حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله دشن مشروعاً إصلاحياً متفرداً من نوعه في منطقتنا، حينما تولى سدة الحكم، جاء بهدف تطوير منظومات العمل وتحسينها بهدف تحقيق الأفضل لبلادنا.
مشروع جريء، وتحولات لا يقدم عليها إلا صاحب قلب قوي، وهو ما عرفنا عليه جلالته دائماً، هو «عراب» التغيير والتطوير، وقائد الإصلاح والتعمير.
تلك المرحلة جاءت بمكاسب وأدوات عديدة، هي نتاج لروح المشروع الإصلاحي، منها على سبيل المثال لا الحصر، إلغاء قوانين أمنية وفتح أبواب الديمقراطية وإشراك الناس في صناعة القرار، إضافة لتقوية العمليات الرقابية.
كلنا نعرف جيداً تفاصيل الأمور المعنية بالديمقراطية والتحولات السياسية، إذ رأينا الحراك المعني بها، لكننا في كل عام نقف أمام «قصة» أو حالة تتكرر وباستنساخ بات يصيب الناس بالحيرة، وكأنه مسلسل تاريخي يعاد عرضه مراراً وتكراراً حتى حفظوه.
تقارير ديوان الرقابة التي تطالعنا دائماً بعيد بدء أدوار الانعقاد البرلمانية، وقبيل أعياد البلاد الوطنية، وقبل نهاية عام وبدء آخر جديد.
مازلت أتذكر ذاك الحماس قبل عقد وبضعة سنوات حينما أنشئ ديوان «الرقابة»، وكيف كان الاستبشار كبيراً بأننا سنبدأ مرحلة مختلفة فيما يتعلق بالرقابة المالية والإدارية، وانتظرنا بشوق صدور التقرير الأول، وتفاجأنا بمضمونه، خاصة وأنه للمرة الأولى تنشر إخفاقات القطاعات، وملامح التقصير، وأطر الإهمال الإداري والمالي هكذا على الملأ، لكن يومها لم نتعامل بطريقة صحيحة معه، فمضى التقرير الأول بتوصيات تصحيح المسارات فقط، دون محاسبة أو حتى مساءلة المقصرين.
ومن تلكم السنة، تضخمت التقارير، وزاد وزنها، والنَّاس في كل عام تقول «هذا العام»، الذي سنرى فيه عاصفة تقلع المستهترين أو تحاسبهم، لكن المعالجات لم تكن بنفس قوة التراجعات.
كنت أفكر وأقول، حتى لو كانت النوايا سليمة والتوجهات صحيحة والفكرة من أساسها عظيمة، يظل التنفيذ وترجمة الأهداف المطلوبة من هذه الفكرة هو مربط الفرس.
ولأننا «تهنا» في جدلية «من يحاسب من؟»، ذهبت تقارير وجاءت تقارير، وتكررت قصة كل عام، ومعها الناس بدأت سقوف تطلعاتها تنزل وتنزل، حتى وصلت لمستوى عدم الاهتمام بأن هناك تقريرا جديدا سيصدر، ووصلت لمستوى التسلي بقراءة ما ينشر من مخالفات، وهنا بعض «يتحلطم» و»يستاء» ويعبر عن ذلك، وهناك بعض آخر يهز رأسه كمدا ولا ينبس ببنت شفة ويمضي في طريقه، وكأنه فارس ترجل عن فرسه وأعلن استسلامه وسلم سلاحه بعد أن اكتشف أنه -أي السلاح- ليس سوى شوكة بلاستيكية وليست سيفا قاطعا.
الْيَوْمَ تتكرر قصة العام الماضي، وكل عام، الناس تقرأ ما تعتبره «فضائح إدارية ومالية»، تتحدث فيها ليوم أو اثنين ثم تنساها.
أقول ان الناس ضاعت بشأن الجهة المعنية، لأن مجلس النواب وبعد أكثر من 14 سنة خدمة بمعيّة التقارير مازال لم يمارس دوره وفق صلاحياته، بل اتحفنا نوابه بالتهديد والوعيد سنويا، ومن ثم يخمد كل شيء، والحكومة حمستنا في بعض المرات بشأن اهتمامها بكثير من القضايا واتخاذ إجراءات فيها، لكن مع ذلك تبقى طموحات التصحيح أكبر نظراً لحجم ما ينشر.
تقرير الديوان يفيد بأن لدينا قصة تتكرر كل عام، الناس تتابعها باهتمام، الغالبية لمعرفة الأرقام والتجاوزات والأخطاء، والقليل جداً الذين مازالوا يؤمنون بأنه سيأتي يوم يتغير فيه «السيناريو»، وأن النهاية لن تكون كما الحال الذي كان، في كل عام!
* اتجاهات:
لو مسكنا كل مخالفة أو ملاحظة وأنهيناها وصححنا مسار العمليات بشأنها، ولو حاسبنا كل مستهتر ومتجاوز بلا استثناء، لوجدنا أن هذا التقرير قد بدأت أوراقه تقل، ولربما يأتي يوم إعجازي نستغني فيه عنه نهائياً، لأن الخطأ تم إلغاؤه وإبداله بما هو صحيح، وأن مسؤولين أكثر سيزيد التزامهم بالضوابط والقوانين، لأن الأمثلة على كيفية المحاسبة ستكون أمامهم، كمصير حتمي لو ساروا في «درب زلق».
أقول هنا «لو»، وكلمة «لو» هنا بالذات لا تفتح عمل الشيطان!
مشروع جريء، وتحولات لا يقدم عليها إلا صاحب قلب قوي، وهو ما عرفنا عليه جلالته دائماً، هو «عراب» التغيير والتطوير، وقائد الإصلاح والتعمير.
تلك المرحلة جاءت بمكاسب وأدوات عديدة، هي نتاج لروح المشروع الإصلاحي، منها على سبيل المثال لا الحصر، إلغاء قوانين أمنية وفتح أبواب الديمقراطية وإشراك الناس في صناعة القرار، إضافة لتقوية العمليات الرقابية.
كلنا نعرف جيداً تفاصيل الأمور المعنية بالديمقراطية والتحولات السياسية، إذ رأينا الحراك المعني بها، لكننا في كل عام نقف أمام «قصة» أو حالة تتكرر وباستنساخ بات يصيب الناس بالحيرة، وكأنه مسلسل تاريخي يعاد عرضه مراراً وتكراراً حتى حفظوه.
تقارير ديوان الرقابة التي تطالعنا دائماً بعيد بدء أدوار الانعقاد البرلمانية، وقبيل أعياد البلاد الوطنية، وقبل نهاية عام وبدء آخر جديد.
مازلت أتذكر ذاك الحماس قبل عقد وبضعة سنوات حينما أنشئ ديوان «الرقابة»، وكيف كان الاستبشار كبيراً بأننا سنبدأ مرحلة مختلفة فيما يتعلق بالرقابة المالية والإدارية، وانتظرنا بشوق صدور التقرير الأول، وتفاجأنا بمضمونه، خاصة وأنه للمرة الأولى تنشر إخفاقات القطاعات، وملامح التقصير، وأطر الإهمال الإداري والمالي هكذا على الملأ، لكن يومها لم نتعامل بطريقة صحيحة معه، فمضى التقرير الأول بتوصيات تصحيح المسارات فقط، دون محاسبة أو حتى مساءلة المقصرين.
ومن تلكم السنة، تضخمت التقارير، وزاد وزنها، والنَّاس في كل عام تقول «هذا العام»، الذي سنرى فيه عاصفة تقلع المستهترين أو تحاسبهم، لكن المعالجات لم تكن بنفس قوة التراجعات.
كنت أفكر وأقول، حتى لو كانت النوايا سليمة والتوجهات صحيحة والفكرة من أساسها عظيمة، يظل التنفيذ وترجمة الأهداف المطلوبة من هذه الفكرة هو مربط الفرس.
ولأننا «تهنا» في جدلية «من يحاسب من؟»، ذهبت تقارير وجاءت تقارير، وتكررت قصة كل عام، ومعها الناس بدأت سقوف تطلعاتها تنزل وتنزل، حتى وصلت لمستوى عدم الاهتمام بأن هناك تقريرا جديدا سيصدر، ووصلت لمستوى التسلي بقراءة ما ينشر من مخالفات، وهنا بعض «يتحلطم» و»يستاء» ويعبر عن ذلك، وهناك بعض آخر يهز رأسه كمدا ولا ينبس ببنت شفة ويمضي في طريقه، وكأنه فارس ترجل عن فرسه وأعلن استسلامه وسلم سلاحه بعد أن اكتشف أنه -أي السلاح- ليس سوى شوكة بلاستيكية وليست سيفا قاطعا.
الْيَوْمَ تتكرر قصة العام الماضي، وكل عام، الناس تقرأ ما تعتبره «فضائح إدارية ومالية»، تتحدث فيها ليوم أو اثنين ثم تنساها.
أقول ان الناس ضاعت بشأن الجهة المعنية، لأن مجلس النواب وبعد أكثر من 14 سنة خدمة بمعيّة التقارير مازال لم يمارس دوره وفق صلاحياته، بل اتحفنا نوابه بالتهديد والوعيد سنويا، ومن ثم يخمد كل شيء، والحكومة حمستنا في بعض المرات بشأن اهتمامها بكثير من القضايا واتخاذ إجراءات فيها، لكن مع ذلك تبقى طموحات التصحيح أكبر نظراً لحجم ما ينشر.
تقرير الديوان يفيد بأن لدينا قصة تتكرر كل عام، الناس تتابعها باهتمام، الغالبية لمعرفة الأرقام والتجاوزات والأخطاء، والقليل جداً الذين مازالوا يؤمنون بأنه سيأتي يوم يتغير فيه «السيناريو»، وأن النهاية لن تكون كما الحال الذي كان، في كل عام!
* اتجاهات:
لو مسكنا كل مخالفة أو ملاحظة وأنهيناها وصححنا مسار العمليات بشأنها، ولو حاسبنا كل مستهتر ومتجاوز بلا استثناء، لوجدنا أن هذا التقرير قد بدأت أوراقه تقل، ولربما يأتي يوم إعجازي نستغني فيه عنه نهائياً، لأن الخطأ تم إلغاؤه وإبداله بما هو صحيح، وأن مسؤولين أكثر سيزيد التزامهم بالضوابط والقوانين، لأن الأمثلة على كيفية المحاسبة ستكون أمامهم، كمصير حتمي لو ساروا في «درب زلق».
أقول هنا «لو»، وكلمة «لو» هنا بالذات لا تفتح عمل الشيطان!