عندما تدفقت القطرات الأولى من ذلك السائل الأسود اللزج في يوم قائظ من أيام شهر يونيو عام 1932، ما تصور أبناء هذه البلاد أن ذلك السائل «الغريب العجيب» سيغير قدر بلادهم، بعد سنواتٍ طوال عجاف من أعمال الحفر المضنية والشاقة.
حتى العاملون في أعمال الحفر أنفسهم ما كانوا حينئذ على دراية تامة بما سيشكله هذا «الكنز» من أهمية قصوى في اقتصاديات هذه البلاد.
فحينما تفجر البئر رقم «1» للمرة الأولى بالنفط واصطبغت به وجوه العمال الكادحين، كان وجه التنمية والمستقبل في البحرين يتشكلان أيضاً بالتزامن مع الطفرة الاقتصادية الكبرى التي هيأها لها اكتشاف النفط.
وبحسب الرواية التاريخية لهذا الحدث الكبير فإن البترول قد تدفق آنذاك من البئر على مدى ساعة وعشر دقائق، أنتجت خلالها نحو 500 برميل من البترول الخام، وفي يوم 25 ديسمبر عام 1932 تفجر ثاني بئر نفط في البحرين.
كانت البحرين أول دولة خليجية يتم اكتشاف النفط فيها، وقد تزامن ذلك مع فترة انهيار السوق العالمي للؤلؤ. وفي سنة 1934، تم شحن أول دفعة من النفط. وفي سنة 1935، زاد الإنتاج على مليون وربع مليون برميل، وفي سنة 1940 وصل الإنتاج إلى سبعة ملايين برميل، أما في سنة 1970 فقد بلغ 28 مليون برميل ثم انخفض الإنتاج بناءً على رغبة الحكومة آنذاك في المحافظة على هذه الثروة، خاصة وأن احتياطي النفط المعروف في البحرين محدود ولا يتعدى 360 مليون برميل.
وهكذا كانت البحرين، لا بل الخليج بأكمله، منذ ذلك التاريخ على موعد مع القفزات المتتالية نحو التنمية والرخاء والتعمير والازدهار، فإلى جانب ما بات يشكله النفط من مورد اقتصادي أبرز في اقتصاديات هذه الدول فقد أسهم في توفير فرص عمل مجزية لمواطنيها والوافدين إليها، كما أسهم في تحسين مداخيلهم ومعيشتهم بوجه عام، من خلال ازدهار مشاريع التنمية والخدمات وتطوير البنى التحتية.
ستة وثمانون عاماً تفصل بين ذلك التاريخ وبين يوم الثالث من أبريل 2018.. هذا اليوم الذي سيخلده التاريخ باكتشاف أكبر حقل نفط في تاريخ مملكة البحرين، حيث أعلنت اللجنة العليا للثروات الطبيعية والأمن الاقتصادي أنه قد تم التوصل إلى مورد كبير من النفط الصخري الخفيف تقدر كمياته بأضعاف حقل البلاد، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الغاز العميق. وقد جاء هذا الاكتشاف ثمرة توجيه حكيم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، لإعطاء الأولوية القصوى لعمليات استكشاف النفط لزيادة موارد البحرين.
يتزامن هذا الاكتشاف مع فترة تراجع عالمي في أسعار النفط ووضع مالي صعب تمر به اقتصاديات دول المنطقة -ومن بينها البحرين- الأمر الذي دفع عديداً من تلك الدول إلى اعتماد سياسة «شد الحزام».. وما أشبه الليلة بالبارحة؟!
فعندما اكتشف البئر الأول كانت البحرين تعاني من تبعات انهيار السوق العالمي للؤلؤ، موردها الاقتصادي الأهم آنذاك، أما اليوم فهي تعاني من تبعات الأزمة المالية العالمية وتراجع أسعار النفط وتكبد موازناتها ديوناً بالمليارات.
لذلك، فإننا نأمل أن يسهم هذا الحقل النفطي الجديد في تعديل ميزان الموازنة العامة للدولة وإنعاشها ورفد مواردها، وتحسين معيشة المواطنين من الجوانب كافة، ووضع حلول لمشكلة الدين العام للدولة الذي يرتفع ارتفاعاً مطرداً مخيفاً.
وفي الختام، فإننا نبارك للبحرين قيادة وشعباً وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، بهذا الاكتشاف الخيّر، ونسأل الله جلّ وعلا أن يهيئ لهذه البلاد من خيرات الأرض والسماء ما يكفيها ويغنيها ويحميها.. وعمار يا البحرين.
* سانحة:
«الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والإحساس بالكرامة». «غازي القصيبي».
{{ article.visit_count }}
حتى العاملون في أعمال الحفر أنفسهم ما كانوا حينئذ على دراية تامة بما سيشكله هذا «الكنز» من أهمية قصوى في اقتصاديات هذه البلاد.
فحينما تفجر البئر رقم «1» للمرة الأولى بالنفط واصطبغت به وجوه العمال الكادحين، كان وجه التنمية والمستقبل في البحرين يتشكلان أيضاً بالتزامن مع الطفرة الاقتصادية الكبرى التي هيأها لها اكتشاف النفط.
وبحسب الرواية التاريخية لهذا الحدث الكبير فإن البترول قد تدفق آنذاك من البئر على مدى ساعة وعشر دقائق، أنتجت خلالها نحو 500 برميل من البترول الخام، وفي يوم 25 ديسمبر عام 1932 تفجر ثاني بئر نفط في البحرين.
كانت البحرين أول دولة خليجية يتم اكتشاف النفط فيها، وقد تزامن ذلك مع فترة انهيار السوق العالمي للؤلؤ. وفي سنة 1934، تم شحن أول دفعة من النفط. وفي سنة 1935، زاد الإنتاج على مليون وربع مليون برميل، وفي سنة 1940 وصل الإنتاج إلى سبعة ملايين برميل، أما في سنة 1970 فقد بلغ 28 مليون برميل ثم انخفض الإنتاج بناءً على رغبة الحكومة آنذاك في المحافظة على هذه الثروة، خاصة وأن احتياطي النفط المعروف في البحرين محدود ولا يتعدى 360 مليون برميل.
وهكذا كانت البحرين، لا بل الخليج بأكمله، منذ ذلك التاريخ على موعد مع القفزات المتتالية نحو التنمية والرخاء والتعمير والازدهار، فإلى جانب ما بات يشكله النفط من مورد اقتصادي أبرز في اقتصاديات هذه الدول فقد أسهم في توفير فرص عمل مجزية لمواطنيها والوافدين إليها، كما أسهم في تحسين مداخيلهم ومعيشتهم بوجه عام، من خلال ازدهار مشاريع التنمية والخدمات وتطوير البنى التحتية.
ستة وثمانون عاماً تفصل بين ذلك التاريخ وبين يوم الثالث من أبريل 2018.. هذا اليوم الذي سيخلده التاريخ باكتشاف أكبر حقل نفط في تاريخ مملكة البحرين، حيث أعلنت اللجنة العليا للثروات الطبيعية والأمن الاقتصادي أنه قد تم التوصل إلى مورد كبير من النفط الصخري الخفيف تقدر كمياته بأضعاف حقل البلاد، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الغاز العميق. وقد جاء هذا الاكتشاف ثمرة توجيه حكيم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، لإعطاء الأولوية القصوى لعمليات استكشاف النفط لزيادة موارد البحرين.
يتزامن هذا الاكتشاف مع فترة تراجع عالمي في أسعار النفط ووضع مالي صعب تمر به اقتصاديات دول المنطقة -ومن بينها البحرين- الأمر الذي دفع عديداً من تلك الدول إلى اعتماد سياسة «شد الحزام».. وما أشبه الليلة بالبارحة؟!
فعندما اكتشف البئر الأول كانت البحرين تعاني من تبعات انهيار السوق العالمي للؤلؤ، موردها الاقتصادي الأهم آنذاك، أما اليوم فهي تعاني من تبعات الأزمة المالية العالمية وتراجع أسعار النفط وتكبد موازناتها ديوناً بالمليارات.
لذلك، فإننا نأمل أن يسهم هذا الحقل النفطي الجديد في تعديل ميزان الموازنة العامة للدولة وإنعاشها ورفد مواردها، وتحسين معيشة المواطنين من الجوانب كافة، ووضع حلول لمشكلة الدين العام للدولة الذي يرتفع ارتفاعاً مطرداً مخيفاً.
وفي الختام، فإننا نبارك للبحرين قيادة وشعباً وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، بهذا الاكتشاف الخيّر، ونسأل الله جلّ وعلا أن يهيئ لهذه البلاد من خيرات الأرض والسماء ما يكفيها ويغنيها ويحميها.. وعمار يا البحرين.
* سانحة:
«الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والإحساس بالكرامة». «غازي القصيبي».