تظل ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق موضع جدل قائم، بين فترة وأخرى، حتى وإن حاول المسؤولون العراقيون تغليف الموقف بفتوى شرعية، وغطاء حكومي يتحدث عن محاربة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، وغض الطرف عن انتهاكات ارتكبتها الميليشيات بحق العرب السنة، خاصة في الأماكن التي تم تطهيرها من التنظيم المتطرف. وسط هذا المشهد المعقد، لا تتبدد مخاوف السنة في العراق من تحول تلك الميليشيات شيئاً فشيئاً إلى ما يعرف باسم «حرس ثوري عراقي» على شاكلة الحرس الثوري الإيراني، أو كونها تتطور إلى ميليشيات مسلحة لا تقل قوة وهيمنة عن ميليشيات «حزب الله» في لبنان، وميليشيات المتمردين الحوثيين في اليمن، لتصبح دولة داخل الدولة، خاصة وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل الدعم اللوجيستي الذي قدمته إيران لتلك الميليشيات خاصة منظمة «بدر» التي يقودها هادي العامري، و»عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، فضلاً عن الدعم الذي تحظى به الميليشيات من طهران سواء في المال أو العتاد أو السلاح وغير ذلك!
ولعل آخر المواقف والتصريحات التي تثير الجدل داخل العراق وخارجه دعوة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إلى المحافظة والإبقاء على قوات «الحشد الشعبي» مؤكداً على «حصر» السلاح بيد الدولة، رغم إعلان العراق انتهاء الحرب ضد «داعش».
وينظر إلى تلك التصريحات من زاويتين، الزاوية الأولى هي التغيير الديمغرافي الذي سيحدث داخل القوات المسلحة العراقية من إدماج تلك الميليشيات الشيعية، الأمر الذي سيؤثر بشكل سلبي على وجود السنة داخل منظومة الدفاع العراقية، حيث يبقى الجنود السنة بالجيش العراقي معرضين للتهميش والإقصاء والإهانة، ولا يمكن تجاهل أعدادهم القليلة مقارنة بزملائهم الشيعة، في حين يقدر عدد مقاتلي «الحشد الشعبي» الذي يضم بين فصائله الرئيسة كتائب «حزب الله» ومنظمة «بدر» و«عصائب أهل الحق»، بحسب البرلمان العراقي، بنحو 110 آلاف رجل، بينما يتراوح العدد، بحسب خبراء، بين 60 ألفاً و140 ألفاً. وهنا لننظر ما يمكن أن يحدثه دمج ذلك العدد من تلك الميليشيات داخل جيش العراق.
أما الزاوية الثانية، فهي ما يتعلق بالفصل الرسمي بين الأجنحة المسلحة والسياسية، الأمر الذي يعبد الطريق لتلك الميليشيات بالمشاركة في الانتخابات، وسط تقارير تتحدث عنه أنه ربما تكون تلك المشاركة في الاستحقاق البرلماني المقرر له مايو المقبل، في إطار تحالف موسع مقرب من «ولاية الفقيه»، خاصة بعد موافقة البرلمان العراقي العام الماضي على قانون اعتبر فصائل «الحشد الشعبي» قوة عسكرية منفصلة عن الجيش ترفع تقاريرها إلى العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة.
وقد أصدر المرجع السيستاني في 13 يونيو 2014، فتوى لتشكيل قوات من متطوعين لمساندة القوات الأمنية أطلق عليها «الحشد الشعبي»، لمواجهة هجوم شنه تنظيم الدولة «داعش»، هدد وجود العراق، بعد انسحاب الجيش النظامي - الذي كان تحت إمرة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ذلك الوقت - أمام قوات «داعش»، خاصة في الموصل شمال العراق، ليصل التنظيم شيئاً فشيئاً على مشارف بغداد وسط عجز كلي لقوات المالكي آنذاك. حتى وإن أعلن من كربلاء أن «الفصائل الشيعية المسلحة التي شاركت في الحرب ضد تنظيم «داعش» يجب أن تصبح جزءاً من الأجهزة الأمنية في العراق، وتحت سيطرة الحكومة العراقية، على أساس أن المنظومة الأمنية العراقية لا تزال بحاجة ماسة إلى الكثير من الرجال الذين ساندوا قوات الجيش والشرطة الاتحادية خلال السنوات الماضية»، وفقاً لتصريحات المرجعية، فمن يضمن نزع سلاح تلك الميليشيات؟ ومن يستطيع أن يجبر تلك القوات على تسليم كل ما تملك من سلاح؟ وكيف يمكن التأكد من تسليم كافة الأسلحة التي تحت تصرفها خاصة الأسلحة الإيرانية؟!
* وقفة:
كيف يمكن تجاهل تجول قيس الخزعلي في جنوب لبنان، ثم إعلان قائد عسكري بفصائل الحشد أنها انتشرت على الحدود السورية لدعم قوات حرس الحدود العراقية بعدما تعرضت لإطلاق نار من داخل سوريا، وتصريحات أحد زعماء الميليشيات بأنهم يسيطرون على 60 % من حدود العراق مع سوريا، من مجموع 550 كم مساحة تربط بين البلدين؟ بعد كل ذلك، من يضمن أن فتوى المرجعية التي أجازت تأسيس ميليشيات «الحشد الشعبي» لن تستغل لتحقيق أغراض سياسية؟! وهل «الحشد الشعبي» يتبع مرجعية السيد السيستاني في النجف الأشرف أم مرجعية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في إيران؟!
{{ article.visit_count }}
ولعل آخر المواقف والتصريحات التي تثير الجدل داخل العراق وخارجه دعوة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إلى المحافظة والإبقاء على قوات «الحشد الشعبي» مؤكداً على «حصر» السلاح بيد الدولة، رغم إعلان العراق انتهاء الحرب ضد «داعش».
وينظر إلى تلك التصريحات من زاويتين، الزاوية الأولى هي التغيير الديمغرافي الذي سيحدث داخل القوات المسلحة العراقية من إدماج تلك الميليشيات الشيعية، الأمر الذي سيؤثر بشكل سلبي على وجود السنة داخل منظومة الدفاع العراقية، حيث يبقى الجنود السنة بالجيش العراقي معرضين للتهميش والإقصاء والإهانة، ولا يمكن تجاهل أعدادهم القليلة مقارنة بزملائهم الشيعة، في حين يقدر عدد مقاتلي «الحشد الشعبي» الذي يضم بين فصائله الرئيسة كتائب «حزب الله» ومنظمة «بدر» و«عصائب أهل الحق»، بحسب البرلمان العراقي، بنحو 110 آلاف رجل، بينما يتراوح العدد، بحسب خبراء، بين 60 ألفاً و140 ألفاً. وهنا لننظر ما يمكن أن يحدثه دمج ذلك العدد من تلك الميليشيات داخل جيش العراق.
أما الزاوية الثانية، فهي ما يتعلق بالفصل الرسمي بين الأجنحة المسلحة والسياسية، الأمر الذي يعبد الطريق لتلك الميليشيات بالمشاركة في الانتخابات، وسط تقارير تتحدث عنه أنه ربما تكون تلك المشاركة في الاستحقاق البرلماني المقرر له مايو المقبل، في إطار تحالف موسع مقرب من «ولاية الفقيه»، خاصة بعد موافقة البرلمان العراقي العام الماضي على قانون اعتبر فصائل «الحشد الشعبي» قوة عسكرية منفصلة عن الجيش ترفع تقاريرها إلى العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة.
وقد أصدر المرجع السيستاني في 13 يونيو 2014، فتوى لتشكيل قوات من متطوعين لمساندة القوات الأمنية أطلق عليها «الحشد الشعبي»، لمواجهة هجوم شنه تنظيم الدولة «داعش»، هدد وجود العراق، بعد انسحاب الجيش النظامي - الذي كان تحت إمرة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ذلك الوقت - أمام قوات «داعش»، خاصة في الموصل شمال العراق، ليصل التنظيم شيئاً فشيئاً على مشارف بغداد وسط عجز كلي لقوات المالكي آنذاك. حتى وإن أعلن من كربلاء أن «الفصائل الشيعية المسلحة التي شاركت في الحرب ضد تنظيم «داعش» يجب أن تصبح جزءاً من الأجهزة الأمنية في العراق، وتحت سيطرة الحكومة العراقية، على أساس أن المنظومة الأمنية العراقية لا تزال بحاجة ماسة إلى الكثير من الرجال الذين ساندوا قوات الجيش والشرطة الاتحادية خلال السنوات الماضية»، وفقاً لتصريحات المرجعية، فمن يضمن نزع سلاح تلك الميليشيات؟ ومن يستطيع أن يجبر تلك القوات على تسليم كل ما تملك من سلاح؟ وكيف يمكن التأكد من تسليم كافة الأسلحة التي تحت تصرفها خاصة الأسلحة الإيرانية؟!
* وقفة:
كيف يمكن تجاهل تجول قيس الخزعلي في جنوب لبنان، ثم إعلان قائد عسكري بفصائل الحشد أنها انتشرت على الحدود السورية لدعم قوات حرس الحدود العراقية بعدما تعرضت لإطلاق نار من داخل سوريا، وتصريحات أحد زعماء الميليشيات بأنهم يسيطرون على 60 % من حدود العراق مع سوريا، من مجموع 550 كم مساحة تربط بين البلدين؟ بعد كل ذلك، من يضمن أن فتوى المرجعية التي أجازت تأسيس ميليشيات «الحشد الشعبي» لن تستغل لتحقيق أغراض سياسية؟! وهل «الحشد الشعبي» يتبع مرجعية السيد السيستاني في النجف الأشرف أم مرجعية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في إيران؟!