إن رفع شعار «هلا فبراير» يحمل جملة من الدلالات الخليجية في آن واحد، وإن تغنت به الكويت في عيد تحريرها، ففبراير موسم الأعياد الخليجية، بل لعله موسم الأعياد البحرينية تحديداً، ورغم أن كثيرين ينتظرون فبراير للاحتفال بعيد الحب، إلاَّ أننا خليجياً وبحرينياً جعلنا للحب مفاهيم وطنية سامية، فبعد احتفال مجلجل في نفوس البحرينيين بالذكرى الخمسين لتأسيس قوة دفاع البحرين، ها نحن ذا نرتدي حللاً حمراء أخرى، متزينين بحب المملكة ومتوشحين بذكرى ميثاق العمل الوطني، الذي يعد المشروع الإصلاحي الأبرز، ليس في المنطقة الخليجية وحسب، وإنما في الوطن العربي برمته، رغم وجود تجارب مقاربة في بعضها. وقد ميّز المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، توقيته الذي جعله في باكورة المواكبين للنظام العالمي الجديد، والانخراط في الأجواء الديمقراطية قبل كثير من دول المنطقة. مازلت أذكر كيف كان يوم الميثاق عرساً وطنياً بهيجاً، كنت صبية لمّا أتجاوزْ مرحلة الطفولة بعد، ولكن تفصيلات كثيرة قد خلّد القلب الوطني ذكراها قبل العقل والذاكرة.لقد حظي الشعب البحريني مع انطلاق ميثاق العمل الوطني بالكثير من الإنجازات والتحولات على المستويين السياسي والاقتصادي، وكان الجميع في حالة بهجة واعتزاز بالبحرين الجديدة حيث الحريات السياسية وحقوق المرأة المكفولة كاملةً، إلى جانب نزوع الطموح إلى حياة معيشية أفضل تضمن رفاه المواطن البحريني في مواكبة لبقية الشعوب الخليجية وربما تتقدمها، وقد أثبتت التحولات الأولية في المملكة جدية المشروع، وقوة عزم جلالة الملك على المضي قدماً في تحقيقه، رغم أن عثرة 2011 لم تكتفِ بوقف عجلة التنمية في المملكة وحسب، وإنما أرجعتنا إلى الوراء خطوات. وهو أمر لا جدال فيه، ولكننا ما زلنا نأمل الكثير، وما زلنا نحظى بملك يبذل قصارى جهده لإبراز البحرين بين الأمم رغم أنف كل التحديات ورغم كل الظروف العاصفة في المنطقة، ما يجعلنا نؤمن تماماً أن العودة إلى الوراء قد تدفعنا لمزيد من الإنجاز مع إصلاح مكامن الخلل ومواجهة المفسدين، بما يجعلنا ننطلق كالسهم، لا تزداد قوة انطلاقه إلاَّ ببضع سنتيمترات يعودها للوراء. وهذا ما حصل تماماً في الحالة البحرينية الفريدة.* اختلاج النبض:لكم أعجبني أن ينطلق في هذا التوقيت مؤتمر حول «ميثاق العمل الوطني»، من قبل مجلس النواب الذي كان أحد أهم الصروح الشاهدة على تحقق الحياة البرلمانية الديمقراطية في البحرين، ليقدم في جلساته الثلاث أهم المنجزات المتحققة من الميثاق، وليرأب ما بقي من صدع اجتماعي من هنا أو هناك، وليبحث في سبل تحقيق بقية التطلعات للمضي قدماً في ريادة البحرين.