لا شك في أن الضربات الغربية المحدودة التي نفذتها أمريكا وفرنسا وبريطانيا تعد عقاباً وتأديباً لنظام الرئيس بشار الأسد رداً على الهجوم الكيميائي الذي نفذه النظام قبل أيام في دوما في الغوطة بريف دمشق، وأسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين، في محاولة منه للسيطرة على آخر معاقل المعارضة في ريف دمشق، رغم محاولات النظام التقليل من وقع الضربات بنشره مقطعاً مصوراً للأسد أثناء وصول الأخير لمكتبه كالمعتاد مع عنوان مرافق للمقطع يقول «صباح الصمود»!!
وإذا كان هناك من انتقد الضربات كونها «ضربات محدودة» لم تستهدف تقويض سلطة الأسد أو القوة النارية لجيشه، إضافة إلى أنها حافظت على مصالح روسيا في سوريا كون أنها لم تصب أياً من القواعد العسكرية الروسية في البلاد، خاصة في حميميم وطرطوس، إلا أنه لا يمكن تجاهل وقع الضربات التي استخدمت فيها البوارج الحربية والمقاتلات الذكية، حيث أعادت إلى الواجهة استراتيجية الخط الأحمر لنظام الأسد حال استخدامه السلاح الكيميائي، وهو ما حذرت منه القوى الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن، ولذلك حرصت القوى الثلاث الكبرى على توجيه رسائل عسكرية لنظام الأسد وميليشياته وأبرزهم ميليشيات «حزب الله» اللبناني، وذلك بشل برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، كما حملت الضربات الغربية سلسلة رسائل سياسية أبرزها إلى موسكو بأن الأخيرة لن تستطيع حماية نظام الأسد إلى الأبد، خاصة وأنه بحسب باريس، فإن الروس، تم «إبلاغهم مسبقاً» بالضربات، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «المواقع الروسية أخليت بالكامل وتم إجلاء القوات التي كانت متمركزة فيها المواقع». كما أن الرسالة الأخرى موجهة لإيران خاصة وأن ضرب الأسد يعد إهانة لإيران وروسيا والميليشيات المسلحة التابعة له. وربما ما ذهب إليه المحلل نيكولاس هيراس من «مركز الأمن الأمريكي الجديد» الذي اعتبر أن الضربات بمثابة «ضربة على المعصم»، يصف بدقة المغزى الحقيقي من الضربات خاصة وأنه على حد قوله إن «استخدام الأسلحة الكيميائية، على فظاعته، ليس هو ما أعطى النظام السوري وسائل الحسم في ساحة المعركة، كما أن سلاحي الجو السوري والروسي، والميليشيات التابعة لإيران وسياسة الحصار الخانق ضد مناطق الفصائل المعارضة وكل ما سبق من تلك الوسائل لم يتم القضاء عليها بالضربات الغربية».
وهذا ما يفسر التصريحات الغربية إثر الضربات المتلاحقة والتي بلغت نحو 105 صواريخ، واستهدفت 3 منشآت قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» إنها مركز للأبحاث في حي برزة في دمشق ومنشأتان قرب حمص، حيث أكدت التصريحات الغربية أن الضربات اقتصرت على شل القدرات الكيميائية لنظام الأسد لكنها في الوقت ذاته لا تهدف إلى الإطاحة بالأخير أو التدخل في الصراع السوري، ولذلك وصف القيادي البارز في فصيل جيش الإسلام محمد علوش الضربات الأخيرة في سوريا بـ«المهزلة» مع استمرار بقاء الأسد في منصبه، واصفاً الضربات بأنها «معاقبة أداة الجريمة وبقاء المجرم مهزلة». واتفق رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة نصر الحريري، مع علوش في أن النظام «ربما لن يستخدم السلاح الكيميائي «السارين» مرة أخرى، لكنه لن يتردد في استخدام الأسلحة التي سمح له المجتمع الدولي باستخدامها كالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والصواريخ المجنحة والكلورين بكميات قليلة». ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لعضو الوفد المفاوض هادي البحرة الذي كتب على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «نوعية ضربات اليوم أرسلت رسالة واحدة للأسد «لا يمكنك الاستمرار في قتل الأطفال السوريين بالأسلحة الكيميائية، استخدم فقط الأسلحة التقليدية»»!! لكن في الوقت ذاته، ومع اختلاف وجهات النظر حول الضربات الغربية، لا شك في أنها كانت ضرورية لحماية المدنيين في جميع الأراضي السورية ومنع استخدام أي أسلحة محظورة، في حين أن العقاب الأمريكي لنظام الأسد لم يكن الأول، فقبل عام تقريباً، أطلقت القوات الأمريكية بأمر الرئيس دونالد ترامب نحو 59 صاروخاً من نوع كروز على قاعدة الشعيرات التابعة للنظام السوري رداً على هجوم لجيش الأسد بغاز السارين أودى بحياة العشرات في خان شيخون في ريف إدلب شمال غرب البلاد.
ويمكن بوضوح استيعاب الرسائل السياسية للقوى الثلاث، فيما تبدو الرسالة الفرنسية أكثر وضوحاً في سعي باريس لإحياء العملية السياسية من خلال مفاوضات جنيف لإنهاء الأزمة السورية، وهذا ما يفسر تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، التي أكد فيها سعي بلاده إلى مد اليد إلى موسكو، قائلاً «نحن مستعدون للعمل منذ الآن مع جميع البلدان التي يمكن أن تساهم فيها»، حيث تأمل باريس في «العمل بجدية» مع روسيا، للتوصل إلى «حل سياسي»، كما أعلن الإليزيه. ومن هنا تريد باريس عودة المعارضة إلى المفاوضات حيث تعوض الضربة المحدودة بشكل أو بآخر الانتصارات الأخيرة للأسد على الأرض، خاصة وأنه بعد حلب وحمص، استعاد النظام المدعوم عسكرياً من روسيا وإيران، الغوطة الشرقية في 12 أبريل. وبعد الانتصارات العسكرية، بات يسيطر من جديد على نحو 60% من الأراضي السورية، وسط توقعات بأن يهاجم درعا في الجنوب، ثم إدلب شمال غرب البلاد، باعتبار الأخيرة آخر محافظة كبيرة مازالت تحت سيطرة الفصائل والمتشددين، وبالتالي ما أحوج جميع المنخرطين في الأزمة السورية إلى مفاوضات جنيف، خاصة وأن «مؤتمر سوتشي واجه فشلاً كبيراً والجميع باتوا نوعاً ما في مأزق حول العملية السياسية»، وفقاً لتصريحات مسؤول في الحكومة الفرنسية.
* وقفة:
رأت القوى الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن اللجوء لخيار الضرب على «معصم الأسد» بشل قدراته الكيميائية دون الحاجة لقرار دولي باعتبار أن الأمر ضرورة أخلاقية!!
وإذا كان هناك من انتقد الضربات كونها «ضربات محدودة» لم تستهدف تقويض سلطة الأسد أو القوة النارية لجيشه، إضافة إلى أنها حافظت على مصالح روسيا في سوريا كون أنها لم تصب أياً من القواعد العسكرية الروسية في البلاد، خاصة في حميميم وطرطوس، إلا أنه لا يمكن تجاهل وقع الضربات التي استخدمت فيها البوارج الحربية والمقاتلات الذكية، حيث أعادت إلى الواجهة استراتيجية الخط الأحمر لنظام الأسد حال استخدامه السلاح الكيميائي، وهو ما حذرت منه القوى الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن، ولذلك حرصت القوى الثلاث الكبرى على توجيه رسائل عسكرية لنظام الأسد وميليشياته وأبرزهم ميليشيات «حزب الله» اللبناني، وذلك بشل برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، كما حملت الضربات الغربية سلسلة رسائل سياسية أبرزها إلى موسكو بأن الأخيرة لن تستطيع حماية نظام الأسد إلى الأبد، خاصة وأنه بحسب باريس، فإن الروس، تم «إبلاغهم مسبقاً» بالضربات، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «المواقع الروسية أخليت بالكامل وتم إجلاء القوات التي كانت متمركزة فيها المواقع». كما أن الرسالة الأخرى موجهة لإيران خاصة وأن ضرب الأسد يعد إهانة لإيران وروسيا والميليشيات المسلحة التابعة له. وربما ما ذهب إليه المحلل نيكولاس هيراس من «مركز الأمن الأمريكي الجديد» الذي اعتبر أن الضربات بمثابة «ضربة على المعصم»، يصف بدقة المغزى الحقيقي من الضربات خاصة وأنه على حد قوله إن «استخدام الأسلحة الكيميائية، على فظاعته، ليس هو ما أعطى النظام السوري وسائل الحسم في ساحة المعركة، كما أن سلاحي الجو السوري والروسي، والميليشيات التابعة لإيران وسياسة الحصار الخانق ضد مناطق الفصائل المعارضة وكل ما سبق من تلك الوسائل لم يتم القضاء عليها بالضربات الغربية».
وهذا ما يفسر التصريحات الغربية إثر الضربات المتلاحقة والتي بلغت نحو 105 صواريخ، واستهدفت 3 منشآت قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» إنها مركز للأبحاث في حي برزة في دمشق ومنشأتان قرب حمص، حيث أكدت التصريحات الغربية أن الضربات اقتصرت على شل القدرات الكيميائية لنظام الأسد لكنها في الوقت ذاته لا تهدف إلى الإطاحة بالأخير أو التدخل في الصراع السوري، ولذلك وصف القيادي البارز في فصيل جيش الإسلام محمد علوش الضربات الأخيرة في سوريا بـ«المهزلة» مع استمرار بقاء الأسد في منصبه، واصفاً الضربات بأنها «معاقبة أداة الجريمة وبقاء المجرم مهزلة». واتفق رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة نصر الحريري، مع علوش في أن النظام «ربما لن يستخدم السلاح الكيميائي «السارين» مرة أخرى، لكنه لن يتردد في استخدام الأسلحة التي سمح له المجتمع الدولي باستخدامها كالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والصواريخ المجنحة والكلورين بكميات قليلة». ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لعضو الوفد المفاوض هادي البحرة الذي كتب على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «نوعية ضربات اليوم أرسلت رسالة واحدة للأسد «لا يمكنك الاستمرار في قتل الأطفال السوريين بالأسلحة الكيميائية، استخدم فقط الأسلحة التقليدية»»!! لكن في الوقت ذاته، ومع اختلاف وجهات النظر حول الضربات الغربية، لا شك في أنها كانت ضرورية لحماية المدنيين في جميع الأراضي السورية ومنع استخدام أي أسلحة محظورة، في حين أن العقاب الأمريكي لنظام الأسد لم يكن الأول، فقبل عام تقريباً، أطلقت القوات الأمريكية بأمر الرئيس دونالد ترامب نحو 59 صاروخاً من نوع كروز على قاعدة الشعيرات التابعة للنظام السوري رداً على هجوم لجيش الأسد بغاز السارين أودى بحياة العشرات في خان شيخون في ريف إدلب شمال غرب البلاد.
ويمكن بوضوح استيعاب الرسائل السياسية للقوى الثلاث، فيما تبدو الرسالة الفرنسية أكثر وضوحاً في سعي باريس لإحياء العملية السياسية من خلال مفاوضات جنيف لإنهاء الأزمة السورية، وهذا ما يفسر تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، التي أكد فيها سعي بلاده إلى مد اليد إلى موسكو، قائلاً «نحن مستعدون للعمل منذ الآن مع جميع البلدان التي يمكن أن تساهم فيها»، حيث تأمل باريس في «العمل بجدية» مع روسيا، للتوصل إلى «حل سياسي»، كما أعلن الإليزيه. ومن هنا تريد باريس عودة المعارضة إلى المفاوضات حيث تعوض الضربة المحدودة بشكل أو بآخر الانتصارات الأخيرة للأسد على الأرض، خاصة وأنه بعد حلب وحمص، استعاد النظام المدعوم عسكرياً من روسيا وإيران، الغوطة الشرقية في 12 أبريل. وبعد الانتصارات العسكرية، بات يسيطر من جديد على نحو 60% من الأراضي السورية، وسط توقعات بأن يهاجم درعا في الجنوب، ثم إدلب شمال غرب البلاد، باعتبار الأخيرة آخر محافظة كبيرة مازالت تحت سيطرة الفصائل والمتشددين، وبالتالي ما أحوج جميع المنخرطين في الأزمة السورية إلى مفاوضات جنيف، خاصة وأن «مؤتمر سوتشي واجه فشلاً كبيراً والجميع باتوا نوعاً ما في مأزق حول العملية السياسية»، وفقاً لتصريحات مسؤول في الحكومة الفرنسية.
* وقفة:
رأت القوى الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن اللجوء لخيار الضرب على «معصم الأسد» بشل قدراته الكيميائية دون الحاجة لقرار دولي باعتبار أن الأمر ضرورة أخلاقية!!