ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تتبوأ فيها مملكة البحرين موقع «منارة شباب العرب والعالم»، من خلال فعاليات دورية وسنوية، تكون معنية بالشباب وكل ما يتعلق بهم، وكل ما يمكنهم أن يحققوه في إطار موجات التغيير الإيجابية.

سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة نجل جلالة الملك، هو أشد الحريصين على عقد مثل هذه التجمعات بشكل مستمر، فهو من أخذ على عاتقه مسؤولية أن يكون مصدر إلهام ودعم للشباب، ويمضي في نفس التوجه القوي الذي بدأه شقيقه الأكبر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله.

دعم الشباب وتمكينهم وتقويتهم والأخذ بيدهم والشد عليها، مهمة رائعة تضعها قيادتنا الرشيدة ممثلة بجلالة الملك حفظه الله على رأس الأولويات، خاصة وأن الجيل الشاب الذي يمثل النسبة الغالبة من أهل البحرين هو الذي يحمل بين يديه المستقبل، وهو الذي يصنع الأمل.

مثل هذه الملتقيات تعتبر متنفساً للشباب، فيها يتحدثون بأريحية، ويقدمون أفكارهم ورؤاهم، وكثير منها رؤى خلاقة متفردة ومميزة، تبين للكثيرين الفارق الشاسع بين الأجيال عبر تقادم الزمن، هذا الزمن الذي تغير وبات يبدل جلده بشكل سريع تصعب عمليات المواءمة معه.

يؤخذ على الأجيال السابقة أنها لم تركز في كثير من الحقب على الوقوف عند الشباب والجيل الصاعد، لم تمنحهم حيزا من الوقت ليعبروا فيه عن مكنوناتهم، ليتعرفوا على ما يفكرون به، وليفتحوا المجال أمامهم ليستوعبوا حقيقة أن الجيل القادم مختلف تماماً.

ولأن ذلك حصل، وقد يكون بتعمد من البعض الذي مازال يخاف من كلمة «التغيير» أو من «هاجس الإلغاء» من قبل الشباب، وهو هاجس مبعثه «انعدام الثقة» والخوف على الكرسي أو الموقع. وقد يكون بلا تعمد، لكن بتقليل من أهمية هذا التغيير الحاصل.

تأخرت مجتمعات عندما كسر الشباب على أعتاب بدايات الطموح، وتخلفت أمم حين احتكرت الأعمال ووليت المسؤوليات ونصبت القيادات على فئات عمرت في مواقعها لعقود متتالية، دون تطوير أو مواكبة للمتغيرات.

الشباب عماد المستقبل، كلمة لا يجب أن تقال هكذا والسلام، بل يجب أن تثبت كأساس للعمل، أن تكون هي المنطلق لأي بناء أو تأسيس أو تدشين لخطط ومشاريع وتحركات، شريطة التمكين ومنح الثقة، وتوفير التوجيه السليم.

أملك قصصاً عديدة لشباب تم تحطيم آمالهم بشكل شنيع وبشع، رغم امتلاكهم المؤهلات والقدرات، تمت بأيادي أناس اتخذوا من حاجز العمر «نقطة تفوق»، بينما هي في الواقع «مرض وهوس» لمن يريد أن يتوقف الزمن عنده، ولمن يريد أن «يصدع» رأس الدنيا بمناقبه وإنجازاته وأن التاريخ لا بد وأن يذكره في كل شيء، حتى لو مضى على ما فعل عقود وعقود.

دائما ما أقول إنه «حتى الديناصورات انقرضت»، إلا من مازالوا مهووسين بعيش زمانهم وزمان من هم في سن أبنائهم ومن هم في سن أحفادهم، غير تاركين الفرصة للشباب، وساعين لتحطيم كل بارقة أمل أمامهم، أو التقليل من إنجازاتهم، أو الانتقاص من تفوقهم.

شبابنا لم تعد تجدي معه هذه المحاولات، باتوا يعرفون من هم أصحاب الخبرة الذي يريدون لهم الخير ويمدون لهم يد العون والإسناد، كما باتوا يعرفون من يحاربونهم ويتمنون لهم الفشل.

لكن بين كل هذا، الأجمل هو الدعم الذي تقدمه قيادات البحرين الشابة، والإيمان من قبلهم بهذا الجيل الصاعد بقوة، سلمان بن حمد رمز أول للقيادة الشابة، وعضيده ناصر بن حمد النموذج الرائع للشاب الطموح المثابر الذي نذر نفسه لحماية الشباب من الإحباط، ولدفعهم لمزيد من النجاح، وللانطلاق بهم نحو تحقيق المستحيل، وهي شعارات ليست عصية التحقق، بل رأينا لها شواهد وأمثلة عديدة.

شباب البحرين هم المستقبل، فقط مكنوهم، وأعطوهم الثقة، وأبعدوا عنهم كل مريض بـ»داء الزمن»، من المثبطين والمحبطين والمتحلطمين وأعداء النجاح.