ليست المرة الأولى، ولا أحسبها الأخيرة.. التي يطلق فيها الحوثيون صواريخهم صوب السعودية. ومن المؤكد أن تلك الحالة المتكررة من تهديد الرياض في أمنها واستقرارها وما قد يلحقه من ترويع للآمنين، أمر لا يمكن السكوت عنه، غير أنه لا يمكن أخذه ببساطة الغاضبين دون ضابط في حمية قد تكون مدمرة إذا لم يتم القبض على زمام خيوط اللعبة بروية. من هنا فإننا أمام مواجهة حقيقة مع عدو أراد تقويض دعامات سلمنا وترويعنا وأصبح علينا بالضرورة السعي للتوصل إلى مبررات الحوثيين في تكرارهم قصف الرياض!

لقد كرر الحوثيون قصفهم للرياض من أجل تحقيق هدفهم بشأن الاعتراف بوجودهم رسمياً وليصبحوا طرفاً أساسياً في أي مفاوضات مقبلة بشأن تسوية الحرب وإعادة الاستقرار إلى اليمن، ومع ما يثار من حولهم بشأن احتمالات انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي بصيغة أو بأخرى، أدركوا أن إخراجهم من المعادلة التي أقحموا أنفسهم فيها قد بات قريباً، فأرادوا أن يؤكدوا على أهمية وجودهم بفرض القوة. كما أراد الحوثي من خلال قصف الرياض، تسجيل انتصارات وهمية تمنحه من الشعبية والأهلية -بين المناوئين للشرعية في اليمن- ما يعينه على ضمهم إليه كلاعبين جدد في صفوف الحوثي، ويبدو أن الفئة المستهدفة في المقام الأول أبناء عم صالح وأبناء إخوته، فضلاً عن أطراف يمنية أخرى.

يضاف إلى دوافع الحوثي من تكرار قصف الرياض بعض مراعاة الظروف التي وقع فيها التحالف عسكرياً، والتي لا يمكن في حقيقة الأمر عدّها أخطاءً حقيقية لمراعاتها جوانب إنسانية مثل تجنب قصف المدن والمدنيين ومراعاة المجاعات، ورغم أنه أمر نثمنه خليجياً تجاه بلد جوار شقيق، ولكن ذلك أتاح الفرصة للحوثيين لمزيد من البقاء والاستمرار وبالتالي التمدد والاستقواء، وتفسير الأمر على أنه ضعف من التحالف أو عدم قدرة على تجاوز خطوط ما. أيضاً كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن سياسة «شراء الوقت» والتي عادةً ما يركن إليها في المفاوضات، فالحوثيون أرادوا شراء مزيد من الوقت وإلهاء التحالف بقصف الرياض بينما ينتظرون وصول دعماً لوجستياً إيرانياً جديداً، وفي نفس الوقت ينتظرون نجاح مساعيهم في تحقيق ضغط دولي على التحالف العربي بذرائع إنسانية.

* اختلاج النبض:

اتخذ الحوثيون تاريخ بداية الحرب كذريعة لإحياء ذكراها وشن قصفهم الغاشم للمدن السعودية، لكن حقيقة الأمر أنهم يجددون دون وعي شيطنة أنفسهم بقصف المدنيين، وهو ما تترفع عنه قوات التحالف العربي.