تطرح التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حول ميليشيات «الحشد الشعبي» العديد من التساؤلات، وتثير الجدل حول موقف الدولة العراقية منها، خاصة أن العبادي شدد على أن «ميليشيات «الحشد الشعبي» لن يتم حلها وأنها مكون من مكونات الجيش العراقي»، لكن ما ذكره لاحقاً أثار الجدل عندما قال إن «الحشد الشعبي» يخضع لقيادة الدولة العراقية، والمرجعية الدينية في النجف، ويدافع عن العراق»، وهنا كشفت التصريحات عن التناقضات البينة، وهي، هل تلك الميليشيات تخضع لـ «حشد الدولة» أم «حشد المرجعية الدينية»؟! وهل تحولت الدولة العراقية لدولة دينية على غرار دولة «ولاية الفقيه» حتى يخضع جيشها للمرجعية الدينية في النجف؟! وهل جنود الجيش العراقي من السنة يخضعون أيضاً لمرجعية النجف؟!
وكان العبادي يرد بتصريحاته على مطالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي استغل التظاهرات التي دعا إليها الجمعة الماضي في توجيه رسالة للجموع الغفيرة في ساحة التحرير ببغداد، وبينها «حصر السلاح في يد الدولة، وإبعاد العناصر غير المنضبطة عن الحشد الشعبي، ودمج العناصر المنضبطة ضمن القوات المسلحة الرسمية، وإلا فبجعل زمام أمر الحشد المقر بقانون تحت إمرة الدولة حصراً، لا غير، وبشروط صارمة». تصريحات الصدر لم تكن مجرد بالونة اختبار لمواجهة مباشرة مع الميليشيات الموالية لطهران وائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، غريم العبادي، والابن المدلل لدى «ولاية الفقيه» في إيران، والذي سيذكره التاريخ بأنه يستحق لقب أسوأ رئيس وزراء ومسؤول في تاريخ العراق - ولا ينافسه على هذا اللقب وتلك المأساة إلا نظام صدام حسين - والمسؤول الأول عن ظهور التنظيم المتطرف عندما فشل في دحره في معاركه في الموصل شمال العراق، وظهر جنوده وهم يهربون بعرباتهم العسكرية في مشهد مخز مؤلم لن يمحى من ذاكرة العراقيين والعرب جميعاً. ولذلك فسر مراقبون دعوات الصدر بحل ميليشيات «الحشد الشعبي» ربما تكون أولى مطالب السعودية، ضمن قائمة وعد بدراستها، غداة زيارة نادرة إلى المملكة قام بها، هي الأولى منذ 11 عاماً، التقى فيها كبار المسؤولين في السعودية، خاصة أن كتائب في الميليشيات سبق وأن هددت الحدود السعودية، ولا يمكن تجاهل أمر تلك الميليشيات في أن تصبح تهديداً لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، بوجه عام.
ولا شك في أن تمدد فصائل شيعية مقاتلة تنضوي تحت «الحشد الشعبي» يثير قلق دول الجوار خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة ألى أمريكا، ويبدو ذلك جليا من توسع ميليشيات «الحشد» وتوجهها إلى الحدود العراقية السورية بذريعة محاربة تنظيم الدولة «داعش» وللحفاظ على الأراضي العراقية، على حد تصريحات قياداتها، خاصة أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أعربت عن مخاوفها من وجود ميليشيات مدعومة من إيران على الحدود العراقية السورية، في إشارة إلى الميليشيات التي تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد وأيضاً ميليشيات «الحشد الشعبي»، خاصة أن الأخيرة تلقى الدعم والتأييد من طهران.
وربما هذا ما يفسر الاتهامات التي وجهتها قادة الميليشيات للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة «داعش»، بقيادة واشنطن، وتحميل الأخيرة مسؤولية مقتل وإصابة العشرات من «الحشد» في القصف الذي استهدف الخط الحدودي المقابل لبلدة عكاشات، جنوب سنجار في محافظة نينوى العراقية، ورغم أن التحالف نفى مسؤوليته عن العملية، فيما أعلن «داعش» تبنيه لها، إلا أنه ليس من المستبعد أن يكون تحرك الميليشيات على الحدود السورية العراقية قد استفز واشنطن وهو ما دفعها إلى تنفيذ تلك الضربة لإيصال رسالة لإيران وميليشياتها في سوريا والعراق وبينها بطبيعة الحال «الحشد الشعبي».
ولأن ميليشيات «الحشد» أصبح ذكرها يثير الهلع، وغدا اسمها مرتبطاً بعمليات الانتقام الطائفي، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لم يكن أبداً مستغرباً أن يخرج رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ليعبر عن مخاوفه من «عمليات انتقام تطاول الأبرياء» في تلعفر، إذا شاركت قوات «الحشد الشعبي» في استعادة المنطقة من قبضة «داعش». ولذلك حمل بارزاني الجيش العراقي مسؤولية تحرير تلعفر من «داعش»، وشدد على أنه «بالتأكيد لن يسمح لتلك الميليشيات والقوات بالدخول إلى أراضي كردستان العراق».
لا يمكن غض الطرف عن نموذج «الحشد الشعبي» في العراق في أن يصبح سيناريو جديداً لتجربة «حزب الله» في لبنان، وربما هذا ما دفع العبادي إلى التأكيد على أن «الحشد الشعبي هيئة رسمية داخل العراق»، نافياً وجود أي صفة للحشد خارج البلاد، في تضارب جديد للتصريحات، ومحاولة لتبرير تصريحاته السابقة، لكن المعضلة الكبيرة التي يواجهها العراقيون حالياً هو اعتبار أن أمن شيعة العراق يكمن في وجود ميليشيات «الحشد الشعبي» وتلك إحدى المآسي الجديدة التي تدخل البلاد في فوضى تضاف إلى أزمات كبيرة تعيشها الدولة العراقية!
* وقفة:
ميليشيات «الحشد الشعبي» ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واستهدفت بشكل خاص، سنة العراق، ومنها من يقاتل في صفوف نظام الأسد في سوريا، فلماذا لا تصنفها دول مجلس التعاون الخليجي على قوائم الإرهاب ضمن القوائم السوداء على غرار «حزب الله» اللبناني؟
وكان العبادي يرد بتصريحاته على مطالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي استغل التظاهرات التي دعا إليها الجمعة الماضي في توجيه رسالة للجموع الغفيرة في ساحة التحرير ببغداد، وبينها «حصر السلاح في يد الدولة، وإبعاد العناصر غير المنضبطة عن الحشد الشعبي، ودمج العناصر المنضبطة ضمن القوات المسلحة الرسمية، وإلا فبجعل زمام أمر الحشد المقر بقانون تحت إمرة الدولة حصراً، لا غير، وبشروط صارمة». تصريحات الصدر لم تكن مجرد بالونة اختبار لمواجهة مباشرة مع الميليشيات الموالية لطهران وائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، غريم العبادي، والابن المدلل لدى «ولاية الفقيه» في إيران، والذي سيذكره التاريخ بأنه يستحق لقب أسوأ رئيس وزراء ومسؤول في تاريخ العراق - ولا ينافسه على هذا اللقب وتلك المأساة إلا نظام صدام حسين - والمسؤول الأول عن ظهور التنظيم المتطرف عندما فشل في دحره في معاركه في الموصل شمال العراق، وظهر جنوده وهم يهربون بعرباتهم العسكرية في مشهد مخز مؤلم لن يمحى من ذاكرة العراقيين والعرب جميعاً. ولذلك فسر مراقبون دعوات الصدر بحل ميليشيات «الحشد الشعبي» ربما تكون أولى مطالب السعودية، ضمن قائمة وعد بدراستها، غداة زيارة نادرة إلى المملكة قام بها، هي الأولى منذ 11 عاماً، التقى فيها كبار المسؤولين في السعودية، خاصة أن كتائب في الميليشيات سبق وأن هددت الحدود السعودية، ولا يمكن تجاهل أمر تلك الميليشيات في أن تصبح تهديداً لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، بوجه عام.
ولا شك في أن تمدد فصائل شيعية مقاتلة تنضوي تحت «الحشد الشعبي» يثير قلق دول الجوار خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة ألى أمريكا، ويبدو ذلك جليا من توسع ميليشيات «الحشد» وتوجهها إلى الحدود العراقية السورية بذريعة محاربة تنظيم الدولة «داعش» وللحفاظ على الأراضي العراقية، على حد تصريحات قياداتها، خاصة أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أعربت عن مخاوفها من وجود ميليشيات مدعومة من إيران على الحدود العراقية السورية، في إشارة إلى الميليشيات التي تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد وأيضاً ميليشيات «الحشد الشعبي»، خاصة أن الأخيرة تلقى الدعم والتأييد من طهران.
وربما هذا ما يفسر الاتهامات التي وجهتها قادة الميليشيات للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة «داعش»، بقيادة واشنطن، وتحميل الأخيرة مسؤولية مقتل وإصابة العشرات من «الحشد» في القصف الذي استهدف الخط الحدودي المقابل لبلدة عكاشات، جنوب سنجار في محافظة نينوى العراقية، ورغم أن التحالف نفى مسؤوليته عن العملية، فيما أعلن «داعش» تبنيه لها، إلا أنه ليس من المستبعد أن يكون تحرك الميليشيات على الحدود السورية العراقية قد استفز واشنطن وهو ما دفعها إلى تنفيذ تلك الضربة لإيصال رسالة لإيران وميليشياتها في سوريا والعراق وبينها بطبيعة الحال «الحشد الشعبي».
ولأن ميليشيات «الحشد» أصبح ذكرها يثير الهلع، وغدا اسمها مرتبطاً بعمليات الانتقام الطائفي، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لم يكن أبداً مستغرباً أن يخرج رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ليعبر عن مخاوفه من «عمليات انتقام تطاول الأبرياء» في تلعفر، إذا شاركت قوات «الحشد الشعبي» في استعادة المنطقة من قبضة «داعش». ولذلك حمل بارزاني الجيش العراقي مسؤولية تحرير تلعفر من «داعش»، وشدد على أنه «بالتأكيد لن يسمح لتلك الميليشيات والقوات بالدخول إلى أراضي كردستان العراق».
لا يمكن غض الطرف عن نموذج «الحشد الشعبي» في العراق في أن يصبح سيناريو جديداً لتجربة «حزب الله» في لبنان، وربما هذا ما دفع العبادي إلى التأكيد على أن «الحشد الشعبي هيئة رسمية داخل العراق»، نافياً وجود أي صفة للحشد خارج البلاد، في تضارب جديد للتصريحات، ومحاولة لتبرير تصريحاته السابقة، لكن المعضلة الكبيرة التي يواجهها العراقيون حالياً هو اعتبار أن أمن شيعة العراق يكمن في وجود ميليشيات «الحشد الشعبي» وتلك إحدى المآسي الجديدة التي تدخل البلاد في فوضى تضاف إلى أزمات كبيرة تعيشها الدولة العراقية!
* وقفة:
ميليشيات «الحشد الشعبي» ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واستهدفت بشكل خاص، سنة العراق، ومنها من يقاتل في صفوف نظام الأسد في سوريا، فلماذا لا تصنفها دول مجلس التعاون الخليجي على قوائم الإرهاب ضمن القوائم السوداء على غرار «حزب الله» اللبناني؟