الملتقى الحكومي، فكرة رائدة عمل على تحقيقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وبرعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، حفظهما الله، بهدف جمع مسؤولي الحكومة باختلاف مستوياتهم تحت سقف واحد، للحديث بصراحة وشفافية حول ما تحقق من عمل طوال فترة زمنية محددة، ورسم ما يجب العمل عليه مستقبلاً.

لذلك كان الاستماع لحديث الأمير سلمان مهماً بالأمس، مثلما كان الاستماع لحديثه في الملتقى الأول العام الماضي الذي حدد فيه مسارات العمل، والأهداف المرجوة، والدور الذي يجب أن يقوم به مسؤولو الحكومة كل في قطاعه لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي حددتها ملامح الرؤية الاقتصادية 2030، والتي تدعم مبادئ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله.

الواقعية -كما هي العادة- كانت سائدة في كلام الأمير سلمان، فالعمل على تنفيذ أهداف برنامج عمل الحكومة هو الإطار المحدد لعمل مسؤولي الحكومة، لكنه شدد على أن التنسيق والتكامل بين كافة الجهود، هو السبيل لتحقيق ذلك، والأهم لتحقيق ما فيه «صالح الوطن والمواطنين».

الهدف الأسمى كما بينه سمو الأمير هو تحقيق «الصالح» للوطن وأهله، بالتالي الملتقى يتمثل بـ«جردة حساب» للحكومة وعملها، ماذا حققنا من أهداف وإنجازات طوال الفترة الماضية، وما هي التحديات القادمة التي يجب أن نعمل للتغلب عليها.

الاستدامة والتنافسية والعدالة بهدف الوصول للأهداف المنشودة، هي مبادئ رؤية البحرين، والتي ذكرها بها سمو الأمير سلمان، وأنه لا بد من التمسك بها لأجل ضبط العمل، وكذلك لاستشراف المستقبل، وهي العملية التي تحقق الاستدامة، والتي ترجمها سموه بالإشارة لعقد ورش واجتماعات عمل لتحديد أولويات برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي القادم.

الكثير تحقق، وربما كثيرون لا يدركون كافة التفاصيل لأنها متشعبة وتنتشر على مستوى كافة القطاعات، لكن الأمير سلمان قدم ملخصات هامة في كلامه، التمعن فيها يكشف حجم الجهود التي تبذل.

يحسب للأمير سلمان جهوده الكبيرة، ومتابعته اللصيقة للملف الإسكاني، هذا الملف الذي تحرك بقوة، بنفس سرعة ووتيرة عمل ورغبة الإنجاز التي يحرص عليها سموه، والسنوات الثلاث الماضية حملت الكثير من السعادة لعديد من الأسر البحرينية التي حققت حلم المسكن، وبشر الأمير بالأمس بالمزيد من الوحدات المخصصة والعمل المتقن السريع لاستيفائها.

هو يدرك بأن القادم أصعب، لكنه قالها بصراحة، والرسالة موجهة بشكل مباشر لمسؤولي الدولة «التحدي سيكون مستمراً ومتجدداً»، وطبعاً على كافة الأصعدة.

الوضع الاقتصادي في البحرين يتحرك بإيجابية، وهذه مسألة تحسب للجهود المبذولة، فالناتج المحلي زادت نسبته، كذلك النمو في القطاع غير النفطي، تضاف إليه الزيادة في صناعة السياحة والمعارض، كما نجد الأرقام المبشرة في جانب استقطاب الاستثمارات الخارجية عبر الجهود التي يبذلها مجلس التنمية الاقتصادية، وكيف أنها ارتفعت بنسبة 158٪ بين عامي 2016 و2017. الوصول لنقطة التوازن بين الإيرادات والمصروفات الحكومية هو تحدٍّ من نوع آخر، لصعوبته، ولأنه يعتمد على ضبط المصروفات والتصدي للهدر المالي، وهو الأمر الذي تم التعامل معه عبر حزمة أولى من المبادرات، الأمر الذي يدفعنا لطلب المزيد من عمليات تشديد الرقابة على المصروفات، والتصدي للهدر المالي، وضبط أداء المسؤولين، ومحاسبة المتجاوزين منهم. وحينما تتحدث عن المسؤولين، فإنك تتحدث هنا عن الاستدامة وعن تجديد الدماء، وهي مسألة أيضاً تطرق لها سمو الأمير، عبر بيانه ضرورة الاستثمار في المواطن من خلال التدريب والتطوير وخلق فرص العمل، ولأن سلاح التطوير يتمثل بالتعليم وجودته، نجد كلام سموه الواضح عن هيئة ضمان جودة التعليم، وعن التقارير التي تشكل أرضية خصبة للحكومة للتصحيح في هذا الملف وتطويره، والذي شمل حتى دعم المدارس الخاصة المتميزة، وضبط ومحاسبة المدارس التي لا تقدم المستوى المأمول.

كلمة شاملة مفعمة بالحماس والإصرار والتحدي الذي عرفنا عليه الأمير سلمان حفظه الله، تمثل لنا جيل الشباب «بارقة» أمل دائمة فيما يتعلق بالتصحيح والتطوير، ولكن يبقى الحديث أخيراً عن تلك اللفتة الوطنية الرائعة والراقية التي جسدها سموه حينما قدم درساً في «الوفاء» لجهود وتضحيات رجال البحرين البواسل، من قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية، لسهرهم على حماية الوطن ومكتسباته، وترحمه على أرواح الشهداء الأبطال الذين لن تنساهم البحرين.

شكراً لسلمان بن حمد على كلامه الجامع الشامل، كلام يشعل فيك «جذوة الحماس» للعمل لأجل البحرين الغالية.