قبل قرابة شهر جمعني اجتماع عمل مع الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية الأخ خالد الرميحي، ويومها أخبرني بأن هناك خبراً يحمل أخباراً طيبة للبحرين قريباً، ومن شأنه دعم الجهود المبذولة لتقوية عجلة الاقتصاد الوطني.

وبالأمس تم الكشف عن ذلك، حيث قررت شركة «أمازون» الشهيرة اتخاذ البحرين مقراً إقليمياً لإدارة أعمالها المعنية بخدمات الإنترنت في الشرق الأوسط.

«أمازون» عملاق التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، بدأ كفكرة قام بها بمخاطرة «جيف بيزوس» عام 1994 بعدما استقال من عمله كنائب لرئيس شركة «دي آي شو آند كومباني»، ونجح في تحويل موقعه إلى أكبر متاجر التجزئة على الإنترنت، ووصل به إلى الترتيب الثامن عالمياً بحسب تصنيف «ألكسا» المتخصص في إحصائيات وترتيب مواقع الإنترنت. الشركة تضم 341 ألف موظف، وبلغت عائداتها في عام 2016 فقط 136 مليار دولار أمريكي.

استقطاب شركة بهذا الحجم لتكون البحرين مقراً لها، إنجاز يحسب لمجلس التنمية الاقتصادية والجهود المبذولة فيه، ويأتي تتويجاً للرؤية الاقتصادية و«عرابها» صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله.

بل يسبق ذلك، تأكيدات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد حفظه الله على كون البحرين مركزاً لاستقطاب الاستثمارات الجدية والهامة، خاصة بما توفره من بنية تحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، مشدداً جلالته على الثروة البشرية التي تمتلكها مملكتنا من خلال الكفاءات البشرية المدربة والمؤهلة.

هذه الاستثمارات تفتح أبواباً واسعة لدعم الاقتصاد الوطني، ولتدريب وتوظيف الطاقات الوطنية، وهي تأتي نتاج جهود كبيرة تبذل في زمن عصيب جداً اقتصادياً، وتحسب لمجلس التنمية الاقتصادية.

خالد الرميحي من الشباب البحرينيين الذين نفخر بهم، هو نموذج للطاقات المؤهلة والشابة الطموحة، الساعية للجد والاجتهاد خدمة للبحرين، وهو خيار ذكي وصحيح لصاحب السمو الملكي سمو ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.

هذا الموضوع بحد ذاته، أرى فيه عدة نقاط إيجابية هامة ينبغي التوقف عندها.

أولاً، ما يتعلق بالسعي القوي لإعادة البحرين لموقعها الاستثماري الاقتصادي الذي تميزت به سابقاً، إذ برغم ما أصاب بلادنا من تداعيات لعمليات زعزعة لاستقرارها وإشاعة أجواء الفوضى والإرهاب، إضافة إلى تأثيرات الأزمة الاقتصادية، وموجات الغلاء وترنح أسعار النفط، ها هي البحرين تعود وتقاتل وتواجه التحديات، بالتالي حين نرى إنجازاً بهذا الحجم، لا بد وأن نشيد وأن نشدد في جانب آخر على أن هذا المطلوب تعزيزه لمواجهة تحديات المستقبل.

ثانياً، ما تعكسه عملية «تموقع» شركات عالمية عملاقة ذات سمعة رهيبة في بلادنا، إذ هو بحد ذاته مؤشر إيجابي على البيئة الاستثمارية والاقتصادية التي تتمتع بها البحرين، ودلالة في جانب آخر على الاستقرار والأمن و«البيئة الصديقة» التي كانت دائماً شعاراً نرفعه باسم البحرين يعكس انفتاحها على الاقتصاديات العالمية وبيئتها الخصبة للتطوير والاستثمار.

ثالثاً، ما تكشفه المسألة من «نجاح الرهان» على الشباب البحريني المؤهل، والذي إن وضع في مكانه المناسب فإنه يعطي ويطور ويبني ويكون على قدر المسؤولية وأهلاً للثقة، وهذا هو النمط الذي يفترض أن يسود في دولة شابة في رؤيتها وطموحاتها، يتوجب عليها الاستثمار في كفاءاتها من الشباب، لأنهم عماد المستقبل بلا ريب.