من بين ما نشرته الصحف العراقية سنة 1924 قرار صادر عن أمانة عاصمة بغداد هذا نصه: «قرر مجلس أمانة العاصمة منح الشاعر العراقي المعروف عبدالمحسن الكاظمي نزيل مصر خمسمائة روبية إكراماً له وتقديراً لعبقريته لتساعده على إزالة ما هو عليه من قلة ذات اليد».
عبدالمحسن الكاظمي شاعر عراقي من مدينة بغداد، كان مشهوراً بارتجال الشعر ترك العراق وهاجر سنة 1897 أي قبل تأسيس المملكة العراقية بأربع وعشرين سنة أيام حكم السلطان عبدالحميد، وكانت هجرته هرباً من السلطة آنذاك بعدما طاردته بسبب زيارة من جمال الدين الأفغاني له عندما مر بالعراق، فالسلطان عبدالحميد كان يعتبر الأفغاني عميلاً للإنجليز.. اضطر الشاعر عبدالمحسن إلى التجوال في إمارات الخليج العربي ثلاث سنوات تقريباً بعدها قرر العيش والاستقرار في أوروبا، وفي طريقه مر بمصر فاشتهر بالقاهرة منذ بداية وصوله وحصل على كل الترحاب والمودة من الشيخ محمد عبده الذي بره كثيراً، فقرر البقاء بالقاهرة وهناك تزوج بالسيدة عائشة بنت المجاهد التونسي محمود أحمد الحسين الذي كان هو الآخر مقيماً بالقاهرة أيضاً، هرباً من الغزاة الفرنسيين. بعد وفاة الشيخ محمد عبده مر عبدالمحسن بأيام من الفقر والضنك، فعلمت بذلك الحكومة العراقية أيام الملك فيصل الأول، ومع أن الشاعر عبدالمحسن كان بعيداً عن العراق مفارقاً له من 27 سنة ولا يفكر بالرجوع إليه حتى بعد نهاية العثمانيين وتأسيس المملكة لكن الدولة أرسلت له مبلغاً من المال بدون طلب منه حتى تعينه على تحسين أحواله إكراماً له لأنهم يعتبرونه أحد أبناء البلد من أصحاب الأدب والإنتاج الفكري. هذا الموقف كان في سنة 1924 أي أن عمر الدولة الحديثة لم يتجاوز ثلاث سنوات ومواردها قليلة والدولة تحت الانتداب البريطاني، لكن تديرها عقلية رجال دولة يعرفون كيف تبنى الدول، وهذا هو الفارق بين عقلية رجال الدولة الذين بنوا العراق الحديث وعقلية العصابات ورجالها الذين تسلطوا على العراق بعد غزوه فكانت مهمتهم هدم الدولة، ولذلك عملوا بعكس ذلك النهج المذكور، وبدلاً من إكرام علماء البلد ومثقفيه كان أول عمل لهم هو تصفية العلماء والمفكرين والمثقفين بالقتل والتهجير والاعتقال، ومن نفذ بجلده بقي مطارداً لا يجرؤ على العودة إلى بلده، أما من لم تصبه واحدة من هذي الأمور فأصابه الإفقار وهو داخل البلد، والنتيجة ما نراه اليوم على الساحة الثقافية والعلمية بالعراق والتي امتلأت بأنصاف الأميين والجهلة.. لكن الشهادة لله الدولة بقيت محافظة على نهج صرف الأموال تحت بند تحسين الحال، لكن هذه الأموال يصرفها المتحكمون بمقدرات الدولة من الذين يسمون أنفسهم سياسيين لكل «سياسي» زميل جديد داخل يترزق معهم!
عبدالمحسن الكاظمي شاعر عراقي من مدينة بغداد، كان مشهوراً بارتجال الشعر ترك العراق وهاجر سنة 1897 أي قبل تأسيس المملكة العراقية بأربع وعشرين سنة أيام حكم السلطان عبدالحميد، وكانت هجرته هرباً من السلطة آنذاك بعدما طاردته بسبب زيارة من جمال الدين الأفغاني له عندما مر بالعراق، فالسلطان عبدالحميد كان يعتبر الأفغاني عميلاً للإنجليز.. اضطر الشاعر عبدالمحسن إلى التجوال في إمارات الخليج العربي ثلاث سنوات تقريباً بعدها قرر العيش والاستقرار في أوروبا، وفي طريقه مر بمصر فاشتهر بالقاهرة منذ بداية وصوله وحصل على كل الترحاب والمودة من الشيخ محمد عبده الذي بره كثيراً، فقرر البقاء بالقاهرة وهناك تزوج بالسيدة عائشة بنت المجاهد التونسي محمود أحمد الحسين الذي كان هو الآخر مقيماً بالقاهرة أيضاً، هرباً من الغزاة الفرنسيين. بعد وفاة الشيخ محمد عبده مر عبدالمحسن بأيام من الفقر والضنك، فعلمت بذلك الحكومة العراقية أيام الملك فيصل الأول، ومع أن الشاعر عبدالمحسن كان بعيداً عن العراق مفارقاً له من 27 سنة ولا يفكر بالرجوع إليه حتى بعد نهاية العثمانيين وتأسيس المملكة لكن الدولة أرسلت له مبلغاً من المال بدون طلب منه حتى تعينه على تحسين أحواله إكراماً له لأنهم يعتبرونه أحد أبناء البلد من أصحاب الأدب والإنتاج الفكري. هذا الموقف كان في سنة 1924 أي أن عمر الدولة الحديثة لم يتجاوز ثلاث سنوات ومواردها قليلة والدولة تحت الانتداب البريطاني، لكن تديرها عقلية رجال دولة يعرفون كيف تبنى الدول، وهذا هو الفارق بين عقلية رجال الدولة الذين بنوا العراق الحديث وعقلية العصابات ورجالها الذين تسلطوا على العراق بعد غزوه فكانت مهمتهم هدم الدولة، ولذلك عملوا بعكس ذلك النهج المذكور، وبدلاً من إكرام علماء البلد ومثقفيه كان أول عمل لهم هو تصفية العلماء والمفكرين والمثقفين بالقتل والتهجير والاعتقال، ومن نفذ بجلده بقي مطارداً لا يجرؤ على العودة إلى بلده، أما من لم تصبه واحدة من هذي الأمور فأصابه الإفقار وهو داخل البلد، والنتيجة ما نراه اليوم على الساحة الثقافية والعلمية بالعراق والتي امتلأت بأنصاف الأميين والجهلة.. لكن الشهادة لله الدولة بقيت محافظة على نهج صرف الأموال تحت بند تحسين الحال، لكن هذه الأموال يصرفها المتحكمون بمقدرات الدولة من الذين يسمون أنفسهم سياسيين لكل «سياسي» زميل جديد داخل يترزق معهم!