يثبت النظام الإيراني يوماً بعد يوم أنه نظام عنصري بامتياز، لا يجيد أبداً جمع الشعب حوله بل العكس، ويتعامل بغباء ورعونة معروفة عنه مع تلك الشعوب والقوميات التي تشكل هذه الجمهورية، ولعل ذلك من الأسباب الرئيسة التي تجعل هذا النظام غير مستقر، وثورات الشعب الإيراني ضده مستمرة، خاصة ثورة ديسمبر التي لاتزال قائمة ولم تهدأ بالرغم من انخفاض معدل التعاطي الإعلامي معها بالشكل المطلوب بسبب قطع هذا النظام لكل وسائل التواصل الاجتماعي.

وها هو النظام يعود من جديد هذه المرة إلى الأحواز، ذلك الإقليم العربي الذي لن يستطيع النظام الإيراني بكل ما أوتي من قوة في الكذب والدجل والفبركات الإعلامية والسياسية أن يغير من هوية الأحواز والأحوازيين العرب، فالتاريخ يشهد بعروبة هذا الإقليم وكذلك طبيعة الشعب الأحوازي الذي لايزال محافظاً على هويته العربية بالرغم من المحاولات المستميتة من النظام الإيراني في تغييرها، إلا أن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها وهي أن هذا الشعب عربي فقط.

النظام الإيراني وقع في مأزق كبير عندما بادر بالإساءة إلى العرب الأحوازيين عبر برنامج سخيف ومهين بثه التلفزيون الرسمي الإيراني بمناسبة أعياد رأس السنة الفارسية أو كما يسمى «النوروز»، الأمر الذي أدى إلى استنكار الأحوازيين للبرنامج وتجمع العديد منهم حول مبنى للتلفزيون مطالبين بتقديم اعتذار عن هذه الإهانة العنصرية والمهينة للشعب الأحوازي العربي، وطبعاً النظام الإيراني بعنصريته البغيضة لم ولن يقبل بالتأكيد الاعتذار للعرب الأحوازيين، وحاول -كعادته- الالتفاف على تلك الإهانة وتهدئة الشعب دون تقديم اعتذار له، وأرسل أحد أعضاء مجلس الشورى ويدعى علي سواري للأحوازيين لتهدئتهم، لكنهم رفضوا وأصروا على موقفهم بكل قوة.

وسرعان ما تفجر الوضع في الأحواز العربية، وتفاقمت الأمور ليقوم الشعب الأحوازي بثورته ضد النظام الإيراني، ثم تطورت المظاهرات لتشمل رفع شعارات تستنكر الاضطهاد القومي والتمييز العنصري وسياسات التغيير الديمغرافي في الإقليم بهدف تحويل الشعب الأحوازي من أكثرية إلى أقلية في موطنهم من خلال إحلال سكان مهاجرين غير عرب لتغيير ديمغرافية هذا الإقليم العربي، وهذه سياسة النظام الإيراني في كل دولة يسيطر عليها وهي إحلال مهاجرين محل السكان الأصليين، وقد فعل ذلك في مناطق بالعراق وسوريا، ولكن الشعب الأحوازي زاد من انتفاضته ورفضه لسياسات النظام الإيراني، بالرغم من أن هذا الشعب لم يهدأ أبداً ويقاوم ببسالة هذا النظام العنصري المستبد، غير أن ذلك البرنامج التلفزيوني العنصري رفع من وتيرة الانتفاضات والمظاهرات والاحتجاجات، بل إن الأحوازيين أثبتوا حجم الضعف الداخلي للنظام الإيراني الذي لم يستطع حتى الآن السيطرة على ثورة الأحوازيين العرب بل لم يستطع السيطرة على ثورات كل الأقاليم المشتعلة ضده منذ ديسمبر الماضي، رغم كل محاولات هذا النظام في استخدامه للعنف والقوة والبطش للتنكيل بالشعب وإخماد ثورته ووأد مطالبه وحقوقه في العيش بكرامة، إلا أن كل ذلك العنف لم ينجح مع شعب يدافع عن حقه في الحياة والتخلص من نظام عنصري بغيض.

لايزال الوضع محتدماً في الأحواز العربية، ومجلس المقاومة الإيرانية في باريس أعلن وقوفه مع الشعب الأحوازي ورفض في بيان أصدره تلك العنصرية من النظام تجاه الأحوازيين العرب، ولقد كانت أحداث الأحواز عاملاً قوياً لاستمرار وارتفاع وتيرة ثورة الشعب الإيراني في العديد من المناطق ضد النظام الذي لم يستطع الخروج منها بسلام منذ ديسمبر الماضي، وبسببها استنزف طاقاته المادية والبشرية في محاولة لإخماد ثورة لم تخمد بعد، وهذا تأكيد على ضعفه في الداخل وتهلهل نظامه الذي حتى وإن حاول خداع الآخرين بقوته على المستوى الخارجي إلا أنه في الداخل مهدد بالسقوط في أي لحظة، فالنظام الذي يحارب شعبه ويسعى لإذلاله لن يستمر عندما يثور هذا الشعب عليه.