أجبرت الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الداخل والخارج على أن يفتح النار على أمريكا ورئيسها دونالد ترامب مؤخراً، عندما تحدث بعفوية مطلقة في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني وقال في إشارة إلى الرئيس الأمريكي «يخرب بيتك. متى رفضنا؟»، في رد صريح منه على اتهام ترامب للفلسطينيين برفض مفاوضات السلام، الأمر الذي دعا وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى إبرازه في تغطيتها للاجتماع الفلسطيني. ويبدو أن عباس -مهندس اتفاق أوسلو- لم يعد قادراً على تحمل تبعات الخذلان الأمريكي للقضية الفلسطينية أمام شعبه، فكان حريصاً على توجيه عدد من الرسائل في الاجتماع الأخير في رام الله بالضفة المحتلة، لعل أبرزها رفضه لـ»صفقة ترامب» التي وصفها بأنها «صفعة»، إضافة إلى اتهامه الصريح لإسرائيل بأنها «أنهت» اتفاقات أوسلو للسلام للحكم الذاتي الفلسطيني التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
وقد اشتمل البيان الختامي لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني على الرسائل التي أراد عباس أن تصل إلى الداخل والخارج والتي كان محصلتها، تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «تعليق الاعتراف بإسرائيل حتى اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان»، واعتبار «الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة»، وتجديد القرار الخاص «بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي»، وذلك في رد منه على ما يسمى بـ«صفقة العصر»، والتي أطلق عليها «صفعة العصر»، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
ولم يتردد الرئيس الفلسطيني في التعبير عن رفضه للوساطة الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولم يخفِ حقيقة أن الفلسطينيين ربما يخوضون عملية سلام تقودها لجنة دولية، في تهميش واضح لدور واشنطن، الذي لن تقبل إسرائيل بأي دور دولي غيره. ويبدو جلياً الدعم الثابت والقوي من إدارة ترامب للكيان الصهيوني، ويكفينا أن نتذكر أن ترامب أول رئيس أمريكي في منصبه يزور حائط البراق -الذي يطلق عليه اليهود ما يسمى بـ«حائط المبكى»- في البلدة القديمة في القدس المحتلة، وكان يرتدي القلنسوة اليهودية، قبل أن يعترف بالقدس عاصمة للكيان المحتل، ثم ابتزازه الواضح للفلسطينيين عندما هددهم بقطع المساعدات المالية الأمريكية التي تزيد على 300 مليون دولار سنوياً، بسبب عدم إظهارهم «التقدير أو الاحترام» على حد قوله، مؤكداً أنهم لا يرغبون بالتفاوض مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق سلام، ولذلك لم يتردد عباس في الرد عليه قائلاً «يخرب بيتك»!
وقبل يومين جمدت واشنطن دفع 65 مليون دولار للأمم المتحدة مخصصة للفلسطينيين، حيث تمثل تلك الدفعة، نصف الأموال المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في ابتزاز أمريكي رخيص جديد!
ولا يتوقف هذا الدعم عند ترامب وحده بين إدارته، بل يشمل شخصيات عدة لعل أبرزها المبعوث الخاص لترامب جيسون غرينبلات، وصهر ترامب، جاريد كوشنر، وسفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هايلي، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو المعروف بتشدده تجاه الكيان المحتل خاصة أنه ابن حاخام، ولا يتردد في إظهار دعمه الشديد للمستوطنات في الضفة المحتلة، حتى إنه صرح قبل فترة أن «إسرائيل لا تحتل سوى 2% من الضفة»!
وقد كشف عباس، للمرة الأولى ملامح «صفقة القرن»، التي تعدّها إدارة ترامب بخصوص القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه تلقى عروضاً بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها ناحية أبو ديس، القريبة من القدس المحتلة. ورأى عباس من وجهة نظره أن «القدس أُزيحت من الطاولة بتغريدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
وسبق إعلان عباس لصفقة القرن، تصريحات لمسؤولين فلسطينيين تتحدث عن تلك «الصفعة التاريخية» الموجهة للفلسطينيين، وجاءت بدايتها على لسان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في 26 ديسمبر الماضي، عندما أكد أن «الحل الأمريكي يطرح أبو ديس عاصمة لدولة فلسطين، وإقامة ممر لوصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه»، مضيفاً أن «الحل الأمريكي يتضمن تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى 3 أقسام، فيما يبقى قطاع غزة ككيان منفصل له بعض الصلاحيات».
وتلاه تصريح آخر، لعضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» أحمد مجدلاني، قال فيه إن «صفقة القرن المقترحة من واشنطن بشأن عملية التسوية في الشرق الأوسط تقوم على تصفية القضية الفلسطينية، وإنشاء حلف إقليمي ضد النفوذ الإيراني في المنطقة تكون «إسرائيل» جزءاً منه»، مشيراً إلى أن «مستشار ترامب، وصهره، جاريد كوشنر، هو أول من كشف عن تفاصيل تلك الصفقة».
وقبل نحو شهرين، فجر موقع «ميديل إيست آي» البريطاني، مفاجأة من العيار الثقيل عندما نقل عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، تفاصيل «الطبخة الأمريكية» التي كان يضع اللمسات الأخيرة عليها فريق أمريكي تابع للرئيس ترامب، وأطلق الموقع عليه اسم «الاتفاق النهائي» لـ«صفقة القرن». وبحسب الموقع البريطاني، أوضح الدبلوماسي الغربي، أن الاتفاق سيتضمن، 4 بنود، الأول، إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق «أ، وب» وأجزاء من المنطقة «ج» في الضفة الغربية، والثاني، توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة. والثالث، وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة. والرابع، الشروع في مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين الدول العربية وإسرائيل.
قرارات المجلس المركزي الفلسطيني تمثل تحدياً كبيراً لعباس بمواجهة أصدقائه قبل أعدائه، لعل أبرزه تعليق الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني معها، خاصة أن المجلس قرّر في 2015 إنهاء التعاون الأمني مع الاحتلال، لكن القرار بقي حبراً على ورق، وهذا ما يذهب إليه مراقبون ومحللون عندما اعتبروا أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال أمر لا مفر منه، وإلا كيف سيسافر عباس ومسؤولو السلطة من رام الله إلى الخارج؟
* وقفة:
أخشى أن تستمر «صفعات» ترامب للعرب والمسلمين مروراً بالفلسطينيين حتى وإن كانت «أبو ديس» صفعة العصر التاريخية الأحدث لكن مقاومة الاحتلال وأمريكا لن تكون بأن «يخرب بيت ترامب» فقط!!
وقد اشتمل البيان الختامي لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني على الرسائل التي أراد عباس أن تصل إلى الداخل والخارج والتي كان محصلتها، تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «تعليق الاعتراف بإسرائيل حتى اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان»، واعتبار «الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة»، وتجديد القرار الخاص «بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي»، وذلك في رد منه على ما يسمى بـ«صفقة العصر»، والتي أطلق عليها «صفعة العصر»، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
ولم يتردد الرئيس الفلسطيني في التعبير عن رفضه للوساطة الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولم يخفِ حقيقة أن الفلسطينيين ربما يخوضون عملية سلام تقودها لجنة دولية، في تهميش واضح لدور واشنطن، الذي لن تقبل إسرائيل بأي دور دولي غيره. ويبدو جلياً الدعم الثابت والقوي من إدارة ترامب للكيان الصهيوني، ويكفينا أن نتذكر أن ترامب أول رئيس أمريكي في منصبه يزور حائط البراق -الذي يطلق عليه اليهود ما يسمى بـ«حائط المبكى»- في البلدة القديمة في القدس المحتلة، وكان يرتدي القلنسوة اليهودية، قبل أن يعترف بالقدس عاصمة للكيان المحتل، ثم ابتزازه الواضح للفلسطينيين عندما هددهم بقطع المساعدات المالية الأمريكية التي تزيد على 300 مليون دولار سنوياً، بسبب عدم إظهارهم «التقدير أو الاحترام» على حد قوله، مؤكداً أنهم لا يرغبون بالتفاوض مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق سلام، ولذلك لم يتردد عباس في الرد عليه قائلاً «يخرب بيتك»!
وقبل يومين جمدت واشنطن دفع 65 مليون دولار للأمم المتحدة مخصصة للفلسطينيين، حيث تمثل تلك الدفعة، نصف الأموال المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في ابتزاز أمريكي رخيص جديد!
ولا يتوقف هذا الدعم عند ترامب وحده بين إدارته، بل يشمل شخصيات عدة لعل أبرزها المبعوث الخاص لترامب جيسون غرينبلات، وصهر ترامب، جاريد كوشنر، وسفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هايلي، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو المعروف بتشدده تجاه الكيان المحتل خاصة أنه ابن حاخام، ولا يتردد في إظهار دعمه الشديد للمستوطنات في الضفة المحتلة، حتى إنه صرح قبل فترة أن «إسرائيل لا تحتل سوى 2% من الضفة»!
وقد كشف عباس، للمرة الأولى ملامح «صفقة القرن»، التي تعدّها إدارة ترامب بخصوص القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه تلقى عروضاً بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها ناحية أبو ديس، القريبة من القدس المحتلة. ورأى عباس من وجهة نظره أن «القدس أُزيحت من الطاولة بتغريدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
وسبق إعلان عباس لصفقة القرن، تصريحات لمسؤولين فلسطينيين تتحدث عن تلك «الصفعة التاريخية» الموجهة للفلسطينيين، وجاءت بدايتها على لسان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في 26 ديسمبر الماضي، عندما أكد أن «الحل الأمريكي يطرح أبو ديس عاصمة لدولة فلسطين، وإقامة ممر لوصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه»، مضيفاً أن «الحل الأمريكي يتضمن تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى 3 أقسام، فيما يبقى قطاع غزة ككيان منفصل له بعض الصلاحيات».
وتلاه تصريح آخر، لعضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» أحمد مجدلاني، قال فيه إن «صفقة القرن المقترحة من واشنطن بشأن عملية التسوية في الشرق الأوسط تقوم على تصفية القضية الفلسطينية، وإنشاء حلف إقليمي ضد النفوذ الإيراني في المنطقة تكون «إسرائيل» جزءاً منه»، مشيراً إلى أن «مستشار ترامب، وصهره، جاريد كوشنر، هو أول من كشف عن تفاصيل تلك الصفقة».
وقبل نحو شهرين، فجر موقع «ميديل إيست آي» البريطاني، مفاجأة من العيار الثقيل عندما نقل عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، تفاصيل «الطبخة الأمريكية» التي كان يضع اللمسات الأخيرة عليها فريق أمريكي تابع للرئيس ترامب، وأطلق الموقع عليه اسم «الاتفاق النهائي» لـ«صفقة القرن». وبحسب الموقع البريطاني، أوضح الدبلوماسي الغربي، أن الاتفاق سيتضمن، 4 بنود، الأول، إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق «أ، وب» وأجزاء من المنطقة «ج» في الضفة الغربية، والثاني، توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة. والثالث، وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة. والرابع، الشروع في مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين الدول العربية وإسرائيل.
قرارات المجلس المركزي الفلسطيني تمثل تحدياً كبيراً لعباس بمواجهة أصدقائه قبل أعدائه، لعل أبرزه تعليق الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني معها، خاصة أن المجلس قرّر في 2015 إنهاء التعاون الأمني مع الاحتلال، لكن القرار بقي حبراً على ورق، وهذا ما يذهب إليه مراقبون ومحللون عندما اعتبروا أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال أمر لا مفر منه، وإلا كيف سيسافر عباس ومسؤولو السلطة من رام الله إلى الخارج؟
* وقفة:
أخشى أن تستمر «صفعات» ترامب للعرب والمسلمين مروراً بالفلسطينيين حتى وإن كانت «أبو ديس» صفعة العصر التاريخية الأحدث لكن مقاومة الاحتلال وأمريكا لن تكون بأن «يخرب بيت ترامب» فقط!!