طالت الانتقادات الشرسة في الآونة الأخيرة غالبية أعضاء مجلس النواب بسبب سوء أدائهم في المجلس. جاء هذا النقد بعد أن تكشَّف للجميع حجم الفراغات التشريعية الهائلة التي لم يستطع هؤلاء النواب أن يملؤوها خلال دور الانعقاد الحالي وحتى السابق كذلك، فكانت بعض مقترحاتهم التي تبنوها وكأنها مجرد دعابة أو «نكتة» والبعض الآخر لم يستطع أن يقدم مقترحاً واحداً طيلة الفترات الماضية، بينما هناك من لا يعرف كيف يتحدث بشكل لائق فضلاً على أن يُشرع!
من قاعدة «فاقد الشيء لا يعطيه» لا يمكن للنواب أن يقدموا لناخبيهم أكثر مما قدموه بسبب عدم امتلاكهم أدوات المهنة الحقيقية للنائب، ولربما يعود السبب في ذلك -وهو مربط الفرس وحديثنا هنا- هو عدم وجود معايير علمية وقوية ومعتمدة ورصينة في اشتراطات المترشحين منذ البداية. هذا الأمر صعب «المأمورية» على الكثير من أعضاء مجلس النواب الحاليين وحتى السابقين بسبب عدم امتلاكهم الثقافة والإمكانيات والقدرات العلمية والمعرفية والقانونية التي تؤهلهم للعب دور «المُشرع»، فمجلس النواب هو مجلس تشريعي صرف، ومن لا يستطيع فهم أدوات اللعبة القانونية فإنه لن يستطيع أن ينجز أي شيء له علاقة بوضع التشريعات وسنِّها. ليس هذا وحسب، بل إن عدم امتلاك الكثير من النواب للأدوات الأخرى المهمة كالشهادة العلمية في مجال التشريع وعدم قدرتهم على التحدث بلغات مختلفة تثري عطاءهم ساهم في عدم تقديم يد المساعدة للمجلس ولتشريعاته.
لا تكفي شهادة «حسن سيرة وسلوك» لقبول الترشح لمجلس النواب، بل يجب أن تُكشف ذممهم المالية بكل شفافية ومتابعة هذه «الذمم» بشكل دوري خلال فترة وجودهم في المجلس، كما يجب أن يلم النائب بأكثر من لغة غير لغته الأم التي يجب أن يتقنها بكل قوة، وأن يمتلك شهادة أكاديمية أو ما يعادلها في مجالات القانون والتشريع وكل ما له علاقة بمجال عملهم التشريعي والنيابي. أمَّا أن تختفي هذه المعايير الحساسة والمهمة والعلمية من جدول الاشتراطات المتعلقة بالمترشحين لمجلس النواب والاعتماد على شهادة حسن سيرته وسلوكه وأنه مجرد «خوش إنسان»، فإن التجربة البرلمانية عندنا لن تتطور إلا في مجالات محددة وضيقة للغاية، لأن محور التجربة -وهو النائب- لم تتطور آلية اختياره بالشكل المناسب للتجربة البحرينية التي هي وليدة مقارنة بالتجارب المتقدمة. فإذا ما أردنا أن نتقدم في هذا المجال والحصول على برلمان فاعل ومؤثر في الشأن التشريعي فما علينا سوى تطوير «النائب» -الذي يعتبر ركيزة العمل البرلماني- من خلال اعتمادية صريحة في اختياره وفق معايير صارمة ومحددة المعالم لأجل العطاء والبناء، أمَّا ما بين أيدينا من اشتراطات فإنها غير ذات جدوى إطلاقاً إذا ما أردنا إثراء التجربة البرلمانية عندنا في البحرين.
{{ article.visit_count }}
من قاعدة «فاقد الشيء لا يعطيه» لا يمكن للنواب أن يقدموا لناخبيهم أكثر مما قدموه بسبب عدم امتلاكهم أدوات المهنة الحقيقية للنائب، ولربما يعود السبب في ذلك -وهو مربط الفرس وحديثنا هنا- هو عدم وجود معايير علمية وقوية ومعتمدة ورصينة في اشتراطات المترشحين منذ البداية. هذا الأمر صعب «المأمورية» على الكثير من أعضاء مجلس النواب الحاليين وحتى السابقين بسبب عدم امتلاكهم الثقافة والإمكانيات والقدرات العلمية والمعرفية والقانونية التي تؤهلهم للعب دور «المُشرع»، فمجلس النواب هو مجلس تشريعي صرف، ومن لا يستطيع فهم أدوات اللعبة القانونية فإنه لن يستطيع أن ينجز أي شيء له علاقة بوضع التشريعات وسنِّها. ليس هذا وحسب، بل إن عدم امتلاك الكثير من النواب للأدوات الأخرى المهمة كالشهادة العلمية في مجال التشريع وعدم قدرتهم على التحدث بلغات مختلفة تثري عطاءهم ساهم في عدم تقديم يد المساعدة للمجلس ولتشريعاته.
لا تكفي شهادة «حسن سيرة وسلوك» لقبول الترشح لمجلس النواب، بل يجب أن تُكشف ذممهم المالية بكل شفافية ومتابعة هذه «الذمم» بشكل دوري خلال فترة وجودهم في المجلس، كما يجب أن يلم النائب بأكثر من لغة غير لغته الأم التي يجب أن يتقنها بكل قوة، وأن يمتلك شهادة أكاديمية أو ما يعادلها في مجالات القانون والتشريع وكل ما له علاقة بمجال عملهم التشريعي والنيابي. أمَّا أن تختفي هذه المعايير الحساسة والمهمة والعلمية من جدول الاشتراطات المتعلقة بالمترشحين لمجلس النواب والاعتماد على شهادة حسن سيرته وسلوكه وأنه مجرد «خوش إنسان»، فإن التجربة البرلمانية عندنا لن تتطور إلا في مجالات محددة وضيقة للغاية، لأن محور التجربة -وهو النائب- لم تتطور آلية اختياره بالشكل المناسب للتجربة البحرينية التي هي وليدة مقارنة بالتجارب المتقدمة. فإذا ما أردنا أن نتقدم في هذا المجال والحصول على برلمان فاعل ومؤثر في الشأن التشريعي فما علينا سوى تطوير «النائب» -الذي يعتبر ركيزة العمل البرلماني- من خلال اعتمادية صريحة في اختياره وفق معايير صارمة ومحددة المعالم لأجل العطاء والبناء، أمَّا ما بين أيدينا من اشتراطات فإنها غير ذات جدوى إطلاقاً إذا ما أردنا إثراء التجربة البرلمانية عندنا في البحرين.