بالأمس أرسل لي أحد الأصدقاء صورة لطفل صغير قد لا يتعدى السابعة من عمره، ظهره عارٍ وتظهر آثار جلد بعصا أو سوط عليه.
الكارثة بأن هذه الجروح أصابته لا جراء عراك أو مشاجرة، بل أصابته جراء ضرب والده له!
مصيبة كثير من أولياء الأمور أنهم يستسهلون عملية ضرب الأبناء، بعضهم يظن بأن هذه هي أصول التربية، وأنك لا بد وأن تضرب أبناءك حتى تربيهم، وينسى بأن هذا الأسلوب هو أخطر الأساليب المحظورة، ونتائجها خطيرة ووخيمة.
قيل لنا بأن التربية تهذيب للأخلاق والنفس، وهي «تحبيب» وليست «ترهيباً»، أن تجعل أبناءك يطيعونك، هذا الأمر لا يأتي بالضرب أبداً، فالعقاب الجسدي يزرع الخوف أولاً، فهل هي مفخرة لأي ولي أمر بأن أبناءه يخافونه، ليس مهابة ولا احتراماً بل خوفاً من عقابه وضربه وعصاه؟!
جميل أن يحترمك أبناؤك ويهابوك من منطلق حب، بدل أن تحول الحب الفطري الذي يولدون به إلى كراهية وغل يكبران مع مرور الزمن.
اليوم هذا الطفل الصغير لا يقدر على حماية نفسه، لا يقوى على رد الأذى عنه، لكن الحال هذا يتغير مستقبلاً حينما يشب ويكبر. فهل يريد أي ولي أمر أن يقف له ولده يوماً، حينما يشب ويقوى عوده، بينما هو يشيخ ويتقدم به العمر، ليتعارك معه بالأيدي أو ليسيء معاملته، بدل أن يبره ويقوم به؟!
لا أنسج سيناريوهات من مخيلتي، لكن واقعنا اليوم يعج بعشرات القصص المؤلمة عن أبناء عاقين لآبائهم، لا رغبة منهم في العقوق، بل لأن التربية لم تكن صحيحة، ولأن قلوبهم ملأى بالخوف والقهر الذي يولد رغبة الانتقام، وللأسف الانتقام من والده الذي ضربه وعامله بقسوة.
بالتالي أقول هذا الأمر ثانياً، حينما تزرع في نفوس الأبناء هذه المشاعر، ويرى في بيته بيئة طاردة لأنه يتعرض للأذى فيها، تظنون أين سيجد أمانه؟! في الخارج طبعاً، وحينها يكون عرضة لكثير من الأمور، على رأسها رفاق السوء. وكم من ابن ضاع وسار في دروب الخطأ، فقط لأنه لم يجد البيت مستقراً آمناً له.
التربية فن، وقد لا يعي كثيرون هذا الأمر إلا حينما يجربون الأبوة، أو حين يرون صوراً يقشعر منها البدن تحكي معاناة أبناء ومآسي تعرضوا لها، وضراً مسهم ممن يفترض أن يحموهم ويربوهم التربية الصالحة.
كم من أسرة مازالت تمني نفسها بطفل يجلب لهم السعادة، والله لم يكتب لهم هذه النعمة، نعم الأبناء نعمة، فهل تعامل النعمة بهذه القسوة؟! هل يطاوعك قلبك أن تضرب ولدك وتؤذيه وهو فلذة كبدك الذي يفترض أن تحارب العالم لأجل حمايته إن تعرض للاستهداف.
التربية ليست بهذه الأساليب، نحن أهل إسلام وسلام، نرى أساليب التربية الراقية في الغرب ونحاول أن نتعلم منها، بينما ديننا هو الذي يتضمن تعاليم التنشئة الصحيحة والتربية الراقية.
قبل أن يظن البعض أن التربية تتلخص في ضرب الأبناء وإصابتهم بعاهات أو زرع بذرة الكراهية والغضب في قلوبهم وتنفيرهم من بيئتهم الآمنة، عليهم أولاً أن يربوا أنفسهم على أساليب التربية الصحيحة، وأن يدركوا أنهم سيحصدون ما يزرعون مستقبلاً، فالله يمهل ولا يهمل، لكن الحصاد سيكون أليماً وكاسراً لأي ولي أمر، حينما يرد ابنه دين الزمن بالعقوق، بسبب أنه قاسى منه صغيراً.
فلنربهم بمحبة وأخلاق راقية، حتى إن كبروا تمثلوا بكلام الله الذي نقله عنه رسولنا: «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً».
{{ article.visit_count }}
الكارثة بأن هذه الجروح أصابته لا جراء عراك أو مشاجرة، بل أصابته جراء ضرب والده له!
مصيبة كثير من أولياء الأمور أنهم يستسهلون عملية ضرب الأبناء، بعضهم يظن بأن هذه هي أصول التربية، وأنك لا بد وأن تضرب أبناءك حتى تربيهم، وينسى بأن هذا الأسلوب هو أخطر الأساليب المحظورة، ونتائجها خطيرة ووخيمة.
قيل لنا بأن التربية تهذيب للأخلاق والنفس، وهي «تحبيب» وليست «ترهيباً»، أن تجعل أبناءك يطيعونك، هذا الأمر لا يأتي بالضرب أبداً، فالعقاب الجسدي يزرع الخوف أولاً، فهل هي مفخرة لأي ولي أمر بأن أبناءه يخافونه، ليس مهابة ولا احتراماً بل خوفاً من عقابه وضربه وعصاه؟!
جميل أن يحترمك أبناؤك ويهابوك من منطلق حب، بدل أن تحول الحب الفطري الذي يولدون به إلى كراهية وغل يكبران مع مرور الزمن.
اليوم هذا الطفل الصغير لا يقدر على حماية نفسه، لا يقوى على رد الأذى عنه، لكن الحال هذا يتغير مستقبلاً حينما يشب ويكبر. فهل يريد أي ولي أمر أن يقف له ولده يوماً، حينما يشب ويقوى عوده، بينما هو يشيخ ويتقدم به العمر، ليتعارك معه بالأيدي أو ليسيء معاملته، بدل أن يبره ويقوم به؟!
لا أنسج سيناريوهات من مخيلتي، لكن واقعنا اليوم يعج بعشرات القصص المؤلمة عن أبناء عاقين لآبائهم، لا رغبة منهم في العقوق، بل لأن التربية لم تكن صحيحة، ولأن قلوبهم ملأى بالخوف والقهر الذي يولد رغبة الانتقام، وللأسف الانتقام من والده الذي ضربه وعامله بقسوة.
بالتالي أقول هذا الأمر ثانياً، حينما تزرع في نفوس الأبناء هذه المشاعر، ويرى في بيته بيئة طاردة لأنه يتعرض للأذى فيها، تظنون أين سيجد أمانه؟! في الخارج طبعاً، وحينها يكون عرضة لكثير من الأمور، على رأسها رفاق السوء. وكم من ابن ضاع وسار في دروب الخطأ، فقط لأنه لم يجد البيت مستقراً آمناً له.
التربية فن، وقد لا يعي كثيرون هذا الأمر إلا حينما يجربون الأبوة، أو حين يرون صوراً يقشعر منها البدن تحكي معاناة أبناء ومآسي تعرضوا لها، وضراً مسهم ممن يفترض أن يحموهم ويربوهم التربية الصالحة.
كم من أسرة مازالت تمني نفسها بطفل يجلب لهم السعادة، والله لم يكتب لهم هذه النعمة، نعم الأبناء نعمة، فهل تعامل النعمة بهذه القسوة؟! هل يطاوعك قلبك أن تضرب ولدك وتؤذيه وهو فلذة كبدك الذي يفترض أن تحارب العالم لأجل حمايته إن تعرض للاستهداف.
التربية ليست بهذه الأساليب، نحن أهل إسلام وسلام، نرى أساليب التربية الراقية في الغرب ونحاول أن نتعلم منها، بينما ديننا هو الذي يتضمن تعاليم التنشئة الصحيحة والتربية الراقية.
قبل أن يظن البعض أن التربية تتلخص في ضرب الأبناء وإصابتهم بعاهات أو زرع بذرة الكراهية والغضب في قلوبهم وتنفيرهم من بيئتهم الآمنة، عليهم أولاً أن يربوا أنفسهم على أساليب التربية الصحيحة، وأن يدركوا أنهم سيحصدون ما يزرعون مستقبلاً، فالله يمهل ولا يهمل، لكن الحصاد سيكون أليماً وكاسراً لأي ولي أمر، حينما يرد ابنه دين الزمن بالعقوق، بسبب أنه قاسى منه صغيراً.
فلنربهم بمحبة وأخلاق راقية، حتى إن كبروا تمثلوا بكلام الله الذي نقله عنه رسولنا: «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً».