«دولنا الأربع قدمت الكثير من الشهداء في معركتنا ضد الإرهاب وفي الدفاع عن أوطاننا وشعوبنا، ولاتزال دولنا وستظل في جهودها الرامية للحفاظ على المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من أي ممارسات قد تضر بدوله أو تؤثر سلباً على شعوبه أو تعرقل منجزاته ومكتسباته، والحفاظ على الأمن القومي العربي والتصدي بكل قوة وثبات لمن يحاول النيل منه». كلمة جلالة الملك في استقباله لوزراء الخارجية لدول التحالف الرباعي ضد الإرهاب.

تلك إشارة غاية في الأهمية حين تصدر من أحد قادة التحالف الرباعي هو ملك مملكة البحرين لمسؤولين على مستوى وزراء الخارجية، في اجتماع يناقش الخطوات القادمة تجاه دولة قطر، إنها إشارة تدل على هول الضرر الذي أصابنا، وتدل على المدى الذي ماضية فيه سياستنا من أجل حماية أمننا واللبيب بالإشارة يفهم.

ومن المؤسف أن تتمادى قطر في الإيغال في تصرفاتها التي لن تغير من الأمر شيء مع الأسف ولن تستفيد منها قطر، أي لن تغير من موقف التحالف الرباعي منها ومن إجراءاتها ضدها، بل تؤكد صحته وسلامة قراراته، وتؤكد أن بقاء هذا العضو في منظومة دول مجلس التعاون بات يشكل خطراً علينا وعلى أرواح مواطنينا أكثر مما مضى بعد أن أسقط القناع الذي كان يكتسيه.

من ذا الذي يجرؤ على التقدم بشكوى للأمم المتحدة ضد المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين؟ من ذا الذي يجرؤ أن يدفع المليارات لإثيوبيا من أجل بناء سد يمنع الماء عن المصريين، من ذا الذي يجرؤ أن يضع قاعدة عسكرية تركية في أراضيه مقابلة للمملكة العربية السعودية ويستدعي حرساً ثورياً إيرانياً في أراضيه، هو ذاته من هانت عليه أرواح البحرينيين والسعوديين والإماراتيين والمصريين، هو ذاته الذي سعى لإراقة تلك الدماء دون أن يرف له جفن وهو يدعم التنظيمات الإرهابية التي قتلت شهداءنا في البحرين وفي مصر وفي اليمن، فمات البحريني والمصري والسعودي والإماراتي بخنجر طعنته فيه القيادة القطرية، تلك طعنة لن تنسى أبداً، حاولنا تجاهلها إكراماً لأشقائنا من الشعب القطري الشقيق، وإكراماً لأهلنا ولروابطنا، بل إننا أدرنا ظهرنا لصرخات من مصر تستنجد بنا من طعن القطري أيضاً إكراماً لهذا الشقيق الذي ناشدناه سراً أن يرتدع وأن يتوقف، لكنه أبى إلا أن يستمر.

كانت قطر تشكل خطراً على أمننا الخليجي وأمننا العربي طوال العشرين عاماً الماضية بضلوعها في مشروع يهدف لإسقاط الأنظمة العربية وإسقاط دولها وخلق فوضى مدمرة، عارمة تسفك فيها الدماء وتزهق فيها الأرواح ويتشرد فيها الملايين من أبناء الوطن العربي، وتمادت في غيها رغم معاناة هذه الشعوب ومنها شعوب أقرب المقربين لها.

كانت قطر خطراً علينا وهي بهذه السياسة المرتمية في أحضان الإيرانيين أصبح خطرها مضاعفاً نتيجة شعورها باشتداد الخناق عليها ومواجهتها بأفعالها وفضحها أمام العالم كله.

ما ينشر الآن سجلات ووثائق قديمة تعود لمنتصف التسعينات، واستمرت جرائمها إلى اليوم، من صبر عليها يكافأ لا يلام، فسؤال قطر لماذا الآن؟ كان يجب أن يخجل من نفسه ويعرف أن السكوت عليها كان صبراً لا قلة حيلة، كان كرماً لا عجزاً.

قطر اليوم في مواجهة إعصار الغضب الذي تأجل لسنوات ولا يؤلمنا ويؤخرنا عن المزيد من الإجراءات سوى أن تلك القيادة تجر معها شعباً لا ذنب ولا حول ولا قوة له، وحرصنا أن يعلم أننا تحملنا من أجله الكثير، إنما قد أعذر من أنذر..