وأنا في موقع الحدث لتفجير جدحفص الإرهابي مساء الجمعة، وبينما كنت أراقب توافد سيارات الإسعاف والنجدة من خلف مسارات طويلة مكتظة بالسيارات، لم يكن يضاهي صوت صافرات سيارات الإسعاف والنجدة إلا نغمة رنة هاتفي باتصالات ورسائل من أحبة وزملاء خليجيون. وبين تهافت الأسئلة «عسى ما شر؟» و«ماذا يحدث لأهلنا البحرين؟»، وبين الدعم المعنوي الذي لم تقل عنه «الفزعة العربية الأصيلة» إذا ما «حجت حجايجها»، وجدتني أتلقى رسائل المواساة «خطاكم السو» و«نحن فداكم» تضمد جراحنا بكلماتهم الحانية. ورغم غبطتي بسرعة التعاضد الاجتماعي والفزعة الخليجية وتطييب الخاطر، إلاَّ أني لم أستغرب أبداً مما حدث، فهذه عوايدنا «نحن أبناء الخليج»، مهما اختلفنا، ومهما تنازعنا فيما بيننا بقضايا السياسة والفكر، يجمعنا طيب الأصل والشعور بالانتماء للعائلة الخليجية الواحدة.
لن أدّعي بالمقدمة السابقة أن هاتفي وحده ترجمان التعاضد الخليجي المشترك، ولن أحتفي بمعارفي الخليجيين في تخصيص لهم دون غيرهم – رغم أنهم «كفوا ووفوا» و«فزعتهم على راسي» – فالموقف الخليجي العام من تفجير جدحفص الإرهابي، ترجمه اهتمام وتعاطف أشقاؤنا من العواصم الخليجية الخمس وبواديها عبر وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، تنوع بين رسائل عامة وأخرى خاصة لكل من يعرفون من أهل البحرين، ولعلي أكاد أجزم أن جميعكم – يا أهل البحرين – قد تلقيتم رسالة أو أخرى من خليجي هنا أو هناك يطمئن على الحال.
في مشهد كاد أن يزهق قلبي خوفاً وفزعاً على أمن البحرين ورجالاتها الأبطال، لولا رحمة الله ثم إدارة الأزمة من قبل قوات وزارة الداخلية بحكمة واقتدار، وفي ظل محدودية المعلومات حول طبيعة الحدث وتفصيلاته في وقتها، لم يكن أمامي سوى أن أطلق العنان للخيال ليقيم الموقف ويقدر حجم الأمر، ولكن ما لم يكن بالحسبان أن يتحول الخيال في تلك اللحظة إلى برنامج لإخراج الصور وتصميمها، ليجاري المعطيات المتوافدة إلى عقلي اللاواعي، فينقل صورة الحدث والحافلة إلى كافة العواصم الخليجية بتغيير خلفيتها فقط، وكأن مصاب تلك الحافلة في شارع العليا بالرياض أو شارع فهد السالم بالكويت وغيرها، حفظ الله كافة عواصمنا. هكذا غمرني الخليجيون حينها بالمحبة والتعاضد، اللذين أشعراني أن الجرح واحد، والمصيبة مصيبة الخليج جميعاً وليست حكراً على البحرين وحدها. ويحضرني هنا قول شاعر «ترى الشدايد وعسر الأيام والضيق.. تظهر حقايق صاحبك لا جهلته.. أما ارتكا مثل الجبال الشواهيق.. ولا صغر في ناظرك واحتقرته»، وقد علا الخليجيون بتطويقهم لنا فوق هامات السحاب، لا فرقنا الله ما حيينا.
* اختلاج النبض:
بينما كنا نتطلع لاتحاد خليجي بمنظومة رسمية تجمعنا، وجدنا أن بالاتحاد أو دونه، هناك ما يجمعنا كشعوب وقيادات أكثر مما يفرقنا بكثير. لطالما كانت المواقف حكماً على الأفراد وإخلاصهم، ولن نجد أكثر إخلاصاً من أشقائنا في الخليج في كل ما شهدته البحرين من أزمات، منذ بدء تفجر مظاهر الإرهاب فيها قبل سنوات. أما الخلافات، فكلها يمكن تجاوزها وإصلاحها.. ما لم تفسد القلوب وتتبرأ من أحبتها.
لن أدّعي بالمقدمة السابقة أن هاتفي وحده ترجمان التعاضد الخليجي المشترك، ولن أحتفي بمعارفي الخليجيين في تخصيص لهم دون غيرهم – رغم أنهم «كفوا ووفوا» و«فزعتهم على راسي» – فالموقف الخليجي العام من تفجير جدحفص الإرهابي، ترجمه اهتمام وتعاطف أشقاؤنا من العواصم الخليجية الخمس وبواديها عبر وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، تنوع بين رسائل عامة وأخرى خاصة لكل من يعرفون من أهل البحرين، ولعلي أكاد أجزم أن جميعكم – يا أهل البحرين – قد تلقيتم رسالة أو أخرى من خليجي هنا أو هناك يطمئن على الحال.
في مشهد كاد أن يزهق قلبي خوفاً وفزعاً على أمن البحرين ورجالاتها الأبطال، لولا رحمة الله ثم إدارة الأزمة من قبل قوات وزارة الداخلية بحكمة واقتدار، وفي ظل محدودية المعلومات حول طبيعة الحدث وتفصيلاته في وقتها، لم يكن أمامي سوى أن أطلق العنان للخيال ليقيم الموقف ويقدر حجم الأمر، ولكن ما لم يكن بالحسبان أن يتحول الخيال في تلك اللحظة إلى برنامج لإخراج الصور وتصميمها، ليجاري المعطيات المتوافدة إلى عقلي اللاواعي، فينقل صورة الحدث والحافلة إلى كافة العواصم الخليجية بتغيير خلفيتها فقط، وكأن مصاب تلك الحافلة في شارع العليا بالرياض أو شارع فهد السالم بالكويت وغيرها، حفظ الله كافة عواصمنا. هكذا غمرني الخليجيون حينها بالمحبة والتعاضد، اللذين أشعراني أن الجرح واحد، والمصيبة مصيبة الخليج جميعاً وليست حكراً على البحرين وحدها. ويحضرني هنا قول شاعر «ترى الشدايد وعسر الأيام والضيق.. تظهر حقايق صاحبك لا جهلته.. أما ارتكا مثل الجبال الشواهيق.. ولا صغر في ناظرك واحتقرته»، وقد علا الخليجيون بتطويقهم لنا فوق هامات السحاب، لا فرقنا الله ما حيينا.
* اختلاج النبض:
بينما كنا نتطلع لاتحاد خليجي بمنظومة رسمية تجمعنا، وجدنا أن بالاتحاد أو دونه، هناك ما يجمعنا كشعوب وقيادات أكثر مما يفرقنا بكثير. لطالما كانت المواقف حكماً على الأفراد وإخلاصهم، ولن نجد أكثر إخلاصاً من أشقائنا في الخليج في كل ما شهدته البحرين من أزمات، منذ بدء تفجر مظاهر الإرهاب فيها قبل سنوات. أما الخلافات، فكلها يمكن تجاوزها وإصلاحها.. ما لم تفسد القلوب وتتبرأ من أحبتها.