قتلة السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في ليبيا عام 2012 من جماعة «أنصار الشريعة»، والمتهم الرئيسي في تفجير مانشستر ليبي أيضاً من ذات الجماعة التي صنفتها الولايات المتحدة الأمريكية على أنها إرهابية، والدور القطري في رعاية هذه الجماعة معروف، لا يحتاج إلى إثباتات؛ فمعظم زعمائها يترددون على قطر ومفتيهم الليبي هناك وعلى صلة بالقرضاوي بشكل مباشر، بل إن الدور القطري في تبييض وجه هذه الجماعة من أعمال الإرهاب وإعادة تقديمها للمجتمع الدولي أيضاً دور معروف للعالم أجمع، فمقابلة أحمد منصور مع أحمد الجولاني زعيم جبهة النصرة على قناة الجزيرة يعلن عن فك ارتباطه الصوري بداعش مقابلة مشهورة، ومازالت موجودة على اليوتيوب، المفاجأة أن أنصار الشريعة هي الأخرى أعلنت عن حل نفسها في 28 من مايو أي قبل شهر ونصف على غرار جبهة النصرة، فقطر تغير الأسماء وتبقي على الصلة مع هذه الجماعات كحيلة مكشوفة بعد أن اشتد الخناق الرقابي عليها، لكنها وعدت مريديها بأنها ستعود في حلة جديدة!! اربطوا الأحزمة وتابعوا تشابك الخيوط بين قطر وأنصار الشريعة وما هو الدور الذي لعبته المخابرات البريطانية والأمريكية والتركية في إخفاء معالم الجريمة!!في تقرير نشرته صحيفة لاستامبا الإيطالية، 17 مايو، قبل حل الجماعة بعشرة أيام كشف «أن هجوم مانشستر لم يكن ليقع لولا العلاقة العضوية والأبوية بين تنظيمي الإخوان المسلمين من جهة، والقاعدة وداعش من جهة ثانية، نظراً لارتباط عائلة منفذ الهجوم الانتحاري بهذه التنظيمات، عبر والده أولاً رمضان العبيدي، المقاتل السابق في أفغانستان، وعضو الجماعة الليبية المقاتلة المرتبطة بتنظيم القاعدة، بمباركة الإخوان، قبل أن يظهر الجيل الثاني من هذه العائلة، ليكمل سلمان ما بدأه والده» سلمان العبيدي هو المتهم الرئيسي في تفجير مانشستر الذي فتح ملف الصلة القطرية بتنظيم أنصار الشريعة من جديد بعد ما أغلق ملف هذه الصلة مع مقتل السفير الأمريكي بشكل يدعو للريبة!وقالت لاستامبا إن مانشستر تحولت في السنوات الماضية إلى منطقة نفوذ خاصة لأعضاء الجماعة المقاتلة، العائدين من أفغانستان، تحت أنظار المخابرات البريطانية التي كانت تعرف تماماً تاريخ هذه المجموعة وأهدافها وارتباطها المحلي والدولي بالإرهاب، وممولي الإرهاب» مما يشير بإصبع الاتهام للمخابرات البريطانية من جديد.ويورد تقرير الصحيفة أن رمضان العبيدي والد سلمان، العريف الأول السابق في جيش القذافي، ومعروف بتشدده الديني منذ تلك الفترة، وقربه من المجموعات المتطرفة، ما أثار انتباه الأجهزة الأمنية الليبية يومها، ولكن الرجل نجح في الهرب خارج ليبيا، ربما بالاستفادة من شبكة سرية داخل الجيش نفسه، في 1991، ليظهر مدرباً في معسكرات «المجاهدين الأفغان» قبل لجوئه إلى لندن في مرحلة أولى ثم مانشستر التي شهدت تدفق كل المقاتلين السابقين ضمن الجماعة الليبية المقاتلة سواءً في أفغانستان، أو في ليبيا نفسها.و بين 1992 و 1998 قضت المجموعة وقتها في بريطانيا، تعمل على تفادي ملاحقة أجهزة الأمن، وكشف أسرارها، وتأمين أحد أخطر عناصرها مثلاً أبو أنس الليبي، المسؤول عن تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا، وتنزانيا، أو عبد الحكيم بلحاج، (وهو لاجئ في قطر) الذي كان من أبرز المقربين من بن لادن، الذي نجح في 2008 في إقناع رمضان العبيدي بالعودة إلى ليبيا، بعد المصالحة بين القذافي وتنظيم الإخوان المسلمين، والجماعة المقاتلة بقيادة بلحاج من جهة وسيف الإسلام القذافي من جهة أخرى.و في 2011 وبمجرد بداية التمرد على نظام القذافي عاد العبيدي إلى السلاح، ثم بعد ذلك التحق بحزب الأمة، الموالي لسامي ساعدي وخاصةً المفتي الليبي المعزول وزعيم الإخوان المسلمين في البلاد، الصادق الغرياني، الذي كان مقيماً في لندن والدوحة، في عهد معمر القذافي.و في 2014 انضم رمضان العبيدي إلى الميليشيات المؤيدة لحكومة الإخوان في طرابلس، وشارك في المعارك التي توجت بالسيطرة على مطار طرابلس، بمشاركة سلمان ابنه، الذي عاد من مانشستر للمشاركة في القتال ولكنه أصيب في بداية المعارك ونقل إلى تركيا للعلاج!!!!ويضيف التقرير أن رمضان العبيدي انتقل بعد ذلك ليضع خبرته العسكرية السابقة في خدمة المتطرفين الإسلاميين في بنغازي، ممثلين في مجلس شورى الدفاع عن بنغازي، المتألف يومها من الكتيبة 17، الممولة من قطر مباشرة، منذ بداية الأحداث في ليبيا في 2011 والدور الذي لعبته في الانتفاضة على نظام العقيد الراحل، وما يعرف بأنصار الشريعة في بنغازي التنظيم المسؤول عن سحل وقتل السفير الأمريكي في بنغازي.ويعتبر التنظيمان اللذان كانا يمثلان في الواقع القاعدة، ثم لاحقاً داعش بعد ظهوره وتشكله رسمياً، قبل أنصار الشريعة إلى درنة، ثم سرت لإعلان إمارة جديدة في المدينة، أخطر التنظيمات المتطرفة في ليبيا التي جمعت شمل كل الفصائل السابقة، من الإخوان إلى الجماعة المقاتلة، إلى المجالس العسكرية التي قامت في المدن الليبية بعد سقوط القذافي ونظامه.واستغربت الصحيفة وصول شخص مثل رمضان العبيدي وعشرات آخرين مثله إلى بريطانيا وحصوله على اللجوء السياسي، مشيرةً إلى أن المبرر المقبول والوحيد لمثل هذا التغاضي من قبل الأجهزة البريطانية عن شخص في خطورته، يكمن في المعلومات التي وصلت عن طريقه وعشرات من أمثاله إلى الأجهزة البريطانية والغربية عموماً عن القذافي، ونظامه، وعن الإعداد لما بعد حكم القذافي منذ فترة مبكرة جداً.وأضافت الصحيفة: «من الغريب فعلاً أن تبادر قوة الردع في طرابلس التي تعد القوة التي جمعت كل الحركات الإسلامية السابقة، والمسلحين الموالين للإخوان، وأعضاء الجماعة الليبية المقاتلة باعتقال رمضان العبيدي بعد ساعات من اكتشاف هوية ابنه الانتحاري» في الوقت الذي وصلت فيه إلى مصراتة سراً طائرات أمريكية تحمل قوات خاصة في مهام غير معلومة.ولكن الثابت أن مأساة مانشستر لم تكن لتحصل لو أنها حسمت منذ سنوات بحسم موضوع عائلة العبيدي، فالوالد الإخواني الذي انزلق إلى المقاتلة ثم القاعدة، لم يكن إلا ليخلف ابناً بدأ بالقاعدة، ثم تحول إلى داعش، قبل أن يُفجر نفسه في قاعة احتفالات بريطانية.» انتهى التقرير.دور التحالف الرباعي أن يحرك ماكنة إعلامية ودبلوماسية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا، بكل وسيلة إعلامية ليصل للرأي العام الدولي لا للحكومات فقط، فالحكومات تحاول أن تخفي الصلة بين أجهزة استخباراتها وبين تلك التنظيمات، لتتضح الصورة لهم، وتوضع تلك الدوائر المتورطة مع قطر في موقف محرج أمام الرأي العام يمنعها من حماية مخططها ويقطع الطريق على المشروع الشيطاني الذي قبلت قطر – مع الأسف- أن تكون لاعباً فيه.