بينما تنفق إيران عشرات المليارات على دعم إرهاب الميليشيات المسلحة والأنظمة التابعة لها في المنطقة، ووسط اتهامات محافظين وإصلاحيين من أبناء الثورة الإيرانية، فضلاً عن اتهامات المعارضة الإيرانية للمرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي بالفساد، تواصل العملة الإيرانية انهيارها على وقع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته مجموعة دول «5 + 1»، «الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا»، مع إيران، في 14 يوليو 2015، وهو الاتفاق الذي يلزم طهران بتقليص قدرات برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
ولهذا تستعد إيران لكل السيناريوهات المحتملة بما في ذلك إما بقاء الاتفاق النووي دون الولايات المتحدة أي مع الموقعين الأوروبيين والصين وروسيا أو لا اتفاق على الإطلاق، وفقاً لتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي حذر من أن رد طهران سيكون أقوى مما يتخيل ترامب، لاسيما أن إيران حذرت قبل فترة من أنها ستسرع وتيرة برنامجها النووي إذا انهار الاتفاق بهدف الوصول إلى مستوى متقدم عما كانت عليه قبل الاتفاق. وهوى الريال الإيراني إلى مستوى منخفض بسبب مخاوف مستمرة من عودة العقوبات القاسية إذا نفذ ترامب وعيده، حيث قفز في يوم واحد من 54700 ريال إلى 58 ألف ريال في السوق المفتوحة بطهران، بينما كان سعر الدولار قد وصل منتصف سبتمبر الماضي إلى 36 ألف ريال. وبالتالي انخفضت قيمة الريال الإيراني خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة تزيد عن 6 % مقابل الدولار لتسجل أدنى معدلاتها على وقع مخاوف من انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، بينما يمكن اعتبار أن العملة الإيرانية خسرت نحو 30 % من قيمتها مقابل الدولار خلال 6 أشهر، في وقت يتزايد الفارق بين سعر السوق المفتوحة وسعر الصرف الرسمي الذي حدده البنك المركزي بـ37814 ريالاً للدولار، ما يهدد بعودة التضخم المرتفع الذي حاولت الحكومة الإيرانية السيطرة عليه لكن دون جدوى. وبينما بلغ سعر الريال 58 ألف ريال مقابل الدولار عند إغلاق السوق المفتوح، وهو انخفاض بنحو الثلث خلال الأشهر الستة الأخيرة، واصل الفرق بين السعر الرسمي للريال الذي وصل إلى 37.814 اتساعه. ومع تزايد الغموض بشأن مصير الاتفاق النووي، من المحتمل أن تواصل العملة الإيرانية انهيارها، وكأنها تصعد إلى الهاوية، لتصل إلى 70 ألفاً مقابل الدولار، وفقاً لمراقبين ومحللين اقتصاديين.
وخلال الفترة الأخيرة، شهدت مكاتب الصرافة في إيران إقبالاً متزايداً من عملاء على شراء الدولار لاعتقادهم أن أمريكا ستنسحب من الاتفاق النووي، وهذا ما يفسر انتشار الطوابير الطويلة أمام مكاتب الصرافة منذ أسابيع، الأمر الذي اعتبره مراقبون ومحللون ناتجاً عن ضبابية الموقف الأمريكي إزاء طهران. وربما هذا ما دفع البنك المركزي الإيراني إلى إعلان سلسلة من التدابير لوقف تراجع الريال في مقابل العملات الأجنبية مثل الدولار، وفي طليعتها رفع معدلات الفائدة على حسابات الإيداع. ولجأ البنك المركزي الإيراني إلى إغراء المودعين بفوائد مرتفعة، بعدما خسر الريال الإيراني ثلث قيمته مقابل الدولار خلال الأشهر الستة الماضية، مع تلاشي الآمال بطفرة في الاستثمار الأجنبي، إثر تهديد ترامب المستمر بإنهاء الاتفاق النووي. ولذلك لجأ البنك المركزي الإيراني إلى حيلة التساهل في السقف الذي فرضه في سبتمبر الماضي على فوائد الأموال المودعة، لتشجيع المودعين على إبقاء أموالهم بالريال بدلاً من شراء عملة أجنبية. وتسمح التدابير للمصارف الإيرانية بإعطاء فائدة حتى 20 % على الإيداعات لسنة ثابتة، مقابل 15 % سابقاً، كما عرض البنك المركزي الإيراني بيع عملات ذهبية بأسعار مغرية.
ورغم الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية ومنها إغلاق الحسابات المصرفية لمئات الأشخاص الذين اعتبرتهم يثيرون اضطراباً في أسواق الصرف حيث أدانتهم السلطات بتداول ما يعادل 200 ألف مليار ريال «4 مليارات دولار»، إضافة إلى إغلاق مكاتب صرافة واعتقال عشرات الصرافين المتلاعبين بالعملة وتنفيذ حملة كبيرة من المداهمات، إلا أنها لم تستطع السيطرة على انهيار العملة الوطنية. في الوقت ذاته، تشهد إيران بين فترة وأخرى موجات من الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع تراجع الآمال بتحقيق انتعاش اقتصادي بعد توقيع الاتفاق النووي مع بقاء العقوبات الأمريكية، وهذا ما يفسر تجنب بنوك أجنبية رئيسة دخول السوق الإيراني مجدداً بسبب الخوف من التعرض لعقوبات نتيجة انتهاك العقوبات الأمريكية.
وقبل نحو 3 أسابيع، توقّع السيناتور الجمهوري الأمريكي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بوب كوركر، انسحاب الرئيس الأمريكي، من الاتفاق النووي مع إيران في مايو المقبل. لكنه رهن تراجع ترامب عن الانسحاب من الاتفاق بموقف توقع أنه ربما لن يتم ألا وهو أن يتفق الأوروبيون على إطار عمل، ولذلك سارعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا لإقناع شركائها الآخرين في الاتحاد الأوروبي بدعم فرض عقوبات جديدة على إيران كوسيلة لإقناع ترامب بالبقاء في الاتفاق النووي.
الرئيس الأمريكي الذي توعد بتمزيق الاتفاق ووصفه في أكثر من مناسبة بـ «الاتفاق السيء»، خاصة مع تشديد العقوبات على طهران إثر اتهامات بخرق البند الخاص بتجارب الصواريخ الباليستية، هدد قبل 6 أشهر بالانسحاب من الاتفاق حال فشل الكونغرس الأمريكي وحلفاء واشنطن في معالجة عيوبه.
* وقفة:
يعيش الإيرانيون على أطراف أصابعهم وسط تناقضات تتأرجح بين انهيار العملة أمام الدولار الذي بلغ 58 ألف ريال إيراني ومواجهة المرشد خامنئي اتهامات بالاستحواذ على 280 مليار دولار من أرصدة مجمدة في بنوك بجنوب إفريقيا!!
{{ article.visit_count }}
ولهذا تستعد إيران لكل السيناريوهات المحتملة بما في ذلك إما بقاء الاتفاق النووي دون الولايات المتحدة أي مع الموقعين الأوروبيين والصين وروسيا أو لا اتفاق على الإطلاق، وفقاً لتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي حذر من أن رد طهران سيكون أقوى مما يتخيل ترامب، لاسيما أن إيران حذرت قبل فترة من أنها ستسرع وتيرة برنامجها النووي إذا انهار الاتفاق بهدف الوصول إلى مستوى متقدم عما كانت عليه قبل الاتفاق. وهوى الريال الإيراني إلى مستوى منخفض بسبب مخاوف مستمرة من عودة العقوبات القاسية إذا نفذ ترامب وعيده، حيث قفز في يوم واحد من 54700 ريال إلى 58 ألف ريال في السوق المفتوحة بطهران، بينما كان سعر الدولار قد وصل منتصف سبتمبر الماضي إلى 36 ألف ريال. وبالتالي انخفضت قيمة الريال الإيراني خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة تزيد عن 6 % مقابل الدولار لتسجل أدنى معدلاتها على وقع مخاوف من انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، بينما يمكن اعتبار أن العملة الإيرانية خسرت نحو 30 % من قيمتها مقابل الدولار خلال 6 أشهر، في وقت يتزايد الفارق بين سعر السوق المفتوحة وسعر الصرف الرسمي الذي حدده البنك المركزي بـ37814 ريالاً للدولار، ما يهدد بعودة التضخم المرتفع الذي حاولت الحكومة الإيرانية السيطرة عليه لكن دون جدوى. وبينما بلغ سعر الريال 58 ألف ريال مقابل الدولار عند إغلاق السوق المفتوح، وهو انخفاض بنحو الثلث خلال الأشهر الستة الأخيرة، واصل الفرق بين السعر الرسمي للريال الذي وصل إلى 37.814 اتساعه. ومع تزايد الغموض بشأن مصير الاتفاق النووي، من المحتمل أن تواصل العملة الإيرانية انهيارها، وكأنها تصعد إلى الهاوية، لتصل إلى 70 ألفاً مقابل الدولار، وفقاً لمراقبين ومحللين اقتصاديين.
وخلال الفترة الأخيرة، شهدت مكاتب الصرافة في إيران إقبالاً متزايداً من عملاء على شراء الدولار لاعتقادهم أن أمريكا ستنسحب من الاتفاق النووي، وهذا ما يفسر انتشار الطوابير الطويلة أمام مكاتب الصرافة منذ أسابيع، الأمر الذي اعتبره مراقبون ومحللون ناتجاً عن ضبابية الموقف الأمريكي إزاء طهران. وربما هذا ما دفع البنك المركزي الإيراني إلى إعلان سلسلة من التدابير لوقف تراجع الريال في مقابل العملات الأجنبية مثل الدولار، وفي طليعتها رفع معدلات الفائدة على حسابات الإيداع. ولجأ البنك المركزي الإيراني إلى إغراء المودعين بفوائد مرتفعة، بعدما خسر الريال الإيراني ثلث قيمته مقابل الدولار خلال الأشهر الستة الماضية، مع تلاشي الآمال بطفرة في الاستثمار الأجنبي، إثر تهديد ترامب المستمر بإنهاء الاتفاق النووي. ولذلك لجأ البنك المركزي الإيراني إلى حيلة التساهل في السقف الذي فرضه في سبتمبر الماضي على فوائد الأموال المودعة، لتشجيع المودعين على إبقاء أموالهم بالريال بدلاً من شراء عملة أجنبية. وتسمح التدابير للمصارف الإيرانية بإعطاء فائدة حتى 20 % على الإيداعات لسنة ثابتة، مقابل 15 % سابقاً، كما عرض البنك المركزي الإيراني بيع عملات ذهبية بأسعار مغرية.
ورغم الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية ومنها إغلاق الحسابات المصرفية لمئات الأشخاص الذين اعتبرتهم يثيرون اضطراباً في أسواق الصرف حيث أدانتهم السلطات بتداول ما يعادل 200 ألف مليار ريال «4 مليارات دولار»، إضافة إلى إغلاق مكاتب صرافة واعتقال عشرات الصرافين المتلاعبين بالعملة وتنفيذ حملة كبيرة من المداهمات، إلا أنها لم تستطع السيطرة على انهيار العملة الوطنية. في الوقت ذاته، تشهد إيران بين فترة وأخرى موجات من الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع تراجع الآمال بتحقيق انتعاش اقتصادي بعد توقيع الاتفاق النووي مع بقاء العقوبات الأمريكية، وهذا ما يفسر تجنب بنوك أجنبية رئيسة دخول السوق الإيراني مجدداً بسبب الخوف من التعرض لعقوبات نتيجة انتهاك العقوبات الأمريكية.
وقبل نحو 3 أسابيع، توقّع السيناتور الجمهوري الأمريكي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بوب كوركر، انسحاب الرئيس الأمريكي، من الاتفاق النووي مع إيران في مايو المقبل. لكنه رهن تراجع ترامب عن الانسحاب من الاتفاق بموقف توقع أنه ربما لن يتم ألا وهو أن يتفق الأوروبيون على إطار عمل، ولذلك سارعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا لإقناع شركائها الآخرين في الاتحاد الأوروبي بدعم فرض عقوبات جديدة على إيران كوسيلة لإقناع ترامب بالبقاء في الاتفاق النووي.
الرئيس الأمريكي الذي توعد بتمزيق الاتفاق ووصفه في أكثر من مناسبة بـ «الاتفاق السيء»، خاصة مع تشديد العقوبات على طهران إثر اتهامات بخرق البند الخاص بتجارب الصواريخ الباليستية، هدد قبل 6 أشهر بالانسحاب من الاتفاق حال فشل الكونغرس الأمريكي وحلفاء واشنطن في معالجة عيوبه.
* وقفة:
يعيش الإيرانيون على أطراف أصابعهم وسط تناقضات تتأرجح بين انهيار العملة أمام الدولار الذي بلغ 58 ألف ريال إيراني ومواجهة المرشد خامنئي اتهامات بالاستحواذ على 280 مليار دولار من أرصدة مجمدة في بنوك بجنوب إفريقيا!!