لا نعرف من أين نبدأ بمعضلة تكدّس أرتال الشاحنات الممتدة بامتداد البصر من إشارات الحد الصناعية حتى العمق الداخلي لميناء خليفة من الجهتين. وفي نهاية الشارع ذاته هناك، ستجد مثلها أو يقلّون قليلاً باتجاه التأمين المؤدي إلى جسر الملك فهد.

تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي وبقوة مؤخراً مقاطع فيديو جديدة تبين لنا حجم هذه المشكلة التي تعاني منها شوارعنا ومؤسساتنا التجارية وكل السائقين الذين يعملون في هذه المهنة الشاقة والقاسية والخطيرة، وبكل تأكيد يعاني منها أيضاً رجال الجمارك الذين يقومون بتفتيش وترتيب خروج هذه الشاحنات -من وإلى- مملكة البحرين، خاصة إذا تكدست وتجمَّعت الشاحنات تلك لمدد طويلة جداً فتكون مهمتهم ومسؤوليتهم الجمركية بعد ذلك صعبة وشاقة وربما مستحيلة.

النقطة الأهم والتي نود تناولها في هذا الملف الجامد غير المتحرك منذ أعوام طويلة أو في هذا الملف المشوش هو عدم إنصاف سواق الشاحنات من البحرينيين عند منافذنا، فالجمارك عندنا في البحرين تعاملهم معاملة الأجنبي وسنبيِّن بعد قليل ماذا نقصد بهذا الأمر خشية أن يتهمنا بعضهم بالعنصرية.

يخبرنا سوَّاق الشاحنات من البحرينيين -وهم قلة يعدّون على الأصابع مقابل السُّواق الأجانب بمختلف جنسياتهم- بأنهم يتلقون أفضل معاملة عند منافذ كافة الدول الخليجية، بل إنهم يتلقون معاملة مميزة وخاصة أيضاً وذلك بتسهيل أمورهم كبحرينيين متمثلاً هذا الأمر بعدم تأخيرهم في الطوابير الطويلة كبقية السُّواق الأجانب في كل المنافذ الخليجية، فحين يشاهد موظف الجمارك هناك أي سائق شاحنة بحريني فإنه يقوم بتقديمه على بقية السُّواق الآخرين، بينما يقول هؤلاء السُّواق من البحرينيين إنهم يُعامَلون في منافذ وجمارك البحرين كأي سائق أجنبي آخر إلا في حالات خاصة وقليلة، فهم ينتظرون بالأيام في طوابير الشاحنات كبقية الآخرين إذا وصلوا بلدهم البحرين!

سنقول لكم الآن ما الذي يدعونا لتبني مشكلة سواق الشاحنات من البحرينيين وعدم قبولنا أن يعاملوا معاملة الأجنبي.

إن أصحاب الشاحنات من البحرينيين عادة ما تكون شاحناتهم ملكاً لهم، وهذا يعني «وبالعربي الفصيح» أنها مصدر رزقهم الوحيد، وإن أي تأخير في الخروج والدخول من وإلى البحرين سيسبب لهم خسائر فادحة باعتبار أهمية عامل الوقت في هذه المهنة القاسية أصلاً بالنسبة للبحرينيين تحديداً، بينما الأجانب تكون معظم شاحناتهم ملكاً للمؤسسات والشركات التي يعملون لديها. الأمر الآخر هو أن البحريني لديه أسرة يعيلها ويحتاج للعودة إليها في أسرع وقت بعد رحلة خارجية شاقة بشاحنته قد تستغرق أكثر من عشرة أيام أو يزيد أحياناً، بينما الأجنبي ليست لديه أية التزامات اجتماعية داخل البحرين، ومن هنا يكون تمييز وتسهيل وتيسير أمور البحرينيين ينطلق من هذا الفهم وليس لأي أمر آخر.

ما «يحز» في النَّفس من مفارقات غريبة هو أن هذه الصورة التي طرحناها باتت واضحة في منافذ المملكة العربية السعودية الشقيقة والإمارات والكويت وعمان عند العاملين في جماركها بينما لم تتضح ذات الصورة حتى هذه اللحظة في تصور وأذهان وقرارات المسؤولين البحرينيين الأعزاء في منافذنا الحدودية البرية. نتمنى من الإخوة المسؤولين في منافذ البحرين أن يقوموا بمساعدة أصحاب الشاحنات من البحرينيين والذين ليس لهم مصدر دَخْلٍ آخر سوى شاحنة تظل في مينائنا وشوارعنا بالأيام والليالي دون الالتفات لأصحابها. هذا ما لزم التنويه إليه ولفت نظر المسؤول عندنا ولا شيء سوى ذلك.