قصتان لا رابط بينهما، الأولى، في أواخر تسعينات القرن الماضي في العراق أيام الحصار، إذ بدأت شركة المشروبات الغازية العمل وإنتاج البيبسي كولا والسفن أب من جديد، في الوقت نفسه بدأ دخول المشروبات الغازية براً من الأردن وسوريا، إلا أن الرسوم الجمركية كانت مرتفعة، وقيل في وقتها إن سلطات رئيس مجلس إدارة شركة بغداد للمشروبات الغازية هي التي كانت وراء الرسوم الجمركية، المهم انتشرت منتجات الشركة في الأسواق أما المنتجات المستوردة من سوريا والأردن لم تكن رائجة في السوق لأن سعرها مرتفع، وبعد هذا الانتشار دخل المدير التنفيذي لشركة بغداد على رئيس مجلس الإدارة وقال له: «أبشرك.. اكتسحنا السوق».
الثانية، في 23 نوفمبر 1985 اختطفت مجموعة فلسطينية تابعة لأبي نضال مؤلفة من 3 أشخاص مسلحين، رحلة مصر للطيران 648 المتوجهة من أثينا إلى القاهرة، وبعد 10 دقائق على إقلاعها أعلنوا اختطافها، فبادر أحد رجال الأمن المصري على متن الطائرة بإشهار سلاحه وقتل أحد الخاطفين وقتل هو في الحال بنيران خاطف آخر وأحدثت المحاولة الفاشلة ثقباً في جسم الطائرة مما اضطر قائدها إلى الطيران بمستوى منخفض والهبوط بمطار لوكا الدولي في مالطا، وكبادرة من الخاطفين أطلقوا 11 راكباً ومضيفة ليتفاوضوا، وفشلت المفاوضات فهددوا بإعدام راكب كل ربع ساعة وبالفعل أعدموا اثنين، وقد أرسلت مصر فرقة من الوحدة 777 لتحرير الطائرة والرهائن البالغ عددهم 88 مع طاقم الطائرة من الخاطفين، فاقتحمت القوة الطائرة قبل الموعد بنصف ساعة وتبادلت إطلاق النار والقنابل مع الخاطفين وانتهت العملية بمقتل 56 من أصل 88 كانوا على متن الطائرة وهروب قائد مجموعة الخاطفين الذي ألقي القبض عليه فيما بعد، فكانت النتيجة عملية عبثية، فلا المحررون نجحوا وحرروا الرهائن ولا الخاطفون حققوا طلباتهم.
علاقة القصتين «بسالفتنا»
في عام 2014 اقتحمت مجموعة متعددة الجنسيات تابعة لأبي بكر البغدادي مدينة الموصل واحتلتها، لتأتي بعد ثلاث سنوات مجاميع وقوات تابعة لحيدر العبادي رئيس حكومة العراق وأخرى للولي الفقيه الإيراني ومن السماء طائرات للتحالف الدولي بقيادة أمريكا، أي متعددة الجنسيات أيضاً، وأطلقت عملية «التحرير» التي انتهت بتهجير ونزوح 2 مليون إنسان و20 ألف قتيل من الأبرياء في المدينة لايزال المئات منهم تحت الأنقاض، وتسوية ثاني أكبر مدن العراق بالأرض وتدمير 80% من البنى التحتية في الموصل باعتراف حكومة العراق، وانسحاب مقاتلي «داعش» وخليفتهم، لتسمي ذلك تحريراً وتتراقص على جثث الأبرياء وأنقاض دورهم، وفوق كل ذلك يوظفون عملهم طائفياً ليقولوا لنا انظروا إلى أبطال هذا النصر إنهم من محافظات الجنوب «ذي الأغلبية الشيعية» وهؤلاء من حرروا أرضكم، يقولون هذا الكلام بعد أن حلوا الجيش وأقصوا قادته الذين خاضوا المعارك واجتثوهم، وأبقوا على قلة من ضباط الجيش لأسباب طائفية «فقط لأنهم شيعة»، وقبلوا عدداً قليلاً من الضباط «السنة» لكنهم لم يسمحوا لهم بالقيادة «يعني مثل سالفة اكتسحنا السوق في شركة المشروبات الغازية»، لكن البيبسي لا يعرف الطائفية.
أما التحرير فكان شبيهاً بتحرير رهائن طائرة مصر للطيران مع فارق بسيط، وهو أن الفرقة التي هاجمت الطائرة فشلت في مهمتها لأنها استعجلت الهجوم ولم تكن لديها نوايا القتل والتخريب بدافع الحقد الطائفي، أما من هاجم الموصل فكان حاقداً قاصداً هذا الدمار وقد نجح.
{{ article.visit_count }}
الثانية، في 23 نوفمبر 1985 اختطفت مجموعة فلسطينية تابعة لأبي نضال مؤلفة من 3 أشخاص مسلحين، رحلة مصر للطيران 648 المتوجهة من أثينا إلى القاهرة، وبعد 10 دقائق على إقلاعها أعلنوا اختطافها، فبادر أحد رجال الأمن المصري على متن الطائرة بإشهار سلاحه وقتل أحد الخاطفين وقتل هو في الحال بنيران خاطف آخر وأحدثت المحاولة الفاشلة ثقباً في جسم الطائرة مما اضطر قائدها إلى الطيران بمستوى منخفض والهبوط بمطار لوكا الدولي في مالطا، وكبادرة من الخاطفين أطلقوا 11 راكباً ومضيفة ليتفاوضوا، وفشلت المفاوضات فهددوا بإعدام راكب كل ربع ساعة وبالفعل أعدموا اثنين، وقد أرسلت مصر فرقة من الوحدة 777 لتحرير الطائرة والرهائن البالغ عددهم 88 مع طاقم الطائرة من الخاطفين، فاقتحمت القوة الطائرة قبل الموعد بنصف ساعة وتبادلت إطلاق النار والقنابل مع الخاطفين وانتهت العملية بمقتل 56 من أصل 88 كانوا على متن الطائرة وهروب قائد مجموعة الخاطفين الذي ألقي القبض عليه فيما بعد، فكانت النتيجة عملية عبثية، فلا المحررون نجحوا وحرروا الرهائن ولا الخاطفون حققوا طلباتهم.
علاقة القصتين «بسالفتنا»
في عام 2014 اقتحمت مجموعة متعددة الجنسيات تابعة لأبي بكر البغدادي مدينة الموصل واحتلتها، لتأتي بعد ثلاث سنوات مجاميع وقوات تابعة لحيدر العبادي رئيس حكومة العراق وأخرى للولي الفقيه الإيراني ومن السماء طائرات للتحالف الدولي بقيادة أمريكا، أي متعددة الجنسيات أيضاً، وأطلقت عملية «التحرير» التي انتهت بتهجير ونزوح 2 مليون إنسان و20 ألف قتيل من الأبرياء في المدينة لايزال المئات منهم تحت الأنقاض، وتسوية ثاني أكبر مدن العراق بالأرض وتدمير 80% من البنى التحتية في الموصل باعتراف حكومة العراق، وانسحاب مقاتلي «داعش» وخليفتهم، لتسمي ذلك تحريراً وتتراقص على جثث الأبرياء وأنقاض دورهم، وفوق كل ذلك يوظفون عملهم طائفياً ليقولوا لنا انظروا إلى أبطال هذا النصر إنهم من محافظات الجنوب «ذي الأغلبية الشيعية» وهؤلاء من حرروا أرضكم، يقولون هذا الكلام بعد أن حلوا الجيش وأقصوا قادته الذين خاضوا المعارك واجتثوهم، وأبقوا على قلة من ضباط الجيش لأسباب طائفية «فقط لأنهم شيعة»، وقبلوا عدداً قليلاً من الضباط «السنة» لكنهم لم يسمحوا لهم بالقيادة «يعني مثل سالفة اكتسحنا السوق في شركة المشروبات الغازية»، لكن البيبسي لا يعرف الطائفية.
أما التحرير فكان شبيهاً بتحرير رهائن طائرة مصر للطيران مع فارق بسيط، وهو أن الفرقة التي هاجمت الطائرة فشلت في مهمتها لأنها استعجلت الهجوم ولم تكن لديها نوايا القتل والتخريب بدافع الحقد الطائفي، أما من هاجم الموصل فكان حاقداً قاصداً هذا الدمار وقد نجح.