لا تتعبوا أنفسكم في البحث عن ذلك المختص فلن تجدوه في البحرين، بعد أن غاب عن أرضنا باحثين في العلاقات الدولية، مختصين في شؤون دول لها ارتباط أكبر وعلاقات أعمق مع البحرين. فهل لدينا ما يكفي من الباحثين في العلاقات البحرينية مع روسيا والصين وتركيا وإيران والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرهم من دول الاتحاد الأوروبي أو الدول الآسيوية؟!
كل دولة على حده، للأسف الإجابة تكاد تكون صفرية، وإن وجد فلدينا مختص أكثر عمومية في شؤون العلاقات الآسيوية أو العلاقات الأوروبية وهكذا، وربما هم أشخاص معدودون تجدهم في وزارة الخارجية بما تفرضه عليهم طبيعة وظائفهم، ولكنه قد لا يكون انشغالاً أصيلاً بذلك التخصص، بما في ذلك الخبرة والتجربة والمعايشة في البلد نفسه خروجاً عن التخصص النظري وحده.
وكم هو مؤسف أن تكون البحرين رائدة في مجالات شتى على المستوى الخليجي، بينما لا ترقى لمستوى المشاركة حتى في ميدان علاقاتها الدولية بالبحث والدراسة المعمقة، نظراً لغياب المختصين في المجال. وبينما أعرف عدداً من الباحثين الخليجيين في الشؤون الإيرانية والتركية والروسية والصينية وغيرها، أكاد لا أجد بحرينياً مختصاً على هذا النحو إلاَّ بضعة أسماء لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وحقيقةً لا أعرف إلاَّ اسماً واحداً في العلاقات مع الهند. وهنا الكارثة الأخرى، فوجود باحث واحد أو حتى مركز أبحاث واحد في الدراسات الهندية مثلاً أو أي بلد، يعني أحادية النظرة وانعدام فرص تعدد أفراد أو مراكز دعم القرار.
قد يرجع غياب الباحثين والدارسين بهذا العمق من الاختصاص إلى جملة من العوامل، أهمها محدودية الفرص التي قد توفرها مراكز الأبحاث في البحرين، إذ نعوّل جميعاً على مركز «دراسات» وحده، ورغم أنه مركز بات يحقق نجاحاً لافتاً ويأخذ مكانته الطبيعية بين مراكز الأبحاث الخليجية مؤخراً، إلاَّ أنه -بلا أدنى شك- لن يكون بمقدوره استيعاب كل الطاقات البحثية اللازمة للمملكة، ما يعني أهمية تشجيع الباحثين واستقطابهم في ميادين بحثية شتى داخل المؤسسات العامة كل حسب اختصاصه، وفي سفارات البحرين في الخارج، وفي مؤسسات ومراكز أخرى يتم استحداثها لهذا الغرض خصيصاً.
الأمر الآخر، أننا لا نجد تشجيعاً على البحث الاستراتيجي المستقل، ولا نجد دعماً حتى بالطباعة والنشر إلاَّ فيما ندر ومن خلال علاقات الباحث الشخصية، ما يهمش قيمة البحث الاستراتيجي وما عساه يعود به من قيمة في صناعة القرار السياسي أو إضاءة بعض الجوانب الهامة في تنمية العلاقات البحرينية مع المجتمع الدولي. هذا ناهيك عن أن البلد لا يتيح الفرص بما يكفي لاستمرار البعثات واحدة تلو الأخرى لمزيد من التخصص في دراسة مجال ما، ولا تتبنى الباحثين بما يكفي بالدعم الأكاديمي واللوجستي اللازم لذلك، ومن هذا أن أبواب كافة المؤسسات المحلية وخصوصاً الحكومية مغلقة في وجه هؤلاء الباحثين، وغالباً ما تمتنع عن تقديم أبسط المعلومات والإحصائيات اللازمة لهم في الدراسة رغم أن أغلب تلك الإحصائيات حق مشروع تتطلبه الشفافية التي ننادي بها.
* اختلاج النبض:
لتكون مؤثرة سياسياً وفاعلة في علاقاتها الدولية، متمكنة من رسم سياساتها الخارجية بقوة، على البحرين أن توجد قاعدة بيانات رصينة في أطر تحليلية ناجعة، وتخلص إلى نتائج أكيدة وتوصيات تسهم في صناعة القرار السياسي، بتشجيع الباحثين في شأن الدول الأخرى.
{{ article.visit_count }}
كل دولة على حده، للأسف الإجابة تكاد تكون صفرية، وإن وجد فلدينا مختص أكثر عمومية في شؤون العلاقات الآسيوية أو العلاقات الأوروبية وهكذا، وربما هم أشخاص معدودون تجدهم في وزارة الخارجية بما تفرضه عليهم طبيعة وظائفهم، ولكنه قد لا يكون انشغالاً أصيلاً بذلك التخصص، بما في ذلك الخبرة والتجربة والمعايشة في البلد نفسه خروجاً عن التخصص النظري وحده.
وكم هو مؤسف أن تكون البحرين رائدة في مجالات شتى على المستوى الخليجي، بينما لا ترقى لمستوى المشاركة حتى في ميدان علاقاتها الدولية بالبحث والدراسة المعمقة، نظراً لغياب المختصين في المجال. وبينما أعرف عدداً من الباحثين الخليجيين في الشؤون الإيرانية والتركية والروسية والصينية وغيرها، أكاد لا أجد بحرينياً مختصاً على هذا النحو إلاَّ بضعة أسماء لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وحقيقةً لا أعرف إلاَّ اسماً واحداً في العلاقات مع الهند. وهنا الكارثة الأخرى، فوجود باحث واحد أو حتى مركز أبحاث واحد في الدراسات الهندية مثلاً أو أي بلد، يعني أحادية النظرة وانعدام فرص تعدد أفراد أو مراكز دعم القرار.
قد يرجع غياب الباحثين والدارسين بهذا العمق من الاختصاص إلى جملة من العوامل، أهمها محدودية الفرص التي قد توفرها مراكز الأبحاث في البحرين، إذ نعوّل جميعاً على مركز «دراسات» وحده، ورغم أنه مركز بات يحقق نجاحاً لافتاً ويأخذ مكانته الطبيعية بين مراكز الأبحاث الخليجية مؤخراً، إلاَّ أنه -بلا أدنى شك- لن يكون بمقدوره استيعاب كل الطاقات البحثية اللازمة للمملكة، ما يعني أهمية تشجيع الباحثين واستقطابهم في ميادين بحثية شتى داخل المؤسسات العامة كل حسب اختصاصه، وفي سفارات البحرين في الخارج، وفي مؤسسات ومراكز أخرى يتم استحداثها لهذا الغرض خصيصاً.
الأمر الآخر، أننا لا نجد تشجيعاً على البحث الاستراتيجي المستقل، ولا نجد دعماً حتى بالطباعة والنشر إلاَّ فيما ندر ومن خلال علاقات الباحث الشخصية، ما يهمش قيمة البحث الاستراتيجي وما عساه يعود به من قيمة في صناعة القرار السياسي أو إضاءة بعض الجوانب الهامة في تنمية العلاقات البحرينية مع المجتمع الدولي. هذا ناهيك عن أن البلد لا يتيح الفرص بما يكفي لاستمرار البعثات واحدة تلو الأخرى لمزيد من التخصص في دراسة مجال ما، ولا تتبنى الباحثين بما يكفي بالدعم الأكاديمي واللوجستي اللازم لذلك، ومن هذا أن أبواب كافة المؤسسات المحلية وخصوصاً الحكومية مغلقة في وجه هؤلاء الباحثين، وغالباً ما تمتنع عن تقديم أبسط المعلومات والإحصائيات اللازمة لهم في الدراسة رغم أن أغلب تلك الإحصائيات حق مشروع تتطلبه الشفافية التي ننادي بها.
* اختلاج النبض:
لتكون مؤثرة سياسياً وفاعلة في علاقاتها الدولية، متمكنة من رسم سياساتها الخارجية بقوة، على البحرين أن توجد قاعدة بيانات رصينة في أطر تحليلية ناجعة، وتخلص إلى نتائج أكيدة وتوصيات تسهم في صناعة القرار السياسي، بتشجيع الباحثين في شأن الدول الأخرى.