نحن أسرى تصوراتنا وخيالاتنا وما ورثناه من معتقدات وأفكار عن الكون والآخر وما هو خارج الفهم. وهذه التصورات التي لا يترتب عنها شيء ذو بال في مجريات حياتنا العملية كما يظن الكثيرون، هي، في حقيقة الأمر، مؤثرة في بنائنا الشخصي وتركيبتنا المزاجية والوجدانية، وأحياناً معالجتنا للقضايا العامة المؤثرة في مسيرة حياتنا.
من التصورات القديمة التي مازلنا نتوارثها، تترجم طبيعة شخصياتنا، هي استنساخنا للمشاعر والأفكار ذاتها تجاه بعض الطيور مثل «البومة والنسر» التي استقيناها من المثيولوجيات القديمة. فصورة البومة كما ترسمها بعض الأساطير والكتب القديمة وبعض الحكايات الشعبية في العالم، هي صورة طائر الخراب الذي يستفيق ليلاً ويقيم في المقابر ويهجم على صغار الطيور ويلتهم فراخها. وارتبطت حكايات البومة تاريخياً بالأرواح التائهة التي يمسخ أصحابها بوماً. أو الأرواح المنتقمة التي تحل في جسد البومة وتهيم حول غريمها وتسقط عليه اللعنات والعذاب. ويرى البعض في عيني البومة الواسعتين شؤماً يحدق بمن ترصده. وفي انكسار نظراتها شراً يدخره قلبها ولؤماً يسكن دماغها.
أما النسر فتصوره الكثير من الحكايات والمعتقدات بالملك الذي يسكن الأعالي، ويحكم السفوح ويرهب الرعية. فصار البشر بالتبعية الثقافية التاريخية يمجدون قوة إبصاره وفتك منقاره وتحليقه في كبد السماء ثم سرعة انقضاضه على الفريسة. لذلك جعلوا منه رمزاً للعروش وشارة للجيوش وعلامة تجارية لبعض شركات الأسلحة. وأيقونة للسلطة والسيطرة.
وليس في كل ما سبق من خيالات حول البومة والنسر أي دليل علمي أو أثر حقيقي. فقد خلق الله البومة بعينين ضعيفتين وحساستين للإضاءة ولا تستطيع العيش بهما إلا ليلاً. وهذا ما أورثها وهنا في جسدها الممتلئ يتعذر معه أن تخالط باقي الطيور أو أن تخوض معارك غذائها مع غير الطيور الضعيفة مثلها. والذين قرؤوا الشؤم واللؤم في وحدتها، لم يستشعروا إمارات الخجل في عينيها وإيماءة جسدها. ولم يتفهموا العذاب والمعاناة في ضعفها وخوفها الدائم وفقدانها للأمان وإيثارها العزلة والاختباء وسكنى الخرائب والأماكن المهجورة البعيدة عن الغرباء.
أما النسر فقد رصد علماء الطيور سلوكه واستنتجوا سمات الجبن والشعور بالخوف في شخصيته. فهو لا يأكل إلا من الجيف التي يخلفها السبع بعد معاركه مع الحيوانات الكبيرة. وهو يخشى خوض المواجهات المباشرة مع فرائسه وينقض عليها على حين غرة ومن موقع الغدر. وعلى الرغم من حدة بصره وقوة منقاره غير أن ساقيه ضعيفتين وعنقه مكشوف من الريش مما يسهل على خصمه صرعه في جولة قتال سريعة. لذلك يهرب إلى المرتفعات، ويحتمي بالقمم العالية.
تلك التصورات والمعتقدات التي بنيناها عن طائري البومة والنسر، وإن كانت لا تمس تفاصيل الحياة المباشرة لنا، إلا أنها تدل على استعانتنا في بعض فهمنا للحياة بالمخيلة أكثر من المعالجات العلمية المرتكزة على قوانين الطبيعة. ولو تأملنا في بعض الأمور الأكثر أهمية في تسيير حياتنا فقد نجد أننا أسسناها على الخيالات وعلى التصورات المتوارثة أكثر من بنائنا لها على الفهم والوعي والربط بالأسباب الحقيقية ونتائجها. وأننا في بعض الأحيان يتعذر علينا تعديل استخدام تلك التصورات لأنها صارت ثقافة عامة وقانوناً اجتماعياً ضابطاً وأحياناً سلطة متحكمة فينا.
وبعد هذا السرد العلمي لحقيقة البومة والنسر، هل يستطيع أحدنا في مجتمعنا ارتداء ملابس أو حلي مزينة بطائر البومة؟ هل من الممكن أن نصف فتاة جميلة العينين يشع الخجل من ارتداد طرفهما بأن عينيها جميلتين كعيني البومة؟ وهل نستطيع أن نصف شخصاً جباناً بأنه كالنسر؟ وهل يمكن أن نصور أحدهم بأنه يغدر بالآخرين كما يغدر النسر؟!!
من التصورات القديمة التي مازلنا نتوارثها، تترجم طبيعة شخصياتنا، هي استنساخنا للمشاعر والأفكار ذاتها تجاه بعض الطيور مثل «البومة والنسر» التي استقيناها من المثيولوجيات القديمة. فصورة البومة كما ترسمها بعض الأساطير والكتب القديمة وبعض الحكايات الشعبية في العالم، هي صورة طائر الخراب الذي يستفيق ليلاً ويقيم في المقابر ويهجم على صغار الطيور ويلتهم فراخها. وارتبطت حكايات البومة تاريخياً بالأرواح التائهة التي يمسخ أصحابها بوماً. أو الأرواح المنتقمة التي تحل في جسد البومة وتهيم حول غريمها وتسقط عليه اللعنات والعذاب. ويرى البعض في عيني البومة الواسعتين شؤماً يحدق بمن ترصده. وفي انكسار نظراتها شراً يدخره قلبها ولؤماً يسكن دماغها.
أما النسر فتصوره الكثير من الحكايات والمعتقدات بالملك الذي يسكن الأعالي، ويحكم السفوح ويرهب الرعية. فصار البشر بالتبعية الثقافية التاريخية يمجدون قوة إبصاره وفتك منقاره وتحليقه في كبد السماء ثم سرعة انقضاضه على الفريسة. لذلك جعلوا منه رمزاً للعروش وشارة للجيوش وعلامة تجارية لبعض شركات الأسلحة. وأيقونة للسلطة والسيطرة.
وليس في كل ما سبق من خيالات حول البومة والنسر أي دليل علمي أو أثر حقيقي. فقد خلق الله البومة بعينين ضعيفتين وحساستين للإضاءة ولا تستطيع العيش بهما إلا ليلاً. وهذا ما أورثها وهنا في جسدها الممتلئ يتعذر معه أن تخالط باقي الطيور أو أن تخوض معارك غذائها مع غير الطيور الضعيفة مثلها. والذين قرؤوا الشؤم واللؤم في وحدتها، لم يستشعروا إمارات الخجل في عينيها وإيماءة جسدها. ولم يتفهموا العذاب والمعاناة في ضعفها وخوفها الدائم وفقدانها للأمان وإيثارها العزلة والاختباء وسكنى الخرائب والأماكن المهجورة البعيدة عن الغرباء.
أما النسر فقد رصد علماء الطيور سلوكه واستنتجوا سمات الجبن والشعور بالخوف في شخصيته. فهو لا يأكل إلا من الجيف التي يخلفها السبع بعد معاركه مع الحيوانات الكبيرة. وهو يخشى خوض المواجهات المباشرة مع فرائسه وينقض عليها على حين غرة ومن موقع الغدر. وعلى الرغم من حدة بصره وقوة منقاره غير أن ساقيه ضعيفتين وعنقه مكشوف من الريش مما يسهل على خصمه صرعه في جولة قتال سريعة. لذلك يهرب إلى المرتفعات، ويحتمي بالقمم العالية.
تلك التصورات والمعتقدات التي بنيناها عن طائري البومة والنسر، وإن كانت لا تمس تفاصيل الحياة المباشرة لنا، إلا أنها تدل على استعانتنا في بعض فهمنا للحياة بالمخيلة أكثر من المعالجات العلمية المرتكزة على قوانين الطبيعة. ولو تأملنا في بعض الأمور الأكثر أهمية في تسيير حياتنا فقد نجد أننا أسسناها على الخيالات وعلى التصورات المتوارثة أكثر من بنائنا لها على الفهم والوعي والربط بالأسباب الحقيقية ونتائجها. وأننا في بعض الأحيان يتعذر علينا تعديل استخدام تلك التصورات لأنها صارت ثقافة عامة وقانوناً اجتماعياً ضابطاً وأحياناً سلطة متحكمة فينا.
وبعد هذا السرد العلمي لحقيقة البومة والنسر، هل يستطيع أحدنا في مجتمعنا ارتداء ملابس أو حلي مزينة بطائر البومة؟ هل من الممكن أن نصف فتاة جميلة العينين يشع الخجل من ارتداد طرفهما بأن عينيها جميلتين كعيني البومة؟ وهل نستطيع أن نصف شخصاً جباناً بأنه كالنسر؟ وهل يمكن أن نصور أحدهم بأنه يغدر بالآخرين كما يغدر النسر؟!!