ما زال عالقاً في ذاكرتي رواسب مقابلة القبول التي خضعت لها في جامعة الخليج العربي لدى التحاقي بقسم إدارة الابتكار، عندما سألني أحد الأساتذة عن الأسباب والدوافع التي جعلتني أتجه لدراسة «إدارة الابتكار» على الرغم من أنني أحمل مؤهلاً عالياً في تخصص الاعلام؟ أذكر أنني قلت له إن التطورات الطارئة على المجتمع الخليجي وعلى المجتمع البحريني متمثلة في خطة 2030 تتطلب منا دراسة علوم حديثة تتناسب مع توجهات الرؤية الجديدة القائمة على 3 مبادئ رئيسة هي الاستدامة والتنافسية والعدالة من أجل خلق مجتمع أفضل.
وخلال مقرر الابتكار المجتمعي الذي أشرف على تقديمه البروفيسور د. عودة الجيوسي تأكدت بأن إجاباتي في امتحان القبول لم تكن إجابة «تنظيرية» بل انني كنت أعني كل حرف منها، خلال هذا المقرر المفيد تبدلت لدي قناعات اتجاه العديد من المشاريع التي يمكن الاستفادة منها بطرق «مبتكرة» لخدمة المجتمع، ومنها مشروع «الوقف الخيري» مثلاً، حيث أكدت الدراسات التاريخية أن «الوقف الخيري» كان من أحد أهم المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإسلامي عبر مختلف مراحل التاريخ. فقد كان الوقف بمثابة الطاقة التي دفعت بالمجتمع الإسلامي نحو النماء والتطور، حيث توسعت «الأوقاف الخيرية» حتى شملت الكثير من الأعمال التي تساعد على بنيان المجتمع وتكافله وتقديم ما يحتاج إليه المجتمع من خدمات عامة، كبناء الحصون والقلاع وتسليح الجيوش، وبناء الجامعات والمكتبات، فمن يصدق أن جامعة القاهرة كانت «وقفاً خيرياً» وأن المستشفى المنصوري الذي أنشئ سنة 682 هـ لعلاج الجميع وكان يتوافد إليه المرضى من الدول لتلقي العلاج كان «وقفاً خيرياً» حيث وصفه «ابن بطوطة»، «كان مقسماً إلى أربعة أقسام: للحميات، والرمد، والجراحة والنساء وخصص لكل مريض فرش كامل، وعين له الأطباء والصيادلة والخدم، كما زود بمطبخ كبير، وكان المريض إذا ما برئ وخرج تلقى منحة وكسوة».
وما يجعلني أتحدث اليوم عن الابتكار في إدارة الأوقاف، هو أن الوقف يأتي منسجماً مع أهداف استراتيجية 2030، حيث إن من أهداف الوقف الخيري تحقيق العدالة، فالوقف يستطيع أن يستفيد منه الجميع دونما استثناء وهذه هي «قمة العدالة» فلا استثناء في خدمات الأوقاف إلا ما يضعها القائم على الوقف، كما أنه يحقق الاستدامة، حيث إن استثمار أرباح الوقف يضمن استدامة هذا الوقف ويضمن تطويره، ولكننا لو تحدثنا عن واقع الأوقاف الخيرية في مملكة البحرين، سنجد انعدام وجود خطة استراتيجية مبتكرة لطريقة إدارة الأوقاف الخيرية في المملكة، ناهيك عن حصر الأوقاف في مملكة البحرين بأشكال معينة مثل بناء المساجد وبعض المشاريع التي يمكن تطويرها لتعم الفائد على المجتمع وتتناسب مع الواقع الحالي الذي نعيشه.
فكم هو رائع لو فكرنا بطرق ابتكارية للاستفادة من الأوقاف في مملكة البحرين والخليج وسائر الدول الإسلامية، ودعوة التجار من المسلمين لتبني فكرة «الوقف الخيري» من أجل خدمة مجتمعاتنا.
إن من المؤسف أن تتراجع دور الأوقاف الخيرية في حياة المسلمين، بينما استخدمتها المجتمعات الغربية لتطوير مجتمعاتهم عبر أنظمة تشبه «الوقف الخيري» لكن بمسميات مختلفة ولأسباب مختلفة جداً، حيث إن الأنظمة والقوانين المالية التي صدرت في الدول الغربية كانت مشجعة على الوقف والتبرع لأعمال الخير وذلك بالإعفاء من الضرائب وتسهيل الإجراءات الخاصة بتسجيل الجمعيات الخيرية وإعطائها الأولويات في تقديم الخدمات وغير ذلك.
فما أحوجنا في مسيرة النهضة الاقتصادية التي ننشدها أن نعيد إحياء «الوقف الخيري» بطرق ابتكارية لدعم مجتمعاتنا وتطويرها، وأن نتكاتف ونستفيد من خبرات الدارسين للابتكار المجتمعي في هذا الشأن وغيرها من الشؤون التي تتناسب مع جوهر استراتيجة 2030 في البحرين وفي خليجنا الغالي.
ولو قدمت مثلاً حياً يشرح ما أعنيه في كلامي السابق فسنجد أنه إذا قام أحد التجار مثلاً ببناء مستشفى للأورام السرطانية مثلاً، وأوقفه لخدمة المرضى، فإن جميع المحتاجين للعلاج سيستطيعون الاستفادة من هذا المستشفى مما سيحقق مبدأ العدالة «لأن كل محتاج للعلاج سيستطيع الحصول على العلاج»، بعكس نظام التأمين الطبي الذي قد يخدم فئة ويتجاهل من لا يملك تأميناً صحياً، أما الاستدامة فهي تأتي عن طريق الاستثمارات المصاحبة لهذا المستشفى مثل إيجارات بعض المحلات في المستشفى، وهذا اختراع طبي قد يعود بأرباح للمستشفى.
{{ article.visit_count }}
وخلال مقرر الابتكار المجتمعي الذي أشرف على تقديمه البروفيسور د. عودة الجيوسي تأكدت بأن إجاباتي في امتحان القبول لم تكن إجابة «تنظيرية» بل انني كنت أعني كل حرف منها، خلال هذا المقرر المفيد تبدلت لدي قناعات اتجاه العديد من المشاريع التي يمكن الاستفادة منها بطرق «مبتكرة» لخدمة المجتمع، ومنها مشروع «الوقف الخيري» مثلاً، حيث أكدت الدراسات التاريخية أن «الوقف الخيري» كان من أحد أهم المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإسلامي عبر مختلف مراحل التاريخ. فقد كان الوقف بمثابة الطاقة التي دفعت بالمجتمع الإسلامي نحو النماء والتطور، حيث توسعت «الأوقاف الخيرية» حتى شملت الكثير من الأعمال التي تساعد على بنيان المجتمع وتكافله وتقديم ما يحتاج إليه المجتمع من خدمات عامة، كبناء الحصون والقلاع وتسليح الجيوش، وبناء الجامعات والمكتبات، فمن يصدق أن جامعة القاهرة كانت «وقفاً خيرياً» وأن المستشفى المنصوري الذي أنشئ سنة 682 هـ لعلاج الجميع وكان يتوافد إليه المرضى من الدول لتلقي العلاج كان «وقفاً خيرياً» حيث وصفه «ابن بطوطة»، «كان مقسماً إلى أربعة أقسام: للحميات، والرمد، والجراحة والنساء وخصص لكل مريض فرش كامل، وعين له الأطباء والصيادلة والخدم، كما زود بمطبخ كبير، وكان المريض إذا ما برئ وخرج تلقى منحة وكسوة».
وما يجعلني أتحدث اليوم عن الابتكار في إدارة الأوقاف، هو أن الوقف يأتي منسجماً مع أهداف استراتيجية 2030، حيث إن من أهداف الوقف الخيري تحقيق العدالة، فالوقف يستطيع أن يستفيد منه الجميع دونما استثناء وهذه هي «قمة العدالة» فلا استثناء في خدمات الأوقاف إلا ما يضعها القائم على الوقف، كما أنه يحقق الاستدامة، حيث إن استثمار أرباح الوقف يضمن استدامة هذا الوقف ويضمن تطويره، ولكننا لو تحدثنا عن واقع الأوقاف الخيرية في مملكة البحرين، سنجد انعدام وجود خطة استراتيجية مبتكرة لطريقة إدارة الأوقاف الخيرية في المملكة، ناهيك عن حصر الأوقاف في مملكة البحرين بأشكال معينة مثل بناء المساجد وبعض المشاريع التي يمكن تطويرها لتعم الفائد على المجتمع وتتناسب مع الواقع الحالي الذي نعيشه.
فكم هو رائع لو فكرنا بطرق ابتكارية للاستفادة من الأوقاف في مملكة البحرين والخليج وسائر الدول الإسلامية، ودعوة التجار من المسلمين لتبني فكرة «الوقف الخيري» من أجل خدمة مجتمعاتنا.
إن من المؤسف أن تتراجع دور الأوقاف الخيرية في حياة المسلمين، بينما استخدمتها المجتمعات الغربية لتطوير مجتمعاتهم عبر أنظمة تشبه «الوقف الخيري» لكن بمسميات مختلفة ولأسباب مختلفة جداً، حيث إن الأنظمة والقوانين المالية التي صدرت في الدول الغربية كانت مشجعة على الوقف والتبرع لأعمال الخير وذلك بالإعفاء من الضرائب وتسهيل الإجراءات الخاصة بتسجيل الجمعيات الخيرية وإعطائها الأولويات في تقديم الخدمات وغير ذلك.
فما أحوجنا في مسيرة النهضة الاقتصادية التي ننشدها أن نعيد إحياء «الوقف الخيري» بطرق ابتكارية لدعم مجتمعاتنا وتطويرها، وأن نتكاتف ونستفيد من خبرات الدارسين للابتكار المجتمعي في هذا الشأن وغيرها من الشؤون التي تتناسب مع جوهر استراتيجة 2030 في البحرين وفي خليجنا الغالي.
ولو قدمت مثلاً حياً يشرح ما أعنيه في كلامي السابق فسنجد أنه إذا قام أحد التجار مثلاً ببناء مستشفى للأورام السرطانية مثلاً، وأوقفه لخدمة المرضى، فإن جميع المحتاجين للعلاج سيستطيعون الاستفادة من هذا المستشفى مما سيحقق مبدأ العدالة «لأن كل محتاج للعلاج سيستطيع الحصول على العلاج»، بعكس نظام التأمين الطبي الذي قد يخدم فئة ويتجاهل من لا يملك تأميناً صحياً، أما الاستدامة فهي تأتي عن طريق الاستثمارات المصاحبة لهذا المستشفى مثل إيجارات بعض المحلات في المستشفى، وهذا اختراع طبي قد يعود بأرباح للمستشفى.