في سنة 1716 انتقل الشيخ خليفة بن محمد من الكويت إلى الزبارة، حيث كان يتصف بأصالة الرأي والحزم وأسسها وبنى فيها الحصون والقلاع وازدهرت الزبارة في عهده، حتى وافاه الأجل، فتولى الإمارة من بعده نجله الشيخ محمد بن خليفة، وبقي الشيخ محمد حاكماً في الزبارة إلى أن توفي بها عام 1774. فتولى الحكم من بعده أكبر أنجاله الشيخ خليفة بن محمد وفي أواخر سنة 1196 هـ توجه الشيخ خليفة لأداء فريضة الحج وأقام أخاه الشيخ أحمد مقامه في الحكم وبعد أداء فريضة الحج مرض بمكة المكرمة ثم توفي سنة 1197 هـ، فبقي الشيخ أحمد الملقب بالفاتح بعده بالحكم وكانت البحرين تترقب تولي السلطة من قبل حاكم عادل لإرساء قواعد العدل والأمن والاستقرار.

الشيخ أحمد بن محمد الفاتح الذي كان يسكن الزبارة في عام 1783، وبعد اضطراب الأمن في البحرين وأمام وجود بعض الموالين له وأعوانهم من العتوب في البحرين دخل الشيخ أحمد بن محمد بقوته الأمنية إلى داخل البحرين في شهر صفر 1197هـ - 1783م ولم يجد قوة تذكر تواجهه، وبعد أن دخل الشيخ أحمد الفاتح مع الخاصة من رجاله قلعة المنامة، والتي أصبحت فيما بعد قلعة الشرطة والتي تدعى اليوم «قلعة وزارة الداخلية»، عين الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الفاتح أميراً على قلعة البحرين يسمى عجاج فأطلق عليها وقتها قلعة عجاج، وهكذا أطلق على الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة لقب «الفاتح»، لفتحه البحرين، وأرخ أحدهم هذا الفتح بقوله «أحمد صار في أوال خليفة»، وبدخول أحمد الفاتح عادت البحرين إلى الحكم العربي المتوارث حتى الوقت الحاضر بعد أن كانت في تلك الفترة تحت الاحتلال الفارسي.

هذه مقتطفات من كتاب جوانب من تاريخ الشرطة في البحرين للكاتب عبدالله بن خليفة الغانم والتي تعكس تاريخ نشأة قلعة وزارة الداخلية، بداية شرطة البحرين جاءت في عهد الشيخ أحمد الفاتح وكان يرأسهم وقتها «أمير السوق»، وهم الذين يحفظون الأمن ويحملون السلاح ويتلقون الأوامر من الأمير مباشرة، وأثناء قيام الحرب العالمية الثانية، ونشوب القتال ناقش سمو الشيخ خليفة بن محمد بن عيسى آل خليفة، الذي كان مسؤولاً عن الأمن العام، مع بلجريف التدابير الدفاعية ونظم تدريباً في أول سبتمبر 1939 مع فصيلة للجمال لحماية آبار النفط في حين قام الفرسان بدوريات على طول خط أنابيب النفط.

فيما الفضل يرجع في إيجاد التنظيمات الإدارية في الشرطة إلى المغفور له الشيخ خليفة بن محمد بن عيسى بن علي آل خليفة رئيس الشرطة والأمن العام منذ التحاقه في عام 1937، وإدخال الكثير من التحسينات الإدارية وإنشاء «حرس الشواطئ» وتزويدهم بزوارق صنعت محلياً، وتحت إشرافه وضم الرجال المهرة، في شؤون البحر، وهم ما يسمون محلياً بـ«نواخذة البحر» وإكمال النواقص في شتى المجالات، وعلى مر تلك السنوات وحتى يومنا هذا ومنذ نشأة شرطة البحرين الأولى في عام 1869م وهي السنة التي تولى فيها المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مقاليد الحكم، والذي نعمت في عهده البحرين بالأمن والاستقرار والطمأنينة، ظهرت الفداوية التي تعد النواة الأولى للحرس الخاص غير النظامية، وتعتبر الأساس لشرطة حكومة البحرين وتطورت حتى حملت البلدية على عاتقها مختلف شؤون التنظيم الأمني منذ عام 1929، وهي سنة الانطلاقة الأولى لبداية التنظيم الإداري الحديث في البحرين، كالقضاء والتعليم والأمن، وإصدار القوانين للشرطة في عام 1930، وتبعه كثير من الأمور ذات العلاقة والطابع الإداري الحديث للدولة.

هذا تاريخ نشأة شرطة البحرين المشرف التي جاءت بعد سنين طويلة من العمل المتواصل الجاد والعطاء، وهذا التاريخ يكشف أنه بدأ بعد تحرير البحرين من الاحتلال الفارسي غير الشرعي، والبحرين من يومها قلعة أمنية حصينة، يحفظها الله، ومن ثم رجال أمن ذوي شجاعة وكفاءة متميزة وهمة قتالية عالية، بقيادة عائلة آل خليفة الكرام، حتى وصلت إلى المستويات المتقدمة التي نراها فيها اليوم.

أمام احتفال مملكة البحرين السنوي بذكرى يوم الشرطة البحرينية والذي يصادف الرابع عشر من ديسمبر حيث جاءت فكرته بمبادرة من وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة حيث خصص هذا اليوم خلال الاحتفال بتخريج أول دفعة من ضباط الكلية الملكية للشرطة عام 2007، ليتزامن هذا التاريخ المشرف مع تاريخ العيد الوطني وعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة، عاهل البلاد المفدى، ويوم الشهيد البحريني، يجدر بنا القول إن التاريخ البحريني يعيد نفسه اليوم، فشرطة البحرين في عهد أحمد الفاتح رحمه الله، ورحمهم، هم من شكلوا القوة الأمنية التي طردت بقايا وجود الاحتلال الفارسي وتعيد البحرين إلى عمقها العربي وأنشؤوا أيامها عهداً جديداً للبحرين عنوانه الأمن والأمان، بعد كل ما مرت به من اضطرابات أمنية وأمام احتفالنا بالذكرى السنوية العاشرة لهذا اليوم واستمرار انتصاراتنا على المخططات الإرهابية الإيرانية التدريب القطرية التمويل وإحباطها، نفخر بأن شرطة البحرين المتمثلة اليوم في وزارة الداخلية ومنذ ذلك التاريخ المشرف لاتزال قلعة أمنية صامدة بعون الله وحفظه أمام خصوم البحرين وأعدائها وبجهود رجال أمنها البواسل المخلصين لقيادة البحرين وشعبها.