في السنوات القليلة الممهدة لـ «2011»، حدثت نقلة كبيرة في مجال الإعلام والاتصالات. كانت قناة «الجزيرة»، قد بلغت ذروتها في الإبهار وكسب ثقة ملايين العرب المتابعين لها. وكانت شبكات التواصل الاجتماعي في مستهل طريقها للانتشار والتأثير على الناس. ومع تفجر الأوضاع سنة «2011»، وقع الكثيرون في وهم أنهم دخلوا عالم الحرية بتمكنهم من الوصول إلى «ما ظنوا أنها» حقيقة الأخبار، أو الأخبار الحقيقية، ولتمكنهم من التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم دون قيد أو وسيط.
وما أن تغير مسار طموحات وتحركات موجات «2011»، وخابت آمال ملايين العرب من المآل الذي انتهت إليه أحلامهم وآمالهم، حتى تبين للملايين المعجبين بقناة «الجزيرة» حجم الفبركات التي أنتجتها القناة، وكم الأكاذيب الكبيرة التي صنعتها، كما تبين حقيقة العشرات من المحللين والمعلقين وشهود العيان الذين جندتهم «الجزيرة». وواكب ذلك سقوطٌ مدوٍّ لبعض النخب الفكرية التي أثرت في قناعة كثير من العرب لسنوات طويلة. وعلى الرغم من تكشف دور بعض الحسابات الإلكترونية المعروفة أو ذات الأسماء المستعارة على شبكات التواصل الاجتماعية، إلا أن ميزة الاستخدام الشخصي للحسابات الإلكترونية لم يفقدها شعبيتها عند المواطن العربي، بل انجرف لاستخدامها وفي الاستعاضة عنها بعد خذلانه من وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية.
وبعد انكسار موجات ما سمي بالربيع العربي «2011»، وتناثر أشلائها في أجساد وقلوب مئات الآلاف من العرب. وبعد دخول المنطقة العربية في موجة جديدة لم تتضح معالمها بعد بدأت من «2017»، تحديدا، بدأت تتجلى ظواهر لوسائل الإعلام الاجتماعي شكلت خطراً وخيما على مستخدميها. فبغض النظر عن كم الأكاذيب والتحريض والتوجهات السياسية والفكرية المشوهة التي جندت لأجلها آلاف الحسابات وآلاف الأشخاص، فإن استخدام ساحة الإعلام الاجتماعي للإضرار بالناس قد دخل مرحلة مقلقة غير مسبوقة.
بدأت أولى مظاهر الإضرار بمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي حين استقرت الأمور بعد سنة «2011»، واشتغال حسابات موجهة من جهات معينة بالتنقيب في التغريدات والمنشورات القديمة لكثير من الناس الذين عبروا عن مواقفهم فيها في ظرف سياسي واجتماعي خاص، وفي حالة حماسية وانفعالية معينة، وتم استخدامها للابتزاز والتخوين والترهيب. مما حدا بالبعض للعودة لتغريداته ومنشوراته القديمة ومسح الكثير منها. ثم تم تأسيس ما صار يسمى بـ «الجيوش الإلكترونية» أو «الذباب الإلكتروني»، التي من مهامها افتعال الأخبار أو الترويج للأخبار والتوجهات بشكل منظم، وتدشين «الهاشتاغات» وإغراقها بآلاف التغريدات والمنشورات، أو احتلال «الهاشتاغات» التي يدشنها الآخرون من أجل التشويش على أفكار الآخرين. وتميزت تلك الجيوش الإلكترونية بالحرب الشرسة ضد الأفراد والدول والإساءة غير المسبوقة للآخرين باستخدام أفظع الألفاظ والتعابير والخوض في الخصوصيات. مما جعل تلك البيئة مكاناً منفراً يدعو للاجتناب وترك المكان حكراً على تلك الجيوش تعبر كما تشاء وتحتل مواقع الرأي لها فقط.
وآخر وسائل الترهيب التي اجتاحت ساحة التواصل الاجتماعي هو القدرة على اختراق الحسابات الشخصية أو الأجهزة الشخصية للأفراد والتجسس على المحادثات الشخصية وتسريبها واستخدامها في أغراض سياسية وشخصية وقانونية تهدد مستقبل الأفراد المهني والسياسي والشخصي! وهو السلوك الذي تفاقم معه شعور الأفراد بانعدام الحرية الشخصية وهيمنة حالة التلصص والتجسس من قبل أفراد عاديين قادرين على الإضرار بأشخاص، قد يكونون غير ناشطين، ولكنهم قد يدفعون ثمن ما يفكرون فيه وما يناقشونه وما يقولونه في حيز مغلق غير علني.
وبذلك تتلاشى تماماً حالة الوهم بالحرية التي انتشى بها المواطن العربي إبان سنة «2011». ويتلاشى الوهم بوصول المواطن العربي إلى حقيقة الأحداث والمعلومات الموثوقة وهو في منزله دون عناء التنقيب والترجيح والتدقيق. وبعد أن كان المواطن العربي يحسب حساب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في مناقشاته العامة الجريئة وفي كتاباته العامة المتجاوزة للخطوط الحمراء، صار يخشى مجهولين لا يعرفهم، ولا يعرف أهدافهم، وصار يحسب حساب المزاح أو التلميح أو ذكر أسماء معينة، أو التعبير عن تذمر ما أو الشكوى من موضوع ما، إذ بالإمكان التقاطه وإعادة إنتاجه واستخدامه لكسر الرأس وقطع اللسان، دون تدخل من الأجهزة الأمنية في كل تلك العملية!!
وما أن تغير مسار طموحات وتحركات موجات «2011»، وخابت آمال ملايين العرب من المآل الذي انتهت إليه أحلامهم وآمالهم، حتى تبين للملايين المعجبين بقناة «الجزيرة» حجم الفبركات التي أنتجتها القناة، وكم الأكاذيب الكبيرة التي صنعتها، كما تبين حقيقة العشرات من المحللين والمعلقين وشهود العيان الذين جندتهم «الجزيرة». وواكب ذلك سقوطٌ مدوٍّ لبعض النخب الفكرية التي أثرت في قناعة كثير من العرب لسنوات طويلة. وعلى الرغم من تكشف دور بعض الحسابات الإلكترونية المعروفة أو ذات الأسماء المستعارة على شبكات التواصل الاجتماعية، إلا أن ميزة الاستخدام الشخصي للحسابات الإلكترونية لم يفقدها شعبيتها عند المواطن العربي، بل انجرف لاستخدامها وفي الاستعاضة عنها بعد خذلانه من وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية.
وبعد انكسار موجات ما سمي بالربيع العربي «2011»، وتناثر أشلائها في أجساد وقلوب مئات الآلاف من العرب. وبعد دخول المنطقة العربية في موجة جديدة لم تتضح معالمها بعد بدأت من «2017»، تحديدا، بدأت تتجلى ظواهر لوسائل الإعلام الاجتماعي شكلت خطراً وخيما على مستخدميها. فبغض النظر عن كم الأكاذيب والتحريض والتوجهات السياسية والفكرية المشوهة التي جندت لأجلها آلاف الحسابات وآلاف الأشخاص، فإن استخدام ساحة الإعلام الاجتماعي للإضرار بالناس قد دخل مرحلة مقلقة غير مسبوقة.
بدأت أولى مظاهر الإضرار بمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي حين استقرت الأمور بعد سنة «2011»، واشتغال حسابات موجهة من جهات معينة بالتنقيب في التغريدات والمنشورات القديمة لكثير من الناس الذين عبروا عن مواقفهم فيها في ظرف سياسي واجتماعي خاص، وفي حالة حماسية وانفعالية معينة، وتم استخدامها للابتزاز والتخوين والترهيب. مما حدا بالبعض للعودة لتغريداته ومنشوراته القديمة ومسح الكثير منها. ثم تم تأسيس ما صار يسمى بـ «الجيوش الإلكترونية» أو «الذباب الإلكتروني»، التي من مهامها افتعال الأخبار أو الترويج للأخبار والتوجهات بشكل منظم، وتدشين «الهاشتاغات» وإغراقها بآلاف التغريدات والمنشورات، أو احتلال «الهاشتاغات» التي يدشنها الآخرون من أجل التشويش على أفكار الآخرين. وتميزت تلك الجيوش الإلكترونية بالحرب الشرسة ضد الأفراد والدول والإساءة غير المسبوقة للآخرين باستخدام أفظع الألفاظ والتعابير والخوض في الخصوصيات. مما جعل تلك البيئة مكاناً منفراً يدعو للاجتناب وترك المكان حكراً على تلك الجيوش تعبر كما تشاء وتحتل مواقع الرأي لها فقط.
وآخر وسائل الترهيب التي اجتاحت ساحة التواصل الاجتماعي هو القدرة على اختراق الحسابات الشخصية أو الأجهزة الشخصية للأفراد والتجسس على المحادثات الشخصية وتسريبها واستخدامها في أغراض سياسية وشخصية وقانونية تهدد مستقبل الأفراد المهني والسياسي والشخصي! وهو السلوك الذي تفاقم معه شعور الأفراد بانعدام الحرية الشخصية وهيمنة حالة التلصص والتجسس من قبل أفراد عاديين قادرين على الإضرار بأشخاص، قد يكونون غير ناشطين، ولكنهم قد يدفعون ثمن ما يفكرون فيه وما يناقشونه وما يقولونه في حيز مغلق غير علني.
وبذلك تتلاشى تماماً حالة الوهم بالحرية التي انتشى بها المواطن العربي إبان سنة «2011». ويتلاشى الوهم بوصول المواطن العربي إلى حقيقة الأحداث والمعلومات الموثوقة وهو في منزله دون عناء التنقيب والترجيح والتدقيق. وبعد أن كان المواطن العربي يحسب حساب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في مناقشاته العامة الجريئة وفي كتاباته العامة المتجاوزة للخطوط الحمراء، صار يخشى مجهولين لا يعرفهم، ولا يعرف أهدافهم، وصار يحسب حساب المزاح أو التلميح أو ذكر أسماء معينة، أو التعبير عن تذمر ما أو الشكوى من موضوع ما، إذ بالإمكان التقاطه وإعادة إنتاجه واستخدامه لكسر الرأس وقطع اللسان، دون تدخل من الأجهزة الأمنية في كل تلك العملية!!