من زوايا استشراقية، واستخبارية، ثم فضائحية، لم يهتم أحد بحاضرنا بموضوعية، كان الجميع يفتش في ماضينا، لربطه بأزمات حاضرنا ولكن هل بقية أمم الأرض تخلو من العيوب؟!
في خريف 1788 أعلن جوزف الثاني إمبراطور النمسا الحرب على العثمانيين.
لماذا؟! لأنه بعد شباب عاشه خامل الهمة شعر أن من الضروري أن يخلده التاريخ كعبقري عسكري. تم التحضير لكل شيء.
وسار جوزيف الثاني مع جيشه الضخم إلى الحدود مع الدولة العثمانية. خاض معارك صغيرة مع طلائع من الجيش العثماني المتحصنة ببعض القلاع. وفي ليلة 19 سبتمبر حالكة الظلمة تمركز الجيش النمساوي على ضفة نهر الدانوب في رومانيا حالياً، حيث عبرت مجموعة من الفرسان النمساويين جسراً يدعى تيمس للضفة الأخرى من النهر، فوجدوا براميل من الخمر الهولندي مع الغجر الرومان، فترجلوا وانغمسوا في الشرب. ثم عبرت الجسر مجموعة من المشاة النمساويين الذين كان غير مرحب بهم من قبل الفرسان حيث قاموا بمطاردة الجنود المشاة. استفز الأمر المشاة الظامئين، فأطلق أحدهم رصاصة، وأخرى، فتدحرجت جثة، وأخرى. وسرعان ما نشبت معركة حقيقية بين المشاة والفرسان النمساويين وسقط عدة قتلى. ولإخراج الفرسان المتحصنين صاح جندي من المشاة «توركي.. توركي» حيث إن فكرة مواجهة الجيش التركي كانت مخيفة. ففر الفرسان السكارى هلعاً من مواقعهم ومثلهم المشاة الذين غاب عن بعضهم أن أحد رفاقهم هو من صاح «توركي».
وزاد الطين بلة أن قائداً صرخ بالألمانية «halt» وتعني «توقفوا». ولأن الجنود من أعراق مختلفة ظنوه يصرخ «الله»، فانهال عليه الرصاص. وعلى ضفة الجسر الأخرى كان غالبية الجيش النمساوي نياماً، وحين سمعوا الرصاص وتبعه صوت يشبه هجوم فرقة خيالة.
ظنوا أنه هجوم عثماني، في حين لم يكن إلا أن أحصنتهم قد جفلت وحطمت الإسطبلات. فأمر قائد الجيش المدفعية بإطلاق النيران فسقط مزيد من القتلى، وتعالى بين الجيش نفير «الأتراك.. الأتراك» فتراجع الفوج الأول وبسبب عائق اللغة تبعته الأفواج الأخرى، وكل فوج يرمي الفوج الذي خلفه.
كان جوزف الثاني نصف نائم حين ساعده حراسه على امتطاء جواده. لكن الفارين أسقطوه عن حصانه فهرب إلى النهر ثم إلى منزل في «كارانسيبس» وهو يرتعد خوفاً وبرداً.
ومثل كل الجيوش المنهزمة المرتعدة نهبت البيوت، واغتصبت النساء، وأحرقت القرى، وامتلأت الطريق ببقايا جيش مندحر، فهناك الجرحى والبنادق والخيام وأكثر من 10 آلاف قتيل.
* بالعجمي الفصيح:
توفي جوزف الثاني بعد عامين من معركة كارانسيبيس «Karánsebes» ولسان حاله كما قال حافظ إبراهيم:
لا تلم كفّي إِذا السيف نَبا
صحَّ مني العزمُ والدهرُ أَبى
رُبَّ ساعٍ مبصرٍ في سعيهِ
أَخطأَ التوفيقَ فيما طلبا
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
{{ article.visit_count }}
في خريف 1788 أعلن جوزف الثاني إمبراطور النمسا الحرب على العثمانيين.
لماذا؟! لأنه بعد شباب عاشه خامل الهمة شعر أن من الضروري أن يخلده التاريخ كعبقري عسكري. تم التحضير لكل شيء.
وسار جوزيف الثاني مع جيشه الضخم إلى الحدود مع الدولة العثمانية. خاض معارك صغيرة مع طلائع من الجيش العثماني المتحصنة ببعض القلاع. وفي ليلة 19 سبتمبر حالكة الظلمة تمركز الجيش النمساوي على ضفة نهر الدانوب في رومانيا حالياً، حيث عبرت مجموعة من الفرسان النمساويين جسراً يدعى تيمس للضفة الأخرى من النهر، فوجدوا براميل من الخمر الهولندي مع الغجر الرومان، فترجلوا وانغمسوا في الشرب. ثم عبرت الجسر مجموعة من المشاة النمساويين الذين كان غير مرحب بهم من قبل الفرسان حيث قاموا بمطاردة الجنود المشاة. استفز الأمر المشاة الظامئين، فأطلق أحدهم رصاصة، وأخرى، فتدحرجت جثة، وأخرى. وسرعان ما نشبت معركة حقيقية بين المشاة والفرسان النمساويين وسقط عدة قتلى. ولإخراج الفرسان المتحصنين صاح جندي من المشاة «توركي.. توركي» حيث إن فكرة مواجهة الجيش التركي كانت مخيفة. ففر الفرسان السكارى هلعاً من مواقعهم ومثلهم المشاة الذين غاب عن بعضهم أن أحد رفاقهم هو من صاح «توركي».
وزاد الطين بلة أن قائداً صرخ بالألمانية «halt» وتعني «توقفوا». ولأن الجنود من أعراق مختلفة ظنوه يصرخ «الله»، فانهال عليه الرصاص. وعلى ضفة الجسر الأخرى كان غالبية الجيش النمساوي نياماً، وحين سمعوا الرصاص وتبعه صوت يشبه هجوم فرقة خيالة.
ظنوا أنه هجوم عثماني، في حين لم يكن إلا أن أحصنتهم قد جفلت وحطمت الإسطبلات. فأمر قائد الجيش المدفعية بإطلاق النيران فسقط مزيد من القتلى، وتعالى بين الجيش نفير «الأتراك.. الأتراك» فتراجع الفوج الأول وبسبب عائق اللغة تبعته الأفواج الأخرى، وكل فوج يرمي الفوج الذي خلفه.
كان جوزف الثاني نصف نائم حين ساعده حراسه على امتطاء جواده. لكن الفارين أسقطوه عن حصانه فهرب إلى النهر ثم إلى منزل في «كارانسيبس» وهو يرتعد خوفاً وبرداً.
ومثل كل الجيوش المنهزمة المرتعدة نهبت البيوت، واغتصبت النساء، وأحرقت القرى، وامتلأت الطريق ببقايا جيش مندحر، فهناك الجرحى والبنادق والخيام وأكثر من 10 آلاف قتيل.
* بالعجمي الفصيح:
توفي جوزف الثاني بعد عامين من معركة كارانسيبيس «Karánsebes» ولسان حاله كما قال حافظ إبراهيم:
لا تلم كفّي إِذا السيف نَبا
صحَّ مني العزمُ والدهرُ أَبى
رُبَّ ساعٍ مبصرٍ في سعيهِ
أَخطأَ التوفيقَ فيما طلبا
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج