هل كانت الثورة المعلوماتية، واقتحام وسائل التواصل الاجتماعي لحياتنا من أبوابها الأمامية، نعمة أم نقمة؟!
سؤال يتردد في كل مرة ينشغل فيه الوسط الاجتماعي بأوضاع معنية بحياة أفراد آخرين، وتتحول لتكون قضية رأي عام، أو مادة للاهتمام تمتد لأيام.
الإجابة التلقائية تقتضي القول بأن "كل شيء له إيجابيات وله سلبيات"، وفي أمثالنا الشعبية هناك قول مفاده "الشيء إذا زاد عن حده، انقلب ضده".
لكننا هنا لسنا بصدد مناقشة ظاهرة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولها إلى "هوس" لدى البعض، بحيث يقبل بأن "يضحي بحياته" لأجلها، والمعنى أنه يضيع ساعات يومية لتتبع ما يحصل فيها.
الاطلاع للمعرفة أمر إيجابي، لكن تحويل الاطلاع إلى "تتبع" لحياة الآخرين، وسواء التأثر بها، أو بدافع الفضول هي أمور سلبية جداً، ولها تداعيات كثيرة. ولو فصلنا فيها، لربما أدرك البعض هول "المخاطرة" التي يقدم عليها بترك نفسه "ضحية" لتأثيرات هذه الوسائل.
نقطة هنا لا بد من بيانها، أننا كمجتمعات في العقود الماضية وما سبقتها نتيجة تربيتنا وموروثاتنا وعاداتنا وتقاليدنا، قلما كنت ترى فرداً أو جماعات "تقبل" عملية مشاركة الآخرين "أنماط" حياتها، كانت تعتبر الخصوصيات من "المحرمات"، وأنه لا يمكن أن تقدم حياتك للناس هكذا كما "البوفيه" المفتوح.
لكن هذا "التابو" الحميد انكسر، وأصفه بـ"الحميد"، لأنه مهما تقدمت العلوم وتطور العالم، فإن الخصوصيات تبقى خصوصيات، ولأن كثيراً ممن حولوا حياتهم إلى "ساحة هايد بارك" يدخلها أياً كان، يأتي عليه وقت "يمتعض" فيه مما يحصل، ويتفاجأ بأن الناس تعيش معه تفاصيل حياته، بل تتدخل فيها، وتؤثر آراؤها وتعليقاتها على أفعاله وقراراته.
هذه حالة بحد ذاتها تحتاج لتشخيص، نعني بها من وصل لمرحلة يجعل فيها حياته الشخصية، وتفاصيلها الخاصة أمراً متاحاً للعامة، وكأنها دعوة لمتحف مشرع أبوابه بلا رسوم.
لكن الظاهرة السلبية تتمثل بمن تركوا حياتهم، وباتوا يتتبعون حياة الآخرين، بل أصبحوا يعيشونها بتفاصيلها، عوضاً عن عيش حياتهم، والتي من المفترض أن يتذكروا بأنها سنوات وأيام وساعات ودقائق وثوانٍ إن مضت فإنها من الاستحالة أن تعود.
هي مسألة لا تتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي نفسها، بل هي مبنية على تركيبة الأفراد، خاصة ممن لديهم حب فضول واسع، وممن بات همهم متابعة الآخرين، والدخول في تفاصيل حياتهم.
الفضول ظاهرة تترسخ في الطبيعة البشرية، وأسبابها كثيرة، منها الفراغ، أو التربية، وغيرها من مسببات عديدة، لكن أخطرها عملية الشعور بالنقص.
من واقع معايشة واختلاط مع أفراد في بيئات العمل والمجتمع، وجدت بأن كثيرين ممن يهمهم متابعة حياة الآخرين، حينما يتحدثون لك عما يرونه ويقرؤونه، يكشفون لك عن نواقص عديدة لديهم، أخطرها عدم وجود أهداف لديهم في هذه الحياة، وأتحدث عن أهداف شخصية تقع في إطار "إيجاد السلام الداخلي" مع الذات، وهو أسمى الأهداف، إذ بدونه لن تعيش حياتك مرتاحاً أبداً، حتى لو ملكت كل وسائل تأمين الحياة المريحة.
الضياع في البحث عن الذات في حياة الآخرين، كارثة ما بعدها كارثة، إذ إنك تنسى حرفياً وجودك وأن لك كياناً، وأن لك حياة واحدة إن ذهبت لن تعود.
الانغماس في عيش حياة الآخرين "نقمة"، يفترض أن يدركها من يمضون بقوة في هذا الاتجاه.
ناهيكم عن التحول لنوع "متطور" وخطر من البشر المتأثرين بهذا "المرض"، حينما يعتاشون في مرحلة متقدمة على اختراع وإطلاق الشائعات والأكاذيب التي هدفها الانتقاص من الشخصيات الذين يتتبعون حياتهم، ولهذا الصنف حديث آخر قد يطول ويتشعب.
الخلاصة: تابع من تستفيد منه، تابع فكره وتأثيره الإيجابي، لكن لا تترك كل ذلك وتتابع حياته، فتسقط في منزلق المقارنات والغيرة والحسد وتعيش معه تفاصيل حياته، وتنسى حياتك ذاتها.
سؤال يتردد في كل مرة ينشغل فيه الوسط الاجتماعي بأوضاع معنية بحياة أفراد آخرين، وتتحول لتكون قضية رأي عام، أو مادة للاهتمام تمتد لأيام.
الإجابة التلقائية تقتضي القول بأن "كل شيء له إيجابيات وله سلبيات"، وفي أمثالنا الشعبية هناك قول مفاده "الشيء إذا زاد عن حده، انقلب ضده".
لكننا هنا لسنا بصدد مناقشة ظاهرة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولها إلى "هوس" لدى البعض، بحيث يقبل بأن "يضحي بحياته" لأجلها، والمعنى أنه يضيع ساعات يومية لتتبع ما يحصل فيها.
الاطلاع للمعرفة أمر إيجابي، لكن تحويل الاطلاع إلى "تتبع" لحياة الآخرين، وسواء التأثر بها، أو بدافع الفضول هي أمور سلبية جداً، ولها تداعيات كثيرة. ولو فصلنا فيها، لربما أدرك البعض هول "المخاطرة" التي يقدم عليها بترك نفسه "ضحية" لتأثيرات هذه الوسائل.
نقطة هنا لا بد من بيانها، أننا كمجتمعات في العقود الماضية وما سبقتها نتيجة تربيتنا وموروثاتنا وعاداتنا وتقاليدنا، قلما كنت ترى فرداً أو جماعات "تقبل" عملية مشاركة الآخرين "أنماط" حياتها، كانت تعتبر الخصوصيات من "المحرمات"، وأنه لا يمكن أن تقدم حياتك للناس هكذا كما "البوفيه" المفتوح.
لكن هذا "التابو" الحميد انكسر، وأصفه بـ"الحميد"، لأنه مهما تقدمت العلوم وتطور العالم، فإن الخصوصيات تبقى خصوصيات، ولأن كثيراً ممن حولوا حياتهم إلى "ساحة هايد بارك" يدخلها أياً كان، يأتي عليه وقت "يمتعض" فيه مما يحصل، ويتفاجأ بأن الناس تعيش معه تفاصيل حياته، بل تتدخل فيها، وتؤثر آراؤها وتعليقاتها على أفعاله وقراراته.
هذه حالة بحد ذاتها تحتاج لتشخيص، نعني بها من وصل لمرحلة يجعل فيها حياته الشخصية، وتفاصيلها الخاصة أمراً متاحاً للعامة، وكأنها دعوة لمتحف مشرع أبوابه بلا رسوم.
لكن الظاهرة السلبية تتمثل بمن تركوا حياتهم، وباتوا يتتبعون حياة الآخرين، بل أصبحوا يعيشونها بتفاصيلها، عوضاً عن عيش حياتهم، والتي من المفترض أن يتذكروا بأنها سنوات وأيام وساعات ودقائق وثوانٍ إن مضت فإنها من الاستحالة أن تعود.
هي مسألة لا تتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي نفسها، بل هي مبنية على تركيبة الأفراد، خاصة ممن لديهم حب فضول واسع، وممن بات همهم متابعة الآخرين، والدخول في تفاصيل حياتهم.
الفضول ظاهرة تترسخ في الطبيعة البشرية، وأسبابها كثيرة، منها الفراغ، أو التربية، وغيرها من مسببات عديدة، لكن أخطرها عملية الشعور بالنقص.
من واقع معايشة واختلاط مع أفراد في بيئات العمل والمجتمع، وجدت بأن كثيرين ممن يهمهم متابعة حياة الآخرين، حينما يتحدثون لك عما يرونه ويقرؤونه، يكشفون لك عن نواقص عديدة لديهم، أخطرها عدم وجود أهداف لديهم في هذه الحياة، وأتحدث عن أهداف شخصية تقع في إطار "إيجاد السلام الداخلي" مع الذات، وهو أسمى الأهداف، إذ بدونه لن تعيش حياتك مرتاحاً أبداً، حتى لو ملكت كل وسائل تأمين الحياة المريحة.
الضياع في البحث عن الذات في حياة الآخرين، كارثة ما بعدها كارثة، إذ إنك تنسى حرفياً وجودك وأن لك كياناً، وأن لك حياة واحدة إن ذهبت لن تعود.
الانغماس في عيش حياة الآخرين "نقمة"، يفترض أن يدركها من يمضون بقوة في هذا الاتجاه.
ناهيكم عن التحول لنوع "متطور" وخطر من البشر المتأثرين بهذا "المرض"، حينما يعتاشون في مرحلة متقدمة على اختراع وإطلاق الشائعات والأكاذيب التي هدفها الانتقاص من الشخصيات الذين يتتبعون حياتهم، ولهذا الصنف حديث آخر قد يطول ويتشعب.
الخلاصة: تابع من تستفيد منه، تابع فكره وتأثيره الإيجابي، لكن لا تترك كل ذلك وتتابع حياته، فتسقط في منزلق المقارنات والغيرة والحسد وتعيش معه تفاصيل حياته، وتنسى حياتك ذاتها.