ونظام، هي في أساسها دفاع عن نفسك ووجودك، هذه مسألة لا يجب أن تنسى، إذ الثابت في الحالة البحرينية أننا كمخلصين قلباً وقالباً مع قيادتنا ونظامنا، وهذا التلاحم والثقة المتبادلة هي التي قادت البحرين لتصد الشرور وتكسر كيد الكائدين.

لكن حتى وإن كنت مدافعاً عن بلادك، لابد وأن تضعها أولاً قبل أي شيء، لا يجب أن يتقدمها انتماء لمجموعة، ولا حتى التشبث بمكاسب خاصة، الوطن أسمى من كل شيء، والوقوف معه بالمواقف والأفعال وحتى السلوكيات أمر واجب ولازم.

هناك ممن يحسبون على جمعيات يعرفون هذا الكلام، ولديهم الحس الوطني الواضحة معالمه، وهم أناس تضعهم الدولة على يمينها لأنهم في وقت الشدائد والرخاء ثابتون على المبدأ الوطني، لا يحرفهم عنه شيء، كثير منهم إن خالف التنظيم ثوابتهم إما حاولوا إصلاحه أو تركه، فالبحرين كما بينا أغلى من أي شيء.

تبقى الدولة مطالبة وبشدة اليوم بـ «تنظيف الداخل»، بحيث لا تستمر حالات الانفلات من قبل شخصيات ترى في الانتماء الحزبي تفوقاً على الانتماء الوطني.

لا تكونوا عاملاً مساعداً لمن أراد اختطاف بلادنا وسعى لتشويه صورة قيادتنا وصورتنا كبحرينيين في الخارج، حينما تنحرف البوصلة وتتحول ممارسة النقد إلى تحريض للكراهية ودعوة لعدم الثقة بالدولة، هنا هو الخطأ الجسيم الذي قد يقع فيه البعض دون قصد، فقط لأنه يريد ممارسة النقد بالاستناد إلى مكتسبات حرية التعبير.

انتقد لتصلح، ضع وطنك أولا، ليست البطولة في تشريح الوطن وتكسير صورته، ولا تكن مصدر تحريض توغر صدور الناس.

الإخلاص للوطن، يظل إخلاصاً نقياً صافياً لا عوامل ارتباط تحكمه، لا بحزب ولا جماعة ولا أشخاص، هو للبحرين وقيادتها فقط.