قرابة ثلاث سنوات أمضيتها بحثاً في موضوع النصر والهزيمة، فقد كانت موضوع أطروحتي في الدكتوراه، مررت خلالها على كل المفاهيم التي وضعت للنصر والهزيمة، فلم أجد مفهوماً واحداً يبرر للعرب المعاصرين تصوير هزائمهم على أنها انتصارات، آخرها إعلان لبنان انتصاره في «فجر الجرود».
في أغسطس من عام 2014 جرت في لبنان معارك عنيفة شهدتها بلدة عرسال الحدودية انتهت بخطف عدد من جنود الجيش اللبناني من قبل تنظيمي جبهة «النصرة» و»داعش»، بعدها بعام أطلقت «جبهة النصرة» سراح الجنود الذين اختطفتهم وبقي تنظيم «داعش» محتفظاً ببعض الجنود وعددهم تسعة، قبل أيام وبعد ثلاث سنوات أطلق الجيش اللبناني عملية عسكرية لحسم ملف الجنود المختطفين وأطلق عليها اسم عملية «فجر الجرود»، انتهت العملية قبل يومين عندما أعلن الجيش اللبناني وقف إطلاق النار، وتبين أن كل الجنود المختطفين قد قتلوا على يد تنظيم «داعش» في وقت سابق، انتهت العملية بالسماح لمقاتلي «داعش» وعائلاتهم بالرحيل بشكل آمن من شرق لبنان نحو معقلهم في سوريا، وترد الأنباء بأن نهاية العملية جاءت بعد اتفاق بين «حزب الله» اللبناني وتنظيم «داعش» بمباركة النظام السوري، اتفاق يحصل «حزب الله» من خلاله على جثامين مقاتليه الذين لقوا حتفهم في وقت سابق في البادية السورية.
بعد كل ذلك يخرج نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني غسان حاصباني ليعلن أن عملية «فجر الجرود» حسمت لصالح الجيش اللبناني!
إذا بحثنا عن مفهوم الانتصار وكيف تحسب الأمور لصالحك في المعارك، ففي مفهوم أهل الجاهلية من القدم وحتى أيامنا أن النصر هو الغلبة والاستيلاء والقهر، وهذا المفهوم مستمر حتى عند الغرب القوي الآن فهم يعتبرون أن ما فعلوه في البوسنة والهرسك، وإندونيسيا، والشيشان، وداغستان، وأفغانستان والعراق وغيرها من دول العالم من اضطهاد وتقتيل وتشريد، واحتلال وانتهاك للحرمات، واستغلال للثروات، ما هو إلا صورة من صور النصر، أما النصر في ثقافة المسلمين فيحصل عندما يدخل الجيش حرباً فتحسم هذه الحرب لصالحه على المستوى الميداني، وعلى مستوى تحقق الأهداف التي وضعها قبل المعركة، وكذلك من خلال تقييم النتائج لكلا الطرفين، وهذا هو الصحيح.
فكيف حسمت الأمور لصالح لبنان التي لم تستعد جنودها أحياء ولم تتمكن من حساب قتلتهم وفوق كل ذلك أمنت لهم طريق الخروج إلى معقلهم الرئيس؟! الواقع أن الوزير اللبناني لم يقترف بدعاً من القول، فهذا حال كل العرب المعاصرين لا يعترفون بهزائمهم وإن كانت واضحة مرة ولا يكتفون بعدم الاعتراف بل يجتهدون بخطابات رنانة تفلسف الهزيمة وتصورها على أنها نصر، ولذلك لا ينتصرون في الحقيقة.
إن أول ما تفعله دول الغرب عند هزيمتها هو الاعتراف بهذه الهزيمة لتبدأ بعدها بدراسة أسبابها حتى تعالجها، ولكم في ألمانيا واليابان خير مثال بعدما دمرتا في الحرب العالمية الثانية، كيف اعترفتا بالهزيمة ليخففا من أضرارها وكيف هما الآن.
ليس عيباً أن يهزم الإنسان أو الدولة فهناك دوماً فرصة للنصر، إنما العيب تصوير الهزيمة على أنها نصر مؤزر، وكل من حوله يعلم بهزيمته.
في أغسطس من عام 2014 جرت في لبنان معارك عنيفة شهدتها بلدة عرسال الحدودية انتهت بخطف عدد من جنود الجيش اللبناني من قبل تنظيمي جبهة «النصرة» و»داعش»، بعدها بعام أطلقت «جبهة النصرة» سراح الجنود الذين اختطفتهم وبقي تنظيم «داعش» محتفظاً ببعض الجنود وعددهم تسعة، قبل أيام وبعد ثلاث سنوات أطلق الجيش اللبناني عملية عسكرية لحسم ملف الجنود المختطفين وأطلق عليها اسم عملية «فجر الجرود»، انتهت العملية قبل يومين عندما أعلن الجيش اللبناني وقف إطلاق النار، وتبين أن كل الجنود المختطفين قد قتلوا على يد تنظيم «داعش» في وقت سابق، انتهت العملية بالسماح لمقاتلي «داعش» وعائلاتهم بالرحيل بشكل آمن من شرق لبنان نحو معقلهم في سوريا، وترد الأنباء بأن نهاية العملية جاءت بعد اتفاق بين «حزب الله» اللبناني وتنظيم «داعش» بمباركة النظام السوري، اتفاق يحصل «حزب الله» من خلاله على جثامين مقاتليه الذين لقوا حتفهم في وقت سابق في البادية السورية.
بعد كل ذلك يخرج نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني غسان حاصباني ليعلن أن عملية «فجر الجرود» حسمت لصالح الجيش اللبناني!
إذا بحثنا عن مفهوم الانتصار وكيف تحسب الأمور لصالحك في المعارك، ففي مفهوم أهل الجاهلية من القدم وحتى أيامنا أن النصر هو الغلبة والاستيلاء والقهر، وهذا المفهوم مستمر حتى عند الغرب القوي الآن فهم يعتبرون أن ما فعلوه في البوسنة والهرسك، وإندونيسيا، والشيشان، وداغستان، وأفغانستان والعراق وغيرها من دول العالم من اضطهاد وتقتيل وتشريد، واحتلال وانتهاك للحرمات، واستغلال للثروات، ما هو إلا صورة من صور النصر، أما النصر في ثقافة المسلمين فيحصل عندما يدخل الجيش حرباً فتحسم هذه الحرب لصالحه على المستوى الميداني، وعلى مستوى تحقق الأهداف التي وضعها قبل المعركة، وكذلك من خلال تقييم النتائج لكلا الطرفين، وهذا هو الصحيح.
فكيف حسمت الأمور لصالح لبنان التي لم تستعد جنودها أحياء ولم تتمكن من حساب قتلتهم وفوق كل ذلك أمنت لهم طريق الخروج إلى معقلهم الرئيس؟! الواقع أن الوزير اللبناني لم يقترف بدعاً من القول، فهذا حال كل العرب المعاصرين لا يعترفون بهزائمهم وإن كانت واضحة مرة ولا يكتفون بعدم الاعتراف بل يجتهدون بخطابات رنانة تفلسف الهزيمة وتصورها على أنها نصر، ولذلك لا ينتصرون في الحقيقة.
إن أول ما تفعله دول الغرب عند هزيمتها هو الاعتراف بهذه الهزيمة لتبدأ بعدها بدراسة أسبابها حتى تعالجها، ولكم في ألمانيا واليابان خير مثال بعدما دمرتا في الحرب العالمية الثانية، كيف اعترفتا بالهزيمة ليخففا من أضرارها وكيف هما الآن.
ليس عيباً أن يهزم الإنسان أو الدولة فهناك دوماً فرصة للنصر، إنما العيب تصوير الهزيمة على أنها نصر مؤزر، وكل من حوله يعلم بهزيمته.