بين الفينة والأخرى يتردد مصطلح الشرق الأوسط الجديد، وهو مصطلح مرتبط بالفوضى «الخلاقة» التي تعد مقدمة له أو بالأحرى صانعة له، كما ترتبط به ما تعرف بثورات الربيع العربي، فهل سيختلف الشرق الأوسط الجديد عن الحالي وما هي أبرز ملامحه؟
يعد أكبر تحول استراتيجي مر به العالم، ذلك التحول الذي أنتج الشرق الأوسط الحالي، قبل مائة سنة وجاء نتيجة للحرب العالمية الأولى وسياسات الدول الأوروبية المنتصرة، وكانت سياستهم قائمة على إنشاء دول صغيرة مستقرة داخلياً مهما كانت هذه الدول متنوعة الأعراق والأديان والطوائف، المهم أن تكون شعوبها متعايشة وأنظمتها السياسية على توافق مع الدول الغربية ولا تتقاطع مع مصالحها ولا تمنع عنها ما تريد أخذه أو تحقيقه في المنطقة، هذه السياسة التي اعتمدتها الدول الأوروبية في تشكيل الشرق الأوسط، سياسة نابعة من تجربة أوروبية قديمة، وهي تجربة الصراعات القومية قبل الثورة الصناعية الكبرى، صراعات انتهت بتكوين الدول الأوروبية المعاصرة، على الرغم من تنوع تركيبة هذه الدول عرقياً ودينياً وفكرياً والذي مازال قائماً حتى اللحظة، لكن النظام المجتمعي فيها قائم على الحرية الفردية والفكرية، وعلى هذا الأساس تشكلت دول الشرق الأوسط فمثلاً، بعض الدول العربية شكلت على أساس العروبة التي دمجت تحتها الإثنيات في كيان مركزي واحد.
أما الشرق الأوسط الجديد فهو مشروع أمريكي وليس أوروبياً كما هو الشرق الأوسط الحالي، والأساس الذي تقوم عليه فكرة الشرق الأوسط الجديد يستند إلى استراتيجية السياسة الأمريكية الخارجية النابعة من أصل التفرقة العنصرية لثقافة راعي البقر الأمريكي التي أشبعت بحروب الإبادة التي طالت الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين وبعدها حروب استعباد الأفارقة وثورات التحرر داخل أمريكا، وما يجري الآن هو أن أمريكا تريد إنهاء الصيغة الإنجليزية والفرنسية للشرق الأوسط عن طريق تحلل دول الشرق الأوسط إلى دويلات على أساس ديني وطائفي وعرقي واحد لكل دويلة، وهذا لن يكون إلا بإشاعة الفوضى وجعل التعايش أمراً مستحيلاً ليتحول تحلل دول الشرق إلى دويلات صغيرة من أمر مرفوض من قبل شعوب هذه الدول إلى مطلب جماهيري عاجل.
وعليه فإن ما يجري من عمليات تغيير ديمغرافي في دول الفوضى ما هي إلا مسألة صراع وسباق مع الزمن من قبل جماعات منظمة معلوم لديها ملامح الشرق الجديد لتضم المناطق المتعرضة إلى تغيير ديمغرافي إلى دولة ينتظر تشكيلها.
الشرق الأوسط الجديد سيكون مجموعة دويلات ليست ذات تركيبة متنوعة، وإذا كان الشرق الأوسط الذي تشكل قبل مائة سنة من أهم ملامحه الاستقرار الداخلي والتنوع، فمن غير المعلوم إذا ما كان الاستقرار الداخلي سيكون من ملامح الشرق الأوسط الجديد.
{{ article.visit_count }}
يعد أكبر تحول استراتيجي مر به العالم، ذلك التحول الذي أنتج الشرق الأوسط الحالي، قبل مائة سنة وجاء نتيجة للحرب العالمية الأولى وسياسات الدول الأوروبية المنتصرة، وكانت سياستهم قائمة على إنشاء دول صغيرة مستقرة داخلياً مهما كانت هذه الدول متنوعة الأعراق والأديان والطوائف، المهم أن تكون شعوبها متعايشة وأنظمتها السياسية على توافق مع الدول الغربية ولا تتقاطع مع مصالحها ولا تمنع عنها ما تريد أخذه أو تحقيقه في المنطقة، هذه السياسة التي اعتمدتها الدول الأوروبية في تشكيل الشرق الأوسط، سياسة نابعة من تجربة أوروبية قديمة، وهي تجربة الصراعات القومية قبل الثورة الصناعية الكبرى، صراعات انتهت بتكوين الدول الأوروبية المعاصرة، على الرغم من تنوع تركيبة هذه الدول عرقياً ودينياً وفكرياً والذي مازال قائماً حتى اللحظة، لكن النظام المجتمعي فيها قائم على الحرية الفردية والفكرية، وعلى هذا الأساس تشكلت دول الشرق الأوسط فمثلاً، بعض الدول العربية شكلت على أساس العروبة التي دمجت تحتها الإثنيات في كيان مركزي واحد.
أما الشرق الأوسط الجديد فهو مشروع أمريكي وليس أوروبياً كما هو الشرق الأوسط الحالي، والأساس الذي تقوم عليه فكرة الشرق الأوسط الجديد يستند إلى استراتيجية السياسة الأمريكية الخارجية النابعة من أصل التفرقة العنصرية لثقافة راعي البقر الأمريكي التي أشبعت بحروب الإبادة التي طالت الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين وبعدها حروب استعباد الأفارقة وثورات التحرر داخل أمريكا، وما يجري الآن هو أن أمريكا تريد إنهاء الصيغة الإنجليزية والفرنسية للشرق الأوسط عن طريق تحلل دول الشرق الأوسط إلى دويلات على أساس ديني وطائفي وعرقي واحد لكل دويلة، وهذا لن يكون إلا بإشاعة الفوضى وجعل التعايش أمراً مستحيلاً ليتحول تحلل دول الشرق إلى دويلات صغيرة من أمر مرفوض من قبل شعوب هذه الدول إلى مطلب جماهيري عاجل.
وعليه فإن ما يجري من عمليات تغيير ديمغرافي في دول الفوضى ما هي إلا مسألة صراع وسباق مع الزمن من قبل جماعات منظمة معلوم لديها ملامح الشرق الجديد لتضم المناطق المتعرضة إلى تغيير ديمغرافي إلى دولة ينتظر تشكيلها.
الشرق الأوسط الجديد سيكون مجموعة دويلات ليست ذات تركيبة متنوعة، وإذا كان الشرق الأوسط الذي تشكل قبل مائة سنة من أهم ملامحه الاستقرار الداخلي والتنوع، فمن غير المعلوم إذا ما كان الاستقرار الداخلي سيكون من ملامح الشرق الأوسط الجديد.