«هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها إليكم، لا ألومكم لعدم الرد، ولكن الواقع هو أن لدينا تقليداً في أسرتنا وهو تناول الآيس كريم كتحلية بعد العشاء كل ليلة، في كل ليلة نوع الآيس كريم يختلف، حيث نصوت في كل مرة على نوع الآيس كريم الذي سنتناوله هذه الليلة، وهنا مكمن المشكلة، فقد قمت مؤخراً بشراء سيارة جديدة من شركتكم، ومنذ ذلك الحين أصبح ترددي على السوبرماركت لشراء الآيس كريم مشكلة فقد لاحظت أنني عندما أشتري آيس كريم «الفانيلا» وأعود للسيارة لا يعمل المحرك معي ولا تدور السيارة، أما إذا اشتريت أي نوع آيس كريم آخر تدور السيارة بسرعة عادية جداً، صدقني أنا جاد في ما أقول».
عندما وصل الخطاب إلى الرئيس التنفيذي للشركة المصنعة للسيارة، أرسل أحد مهندسي الصيانة لمنزل صاحب السيارة، أراد مالك السيارة أن يثبت للمهندس صدق ما يقول فأخذه في جولته المعتادة لشراء الآيس كريم، نزل من السيارة واشترى آيس كريم «الفانيلا» من نفس السوبرماركت وعادا للسيارة، كانت لحظة حاسمة للمالك، استجمع شجاعته وأدار المفتاح.. وحصل المعتاد لم يعمل المحرك، اندهش مهندس الصيانة وبدأ فحصه الفوري، ولكن الأمر انتهى دون نتيجة، في اليوم التالي خاضا نفس التجربة ولكن هذه المرة اشترى مالك السيارة آيس كريم آخر غير الـ«الفانيلا» وعندما عادا للسيارة دار المحرك فوراً!
تعجب المهندس من ذلك ورفض الخضوع لكل قصص الجن والسحر وقرر تكرار التجربة عدة ليالٍ بعد ذلك مع تغير نوع الآيس كريم في كل مرة مع تسجيل ملاحظات دقيقة.. المسافة والزمن والمسار وأماكن التوقف والطقس وطريقة استخدام السيارة والسرعة وكمية ونوع الوقود وطبيعة الشارع وكل المعلومات المرتبطة بالرحلة إلى السوبرماركت. بعد تحليل البيانات التي جمعها، كانت أهم ملاحظة وصل إليها أن شراء الآيس كريم «الفانيلا» يستغرق وقتاً أقل من شراء أي آيس كريم آخر.
وهذا كان أول الخيط، حيث بعد التدقيق لمعرفة السبب في ذلك، وجد أن موضع عرض آيس كريم «الفانيلا» في مقدمة السوبرماركت وبكميات كبيرة نتيجة للطلب عليه وتفضيل الزبائن له، بينما بقية أنواع الآيس كريم معروضة في الجهة الخلفية من السوبرماركت مما يؤدي جلبها وشراؤها وقتاً أطول. أدرك مهندس الصيانة المشكلة وهي توقيت توقف المحرك لفترة قصيرة عند شراء آيس كريم «الفانيلا»، لا يمكن المحرك من أن يبرد قليلاً، بينما ذلك يحدث في الحالات الأخرى لشراء الآيس كريم، وأن الموضوع متعلق بالمدة التي يستريح فيها المحرك وليس بنوع الآيس كريم. انتهى الأمر بإدراك ضرورة تعديل تصنيع السيارة بحيث يتم تجاوز هذه المشكلة.
هذا ما يحدث عندما تترسخ لدى الناس مفاهيم التفكير النقدي الذي لا يتبنى أحكاماً مسبقة جاهزه بل يخضع الأمر للتجربة وللتحليل والاستنتاج، وهذا ما يحدث أيضاً عندما تكون قيادات الأعمال والقطاع العام منفتحة على جمهورها ومهتمة برضاه ولا تستخف بآرائه أو مشاكله أو احتياجاته. إنها ثقافة المؤسسة التي تتقدم من خلال الجمهور أولاً، وهي ثقافة القيادة الحقيقية وليست المستندة على وجودها، مما يمنحها منصبها فتفرض على الجمهور ما تراه وتتجاهل ما يراه.
عندما وصل الخطاب إلى الرئيس التنفيذي للشركة المصنعة للسيارة، أرسل أحد مهندسي الصيانة لمنزل صاحب السيارة، أراد مالك السيارة أن يثبت للمهندس صدق ما يقول فأخذه في جولته المعتادة لشراء الآيس كريم، نزل من السيارة واشترى آيس كريم «الفانيلا» من نفس السوبرماركت وعادا للسيارة، كانت لحظة حاسمة للمالك، استجمع شجاعته وأدار المفتاح.. وحصل المعتاد لم يعمل المحرك، اندهش مهندس الصيانة وبدأ فحصه الفوري، ولكن الأمر انتهى دون نتيجة، في اليوم التالي خاضا نفس التجربة ولكن هذه المرة اشترى مالك السيارة آيس كريم آخر غير الـ«الفانيلا» وعندما عادا للسيارة دار المحرك فوراً!
تعجب المهندس من ذلك ورفض الخضوع لكل قصص الجن والسحر وقرر تكرار التجربة عدة ليالٍ بعد ذلك مع تغير نوع الآيس كريم في كل مرة مع تسجيل ملاحظات دقيقة.. المسافة والزمن والمسار وأماكن التوقف والطقس وطريقة استخدام السيارة والسرعة وكمية ونوع الوقود وطبيعة الشارع وكل المعلومات المرتبطة بالرحلة إلى السوبرماركت. بعد تحليل البيانات التي جمعها، كانت أهم ملاحظة وصل إليها أن شراء الآيس كريم «الفانيلا» يستغرق وقتاً أقل من شراء أي آيس كريم آخر.
وهذا كان أول الخيط، حيث بعد التدقيق لمعرفة السبب في ذلك، وجد أن موضع عرض آيس كريم «الفانيلا» في مقدمة السوبرماركت وبكميات كبيرة نتيجة للطلب عليه وتفضيل الزبائن له، بينما بقية أنواع الآيس كريم معروضة في الجهة الخلفية من السوبرماركت مما يؤدي جلبها وشراؤها وقتاً أطول. أدرك مهندس الصيانة المشكلة وهي توقيت توقف المحرك لفترة قصيرة عند شراء آيس كريم «الفانيلا»، لا يمكن المحرك من أن يبرد قليلاً، بينما ذلك يحدث في الحالات الأخرى لشراء الآيس كريم، وأن الموضوع متعلق بالمدة التي يستريح فيها المحرك وليس بنوع الآيس كريم. انتهى الأمر بإدراك ضرورة تعديل تصنيع السيارة بحيث يتم تجاوز هذه المشكلة.
هذا ما يحدث عندما تترسخ لدى الناس مفاهيم التفكير النقدي الذي لا يتبنى أحكاماً مسبقة جاهزه بل يخضع الأمر للتجربة وللتحليل والاستنتاج، وهذا ما يحدث أيضاً عندما تكون قيادات الأعمال والقطاع العام منفتحة على جمهورها ومهتمة برضاه ولا تستخف بآرائه أو مشاكله أو احتياجاته. إنها ثقافة المؤسسة التي تتقدم من خلال الجمهور أولاً، وهي ثقافة القيادة الحقيقية وليست المستندة على وجودها، مما يمنحها منصبها فتفرض على الجمهور ما تراه وتتجاهل ما يراه.