تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال أهداف الجماعات الإرهابية من قيامها بهذه الأعمال الإجرامية ورغبتها في إبراز القوة والقدرة علي الفعل وجذب وسائل الإعلام للقيام بتغطية جرائمهم وبالتالي يتحقق لهذه الجماعات فرصة الدعاية والإعلان عن نفسها عبر معالجة الإعلام للعمل الإرهابي وأن هدفهم بالأساس ليس الضحايا ولكن الجمهور الوطني والأجنبي، ولفت انتباه صانعي القرار وفرض الأيديولوجية الراديكالية العنيفة بل تقليص عدم تماثل القوة بينهم وبين الكيان الذي تحاربه.
وقد يتبادر إلى ذهن الكثير من القراء الآن أن كل ما سلف ذكره يخص أهداف الجماعات الإرهابية من الإعلام وليس ثمة شيء يجبر الإعلام مع وعي كل القائمين عليه وثقافتهم أن ينساقوا وراء تحقيق هذه الأهداف لكن دعني أقول لك قارئي العزيز إن كل من يعمل بالحقل الإعلامي يدرك أن الإرهاب هو مادة جذابة للتغطية الإعلامية، وذلك لأن الهجمات الإرهابية تجعل هناك ارتفاع في معدلات المشاهدة وهو ما يعقبه زيادة الأرباح بل والبروز وكسب المزيد من ولاءات المشاهدة، فالإرهاب له جوانب كثيرة تجعله موضوعاً جذاباً للغاية، حيث إنه يحتوي على عناصر الدراما والخطر والمأساة الإنسانية واللقطات المروعة المليئة بالإثارة أحياناً والغموض أحياناً أخرى والمفعمة بالقصص الإنسانية بل ومعجزات الناجين وبطولات من يسعون إلى إنقاذ الضحايا ومن يتحملون صعوبة العيش بدون من فقدوا من ذويهم سواء من الضحايا أو رجال الأمن، كل ذلك يجعل تلك الموضوعات مادة إعلامية خصبة.
ربما نحن اكثر حظا في عالمنا العربي عن الغرب والذي تسيطر عليه وبقوة شديدة الأحكام القنوات الربحية ومنظمات وسائل الإعلام الضخمة مما يولد لديهم مزيد من التنافس والشهية الشديدة للإعلام الصاخب الذي يسعي للربح، ذلك الربح الذي تتوارى أمامه المسؤولية الاجتماعية للإعلام وهو ما عبر عنه الكثير من الكتاب والإعلاميين هناك، نحن محظوظون لان مازال لدينا وسائل إعلام وطنية هدفها الحفاظ علي الوطن والمواطن وأمنه وإن كنا لسنا بمنأى تام عن هذا الإعلام الربحي. إلا أن ثمة نقطة تضفي علي الأمر بعض التعقيد ألا وهي كيفية تغطية وسائل الإعلام للإرهاب. فبشكل عام، وسائل الإعلام تغطي الأعمال الإرهابية بمنطق الرغبة في الاستقصاء وكشف الغموض من أجل الإثارة، مع الميل إلى توسيع القصة الإخبارية وذكر تفاصيل أياً كانت أهميتها مستغلة بذلك رغبة الجمهور في الحصول علي المعلومات نتيجة حاله التوتر التي أصابته من حدوث حدث غامض قد يكون له تأثيره علي الجمهور.
ولذا تفرد الميديا الكثير من المساحات للتساؤل عن من المسؤول عن الحادث وتستعين بالكثير من الخبراء، وهنا تثار البلبلة وتبدأ عمليات التضخيم التي لا عائد منها على الجمهور، كما إنها تقوم بتكرار الصور مراراً، وتقلص من معالجة العواقب الناتجة عن هذه الأحداث على الوطن، وبالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام تثير صدمة للجمهور من خلال المبالغة في التهديدات، وهنا فإن الإعلام قد يخدم مصالح الإرهابيين بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق تبسيط معالجة القصص للمشاهد لدرجة أنه لا علاقة لها بالأحداث الفعلية، كما إن تكرار المشاهد والقصص المؤلمة قد يخدم الإرهاب أيضاً، حيث إن هدف الإرهابيين هو أن يكونوا في وسائل الإعلام في أوقات متنوعة وأطول فترة ممكنة. وهنا فإن هوس الإعلام بالإثارة قد يسهم في خلق أجواء الخوف، وتهيئة الظروف الناضجة للدعاية.
وبهذا فان السعي وراء الربح والرغبة الإعلامية الطاحنة في الإثارة لجذب ولاءات الجماهير، وإن كانت مشروعة إلا أنها تجنح عن مشروعيتها إن لم تكن مصحوبة بمسؤوليهةمجتمعية وطنية قوية تكبح جماح هذه الرغبات والتي تعد الداء الرئيس الذي تعاني منه وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ذلك الداء الذي يستغله الإرهابيون لصالحهم بوعي تام. وللحديث بقية.
* أستاذ الإعلام الرقمي المساعد
وقد يتبادر إلى ذهن الكثير من القراء الآن أن كل ما سلف ذكره يخص أهداف الجماعات الإرهابية من الإعلام وليس ثمة شيء يجبر الإعلام مع وعي كل القائمين عليه وثقافتهم أن ينساقوا وراء تحقيق هذه الأهداف لكن دعني أقول لك قارئي العزيز إن كل من يعمل بالحقل الإعلامي يدرك أن الإرهاب هو مادة جذابة للتغطية الإعلامية، وذلك لأن الهجمات الإرهابية تجعل هناك ارتفاع في معدلات المشاهدة وهو ما يعقبه زيادة الأرباح بل والبروز وكسب المزيد من ولاءات المشاهدة، فالإرهاب له جوانب كثيرة تجعله موضوعاً جذاباً للغاية، حيث إنه يحتوي على عناصر الدراما والخطر والمأساة الإنسانية واللقطات المروعة المليئة بالإثارة أحياناً والغموض أحياناً أخرى والمفعمة بالقصص الإنسانية بل ومعجزات الناجين وبطولات من يسعون إلى إنقاذ الضحايا ومن يتحملون صعوبة العيش بدون من فقدوا من ذويهم سواء من الضحايا أو رجال الأمن، كل ذلك يجعل تلك الموضوعات مادة إعلامية خصبة.
ربما نحن اكثر حظا في عالمنا العربي عن الغرب والذي تسيطر عليه وبقوة شديدة الأحكام القنوات الربحية ومنظمات وسائل الإعلام الضخمة مما يولد لديهم مزيد من التنافس والشهية الشديدة للإعلام الصاخب الذي يسعي للربح، ذلك الربح الذي تتوارى أمامه المسؤولية الاجتماعية للإعلام وهو ما عبر عنه الكثير من الكتاب والإعلاميين هناك، نحن محظوظون لان مازال لدينا وسائل إعلام وطنية هدفها الحفاظ علي الوطن والمواطن وأمنه وإن كنا لسنا بمنأى تام عن هذا الإعلام الربحي. إلا أن ثمة نقطة تضفي علي الأمر بعض التعقيد ألا وهي كيفية تغطية وسائل الإعلام للإرهاب. فبشكل عام، وسائل الإعلام تغطي الأعمال الإرهابية بمنطق الرغبة في الاستقصاء وكشف الغموض من أجل الإثارة، مع الميل إلى توسيع القصة الإخبارية وذكر تفاصيل أياً كانت أهميتها مستغلة بذلك رغبة الجمهور في الحصول علي المعلومات نتيجة حاله التوتر التي أصابته من حدوث حدث غامض قد يكون له تأثيره علي الجمهور.
ولذا تفرد الميديا الكثير من المساحات للتساؤل عن من المسؤول عن الحادث وتستعين بالكثير من الخبراء، وهنا تثار البلبلة وتبدأ عمليات التضخيم التي لا عائد منها على الجمهور، كما إنها تقوم بتكرار الصور مراراً، وتقلص من معالجة العواقب الناتجة عن هذه الأحداث على الوطن، وبالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام تثير صدمة للجمهور من خلال المبالغة في التهديدات، وهنا فإن الإعلام قد يخدم مصالح الإرهابيين بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق تبسيط معالجة القصص للمشاهد لدرجة أنه لا علاقة لها بالأحداث الفعلية، كما إن تكرار المشاهد والقصص المؤلمة قد يخدم الإرهاب أيضاً، حيث إن هدف الإرهابيين هو أن يكونوا في وسائل الإعلام في أوقات متنوعة وأطول فترة ممكنة. وهنا فإن هوس الإعلام بالإثارة قد يسهم في خلق أجواء الخوف، وتهيئة الظروف الناضجة للدعاية.
وبهذا فان السعي وراء الربح والرغبة الإعلامية الطاحنة في الإثارة لجذب ولاءات الجماهير، وإن كانت مشروعة إلا أنها تجنح عن مشروعيتها إن لم تكن مصحوبة بمسؤوليهةمجتمعية وطنية قوية تكبح جماح هذه الرغبات والتي تعد الداء الرئيس الذي تعاني منه وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ذلك الداء الذي يستغله الإرهابيون لصالحهم بوعي تام. وللحديث بقية.
* أستاذ الإعلام الرقمي المساعد